آخر تحديث للمقالة بتاريخ : 5 أغسطس 2014 الساعة : 2:32 مساءً آيسكريم الشعوب كان لي صديق وكان يردد هذه العبارة ( اذا اردت ان تسكت الشعوب فأعطها آيسكريم ) وكنت اضحك من قوله بسخرية فظننته يسخر هو أيضاً مني بهذه العبارة ولكني تأكدت أنه كان صادقاً فيما يقول ولم يكن يسخر مني. تذكرت مقالته اليوم عندما ذهبت مع مجموعه من أصدقائي لزيارة صديق لنا مريضاً فكانت السيارة تضج من أصواتهم وجدالهم وضحكاتهم المتعالية وأحاديثهم الصاخبة وفي طريق عودتنا أستوقفتني سيارة الآيسكريم مرت مدة طويلة لم أتذوق فيها طعم حلاوة الآيسكريم ولم أتلذذ به ، اشتريت لي واصدقائي آيسكريم وواصلنا المسير ، وفجأة انقطع ذلك الضجيج والصخب الشديد من أذني فألتفت إلى أصدقائي فإذا بهم غارقون في لذاذة الآيسكريم يلعقون أصابعم من الشوكلاته التي ذابت من اطرافه ويقبلونه بشفاههم كقبلات الأم الحنونه لجسد طفلها الناعم البرئ ، فلم أسمع سوى دوي في أذناي من صخب الهدوء المفاجئ ، فتساءلت أين ذلك الجدال والتهجم والقذف في الأعراض والسخرية من هذا وذاك ، فعلا كان صديقي القديم محقاً فيما عرج له وكان كلامه مبطناً يحمل في طياته معنىً أكثر صدقاً وتعبيراً ، فالسياسيون كانوا يوزعون على الشعوب آيسكريم مثلج ليبقي أفواههم صامتة منشغلة بالتلذذ بطعمه عن مطالبهم المجتمعية وحقوقهم المندثرة تحت أنقاض النسيان فأصبحت الإشاعات الكاذبة والمغرضة وأعراض الناس وخصوصياتهم هي آيسكريم تتلذذ به الشعوب فيصبح همها الوحيد أن تلعق ماذاب من أطرافه وتشتم رائحته الزكية الفواحه وما سوف يقصيها من همومها ومشاكلها وحقوقها. أنا لست ثائراً ضد وطن وضد سيادته وأمنه ! فالحمدلله في بلدي أشعر بأمن وطمأنينه واتمنى أن لاتزول هذه النعمة الجلية ، لكنني ثائر ضد مجتمع نائم لا يكدح لا يسعى لا يطالب بحقه يجري وراء الشائعات يتخبط في عشوائيات أفكاره لا تستقيم إرادته أو مايحلو لي تسميته ، أو ضد مسؤول لا يعي مسؤولياته أو بالأحرى ( نائم في العسل ) فمتى سنلقي بهذا الآيسكريم الذي لا يغني ولا يسمن من الجوع في حاوية النفايات لنفكر فيما هو أصلح لنا وللمجتمع. . بقلم أ. محمد سنان صحيفة نجران نيوز الالكترونية