ما راح تفرق!

سنة عابثة، فقدنا فيها الكثيرين، فقدنا من لا نعرف عنهم سوى أسماء وتفاصيل قد ننساها فور معرفتها، وفقدنا العزيز والقريب والصديق، فقدنا الكثيرين، ولم يبق سوى القليلين من الأحباء، والكثيرين من السفهاء، ومن يعرفني، يعرف أنني لا أتحمل الفقد، لا أتحمل الموت، لا أتحمل الغياب، لذلك كانت هذه السنة اختبار تحمل بالنسبة لي، وليس لدي أدنى فكرة إن كنت قد اجتزته أم لا!!
كانت هنالك لحظات سعيدة قليلة هذه السنة لي شخصيا!!
شهدت هذه السنة نهاية صداقات قديمة كتب عليها الفشل منذ دهر، ولكننا نقاوم مثلما نفعل دوما مع كل شيء!!
في هذه السنة تعلمت أن أتحاشى الجدل معها، ففي كل مرة أتجادل فيها معها، ينكسر شيء بداخلي، وبانكساره تتصدع باقي أجزائي، وفي كل مرة أحصد فيها نصرا زائفا، أفقد فيها جزءا من روحي، صارت روحي مشوهة، حتى الأجزاء الباقية يصعب تجميعها لتعطي شئيا مميزا، في كل مرة تشهر فيها سلاح الصمت تجاهي، أشعر بغربة سوداء موحشة بداخلي، تتآكلني، كما يتآكل الحديد بفعل الماء!!
في هذه السنة تعلمت كيف أتعامل مع النهايات، بلا مبالاة وقسوة، لم تكن قط من صفاتي، لكن هذا ما فعلته بي هذه السنة!!
في هذه السنة حاولت المحافظة على جلسات الأصدقاء المقربين من قلبي، ولو أن معظم الأشياء فقدت مذاقها!!
لم أعد أتأثر للأحداث كما كنت لدرجة المرض، صرت أغضب بالقدر المضبوط، وأحزن بالقدر نفسه، أكتئب قليلا، ثم أشرب كوبا من الماء وأستمر في الحياة!!
المرأة الوحيدة التي أوحشتني طوال السنة، وكانت تحضر في جميع المواقف وكأنها لم ترحل قط، أمي، ومازالت أتعشم في لقاء قريب بها، أتعشم استنشاق رائحة قفطانها الكحلي والذي أجزم الآن أن لحظات تمسحي به، كانت أسعد لحظاتي كلها!!
ورغم كل ذلك، انقضى العام، وأنا أتنفس، وأتحرك، بل وأحيانا، أقوم بألعاب خطرة لا تتناسب وعمري، ثم أستقر من جديد على رصيف، أستقر لحظات في مكاني وأراقب قفصي الصدري بثبات، مازال الوغد بالداخل ينبض للأسف!!
سنة لم تكن هينة، يقولون إن نهاية العالم آتية، في غضون الأيام القادمة، بعد سماع صوت الحوت الأزرق، فليكن.. ما راح تفرق!!
Fouad5azab@gmail.com