أوصى فضيلة الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبة الجمعة اليوم بتقوى الله عز وجل والتقرب إليه بمرضاته وترك محرماته ، فما فاز إلا المتقون وما خسر إلا العصاة المفسدون . وأكد فضيلته أن المؤمن قوي بإيمانه ، ثم هو قوي بإخوانه ، ويحفظه الله بإيمانه في حال الرخاء والصحة والفراغ من السقوط والتردي في المتع والمحرمات ، وينال بإيمانه بربه أعلى الدرجات بعد الممات قال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ ۖ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " ، وعن سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ " رواه مسلم ، كما أن المؤمن قوي بإخوانه ، فأخّوة الإسلام أقوى من أخّوة القرابة بالنسب ولذلك ينقطع التوارث بين المسلم والكافر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ " رواه البخاري ومسلم من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما ، فأخّوة الإسلام أعظم رابطة وأشد صلة . وذكر فضيلته أن أخّوة الدين يكون بها التعاون على تحقيق المصالح ودفع المفاسد وحفظ المجتمع من العاديات والانحراف ، وأخّوة الإسلام يكون بها التراحم والتعاطف والتكافل والتكامل في إيجاد مطالب المجتمع وحاجاتها وانتظام حياته . وأوضح فضيلته |أنه لن تستقيم الحياة إلا بالقيام بحقوق أخّوة الإسلام ، فالواجبات منها ما هو للرب جل وعلا وهو الواجب الأعظم بتوحيد الله وعبادته ومنها ما هو للخلق ، وحقوق المسلمين على ثلاث درجات أعلاها الإثار وهو تقديم حاجة المسلم وحقه على حق النفس وهذه الدرجة فاز بها المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم قال تعالى : " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " ، والدرجة الوسطى من درجات الأخّوة الإسلامية أن يحب المسلم لأخيه ما يحب لنفسه ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ " رواه البخاري ومسلم ، وأدنى درجات القيام بحق المسلم أن تكف شرّك عنه فلا تظلمه في دم ولا مال ولا عرض ولا تقع بلسانك فيه ولا يدك ولا تبخسه حقاً له ولا تمنعه من حق له مع بذل ما يوفقك الله له من الخير ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر وأن تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ . كما أكد فضيلته أن أعظم ما يضر الأخّوة الإسلامية البدع المضلة فالمبتدع يبغض من لايوافقه في بدعته ، ولا يجمع قلوب المسلمين إلا عقيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم – وصحابته ومن تبعهم بإحسان فهم المتحابون في الله وآخرهم يحب أولهم قال تعالى : " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ " . وتابع فضيلته : وأنتم معشر المسلمين قد جمعت أبدانكم فرائض الإسلام في الحج والجمع وصلاة الجماعة والأعياد فاجمعوا قلوبكم على عقيدة السلف الصالح وعلى القرآن والسنة وتذكروا أنكم راجعون إلى الله تعالى وتاركون وراءكم كل ما كان يصدكم عن الحق . وفي الخطبة الثانية قال فضيلته احذروا من غضبه والجرأة على معاصيه عباد الله لقد قامت عليكم الحجة ، واستبانت المحجة وانقطعت الأعذار فأقبلوا على العمل ، ولا يغرنكم الأمل قال تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ " وتذكروا الموت وما بعده من الأهوال التي لا ينجى فيها إلا صالح الأعمال .