وزارة الرياضة تحل مجلس إدارة نادي الشباب وتُكلف"الهويشان"برئاسة النادي مؤقتاً    فوزان وتعادلان في اليوم الثاني لبطولة المنتخبات الإقليمية تحت 13 عاماً    مجزرة «المساعدات»: 20 شهيداً أمام مراكز التوزيع في غزة    الرئيس الأميركي: لا عجلة للتحدث مع طهران    نائب أمير الرياض يلتقي سفير المكسيك    سعود بن جلوي يطلع على أنشطة الإعلام في مكة المكرمة    أمير جازان يزور بيت الحرفيين    شباك التذاكر.. حين تروى الحكاية بلهجة سعودية    فيصل بن مشعل يشهد توقيع اتفاقية ثقافية    المفتي يستقبل مفوض الإفتاء بمكة وعددًا من المسؤولين    السديس يُدشن مبادرة "زيارة مثرية" لزائري المسجد النبوي    سعود بن نايف يشيد بجهود «مكافحة المخدرات»    أمير نجران يستقبل إمام وخطيب المسجد الحرام    النصر يتعاقد مع المدافع"نادر الشراري"لمدة ثلاث سنوات    أميركا تدعو سوريا لسحب قواتها من السويداء لخفض التصعيد    35 مليون عملية إلكترونية عبر أبشر في يونيو    للمسؤول … آبار مركز الحفائر التاريخية بحاجة لأغطية حماية وإضاءة للموقع ومركز خدمات    وزير الخارجية ومدير الطاقة الذرية يبحثان تعزيز العمل الدولي    الشورى يطالب بمعالجة رفع الرسوم الجمركية للمنتجات الوطنية في الأسواق العالمية    3770 وحدة سكنية للأسر المستحقة خلال النصف الأول 2025    كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025 يحتضن منافسات Mobile Legends: Bang Bang للسيدات    القصيم: قسطرة قلبية تنقذ رضيعًا من متلازمة داون يعاني من تشوه خلقي    أمير منطقة جازان يستقبل مدير بنك الرياض بمنطقتي جازان ونجران    إيقاف 7 شركات عمرة واستدعاؤها للتحقيق لتسكينها معتمرين في سكنٍ غير مرخص    تعزيز الشراكة مع القطاعات العسكرية خطوة استراتيجية لتحقيق استدامة بيئية شاملة    البليك يطلق البحث عن مصطفى سعيد    إطلاق جمعية سقيا الماء في جازان لتروي عطش ألف أسرة    مفاوضات سعودية-أوروبية لإبرام شراكة إستراتيجية    كوالا لمبور تستضيف قرعة ملحق التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026    ارتفاع أسعار الذهب    نيابة عن أمير عسير محافظ طريب يكرم (38) متفوقًا ومتفوقة بالدورة (14) في محافظة طريب    امطار خفيفة على جنوب المملكة وطقس حار على الشرقية والرياض    حقوق الإنسان تتسلم شكاوى ضد 57 أسرة    خيول أصيلة تحرج الجيش الفرنسي    بعد توقف عامين استئناف جلسات منتدى الأحساء    إسلامية جازان تُطلق البرنامج الدعوي "الأمن الفكري في المملكة العربية السعودية " بمحافظة أبو عريش    الشؤون الإسلامية بجازان تنفذ برامج دعوية بمحافظتي بيش وصامطة لتعزيز الوعي بشروط وأهمية الصلاة    متى يجب غسل ملاءات السرير    تحسن طفيف في التلقيح العالمي للأطفال    ما الذي يدمر المفصل    مفتي المملكة يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية النور    بقيمة 143 مليار ريال.. 454 فرصة مطورة بالقطاعات الصناعية    روسيا: تصريحات ترمب خطيرة وننتظر مقترحات كييف.. واشنطن تمهل موسكو 50 يوماً لإنهاء الحرب    استغلت أحداث غزة لجمع التبرعات.. الأردن يكشف شبكة ال«30 مليون دينار» الإخوانية    يسرق بطاقات بوكيمون ب 113 ألف دولار    دعا لإعادة تأهيل المناطق المتدهورة بالشعب المرجانية.. "الشورى" يطالب بوضع آلية لرسوم وتراخيص المنشآت الترفيهية    "فلكية جدة": درب التبانة يزين ليالي الصيف    «الغباء الاصطناعي» يكلف أسترالية 50 ألف دولار    الهلال يفاوض"نونيز" بطلب من إنزاغي    نادي النجم الأزرق.. قصة نجاح في "الرابعة"    اكتمال طرح الصكوك المحلية    ناقل الحطب المحلي في قبضة الأمن    إغلاق منشأة تداولت منتجات تجميلية متلاعباً بصلاحيتها    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عون أبو طقيقه    محافظ أبو عريش يرأس اجتماع المجلس المحلي لبحث الاستعدادات لموسم الأمطار    استقبل وفداً من هيئة الأمر بالمعروف.. المفتي يثني على جهود«نعمر المساجد»    عزت رئيس نيجيريا في وفاة الرئيس السابق محمد بخاري.. القيادة تهنئ رئيس فرنسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقوق الملكية و«شيوعية» المؤلفات الدينية
نشر في عكاظ يوم 04 - 11 - 2017

هناك ظاهرة لافتة في عالم الكتب المصورة على الإنترنت، ومنصات المكتبات الإلكترونية العربية لا يمكن لأي متابع أو محب لتصفح الكتب بصيغة الpdf ألا تشد انتباهه أو تأخذ باهتمامه، وهي الانتشار الواسع المكثف والمخدوم بشكل مميز للكتب الشرعية والتراثية في العلوم المختلفة من فقه وأصول وحديث وتفسير، أو علوم الآلة من لغة وشعر وتراجم ومعاجم، وكتب التاريخ والسير أيضا. ومع أن هذا الأمر إذا نظرنا له من ناحية قانونية عامة هو بمثابة استنساخ أو خرق لحقوق المؤلف والناشر الذي يدبج طبعة كل كتاب في صفحته الأولى بعبارة (حقوق الطبع محفوظة)، إلا أن هذه الكلمة تذهب أدراج الرياح، ويتداول المتصفحون هذا الكتاب بنسخه المصورة الإلكترونية، واللافت أن جزءا كبيرا من تلك المكتبات الإلكترونية تشرف عليها أوقاف أو جمعيات خيرية بأسماء معلنة، وتحتسب في نشر تلك الكتب وإشاعتها وتوفيرها للقراء بصيغ إلكترونية متعددة، فكيف يتسق هذا العمل الخيري مع جهد يظهر من شكله العام أن تعد على حقوق الآخرين، واستنساخ لمنتجات ذات حقوق ملكية محفوظة.
الحقيقة أن هذا الموضوع مبعث تساؤل، ودافع باعث للبحث عن المسوغات والخلفيات المعرفية وجذورها من أجل فهمه وتبينه، ولست هنا بصدد الحكم عليه من ناحية قانونية أو فقهية، فموضوع الملكية الفكرية طويل متشعب ويختلف في تفاصيله وتطبيقاته باختلاف البلدان والأنظمة، لكن ما يعنينا هو مسألة حقوق الطبع والنشر بالنسبة للمؤلفات الدينية، وكيف تعامل معها المنشغلون بالعلوم الشرعية، أو من يُعرفون بفئة «العلماء وطلبة العلم»، إذ إن هناك تيارا عريضا من بينهم يصف فكرة حقوق الملكية الفكرية ب«البدعة الدخيلة»، ومبدأ ذي مرجعية غربية مادية، لا يصح تطبيقها على العلوم الشرعية، فهي مشاعة للناس لا يجوز احتكارها أو كتمانها، ومن ينشغل بها أو يؤلف فيها فإنه يفعل ذلك لوجه الله ولا يجوز له أن يأخذ على ذلك عوضاً دنيويا، لأن جزاءه في الآخرة، وبذلك أصبحت المنتجات الدينية من كتب ومصنفات وأشرطة ومحاضرات وخطب تتصف بخاصية «شيوعية» والمقصد هنا المعنى اللغوي أي أنها مشاعة لجميع الناس، تخرج من حيز الملك الخاص إلى الملك العام.
قبل أن نفصل في الرأي لابد من تكييف المسألة فقهيا، ثم (تحرير محل النزاع) كما في المصطلح الأصولي، فعبارة (حقوق الطبع محفوظة للمؤلف) يراد منه أن كل من بذل جهداً علميا في تأليف كتاب، أو ترجمته، أو تحقيق مخطوط قديم، فله حقوق ملكية، وهي تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: حقوق أدبية أو معنوية، أهمها إثبات أبوة المؤلف على مصنفه، واستمرار نسبته إليه، فليس له حق التنازل عن صفته التأليفية فيه لأي فرد أو جهة، ولا يسوغ للغير انتحاله والسطو عليه. كما أن للمؤلف سلطة التصحيح والتعديل، قبل إعادة الناشر طباعة الكتاب مرة أخرى.
لا يوجد خلاف فقهي حول الحقوق الأدبية للمؤلف، فلا يجور بأي شكل من الأشكال انتحال كتاب منشور، ونسبته إلى شخص آخر غير مؤلفه، أو انتحال أجزاء منه، أو اقتباس نصوص منه بدون الإشارة إلى الكتاب والمؤلف، ولا يجوز أيضا التعديل عليه أو إدخال فقرات في متنه بدون إذن المؤلف وإجازته. وهذه الحقوق وصفها بكر أبو زيد في كتابه (فقه النوازل) بأنها «تعطي التأليف الحماية من العبث، والصيانة عن الدخيل عليه، وتجعل للمؤلف حرمته والاحتفاظ بقيمته وجهده، هي مما علم من الإسلام بالضرورة، وتدل عليه بجلاء نصوص الشريعة وقواعدها وأصولها».
القسم الثاني: حقوق مالية أو مادية، وهي أن للمؤلف حق الانتفاع بكتابه، والاستفادة مما يترتب على طبعه ونشره من أرباح. فهي بمثابة الامتيازات المالية للمؤلف لقاء مؤلفه. وهذا الحق يفيد إعطاء المصنف دون سواه حق الاستئثار بمصنفه لاستغلاله بأي صورة من صور الاستغلال المشروعة، وهذا الحق يمتد بعد وفاة المصنف، ليختص به ورثته شرعاً، وقد يكون في بعض العقود مقيدا بفترات مؤقتة.
وهذا الشق من الحقوق هو محل الخلاف، فهل يجوز للمؤلف أخذ العوض على مؤلفه أم لا؟ خصوصاً إذا كان مجال العلوم الشرعية، ومرجع الخلاف هو قياس على مسألة خلافية حول حكم أخذ العوض المالي على تعليم القرآن والافتاء في أمور الحلال والحرام.
ويترتب على القول بعدم جواز أخذ العوض على المؤلفات الشرعية أن إعادة نسخ الكتاب أو تصويره وتوزيعه، أو تحميله على الإنترنت وإتاحته مجانا للقراء هو أمر مشروع ولا يتعارض مع حقوق المؤلف، لأن حقه الأدبي مكفول ومحفوظ، وفي حين أن الحق المالي في نظرهم يعتبر ساقطا، ف «المسلمون على شروطهم، إلا شرطا حلل حراماً أو حرم حلالا».
ومختصر أدلة الممانعين: أنه لا يجوز التعبد بعوض، والتأليف في العلوم الشرعية عبادة، وعليه فلا تجوز المعاوضة عليه. كما أن حبس المؤلف لكتابه عن الطبع والتداول إلا بثمن يعد باباً من أبواب كتم العلم، وفي الأثر: «من كتم علماً يعلمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار». إضافة إلى أن بذله للنشر والانتفاع -بمعنى جعل حق الطبع لكل مسلم- هو من باب نشر العلم، وتيسيره، وتقريبه للناس.
أما المجيزون للحقوق المادية في التأليف، فيستند رأيهم إلى عدة أدلة، منها:
1- ما ورد في الحديث «إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله». ف«إذا جاز أخذ العوض في القرآن، ففي السنة من باب أولى، وإذا جاز في الوحيين، ففيما تفرع عنهما من الاستنباط والفهوم وتقعيد القواعد، فهو أولى بالجواز».
2- أن التأليف عمل يد وفكر، وفي الأثر: «من أطيب الكسب عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور» رواه أحمد. وقوله عليه السلام: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم» رواه أصحاب السنن.
3- أنهم أجازوا أخذ الأجرة على نسخ المصحف، فعن ابن عباس أنه سئل عن أجرة كتابة المصاحف فقال: لا بأس! إنما هم مصورون، وإنما يأكلون من عمل أيديهم. واختلفوا أيضا في حكم إجارة المصحف على قولين: هما وجهان لدى الحنابلة، أحدهما الجواز. فهذان ضربان من الجواز على أخذ العوض بشأن القرآن، وهو أصل العلم وأساسه، وهو واجب النشر والتعليم، أفلا يصح بعد هذا أن يقال بجواز أخذ العوض على التأليف! (انظر: حقوق الطبع في الشريعة، إشراف: عبدالله الشنقيطي).
هذا ما يتعلق بعرض المسألة، ومحل النزاع فيها، وأدلة كل قول، لكن يبدو أن تيار الممانعين للملكية الفكرية بشقها المالي هو الذي أصبح سائدا من ناحية الممارسة الواقعية على الأقل، وقد توسعت هذه الممارسة لتشمل غالب أصناف الكتب والمؤلفات حتى غير الشرعية من فكرية وفلسفية وعلوم إنسانية وآداب عامة.
من أبرز المعاصرين الذين ناصروا الرأي القائل بمشاعية المؤلفات الشيخ صالح الحصين -رحمه الله- الرئيس السابق لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، حيث ألقى محاضرة عام 2007 على مجموعة من قضاة ديوان المظالم حول حقوق الملكية الفكرية، قال فيها «إن المؤلفات الشرعية يفترض أن مؤلفها قد ابتغى بها وجه الله، راجيا الأجر الأخروي وليس الدنيوي، وهذا هو الأساس، وبناء على ذلك فإن المؤلفات حين تصدر تخرج من حيز الملك الخاص للمؤلف إلى الملك العام للناس»...
* كاتب وباحث سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.