كنت أراقب حمامة وهي تجمع أغصان الشجر لبناء عش لها فوق نافذة غرفتي ، وقد وضعت البيض في ذلك العش وكعادة الحمامة الجلوس على البيض ساعات طويلة وأيام وفي حالة سكون دون كلل أو ملل ، وما لفت انتباهي بعد ذلك أن حمامة أخرى – استنتجتُ أنها ذكر أو زوج الحمامة التي كانت تحتضن البيض – كان الذكر يكمل جمع الأغصان فكان يطير ويغيب قليلاً ثم يرجع بغصن واحد يحمله بمنقاره وهكذا استمر عدة مرات على هذا المنوال والعمل الدؤوب وتحمل المسئولية تجاه انثاه من أجل اكمال بناء العش ، ليكون عشاً مريحاً لزوجه وآمناً للزغاليل بعد خروجهم للحياة . بعد أن رأيت تلك المشاهد المليئة بالرحمة والمسئولية من الحمامتين أجريت مقارنة بين ذلك الفعل وبين تنصل أحد الزوجين من المسئولية أو الإهمال واللامبالاة تجاه الطرف الآخر أو تجاه الأطفال أو ممارسة العنف الأسري الذي غالباً ما يصدر من قبل الزوج ضد زوجته أو ضد الأبناء ، وقد تعود أسباب ذلك للإنحراف السلوكي بشتى أنواعه وذلك في حال كان يقوم الفاعل بدور الزوج أو بدور الأب أو حتى بدور الإبن والأخ الذي نزعت الرحمة من قلبه فمارس تلك السلوكيات والعنف تجاه أفراد أسرته . أتعجّب من حمامة تقدر الحياة الزوجية ومسئولية القيام بواجباتها ، وبعض البشر لا يقدرون الحياة الزوجية والمودة والرحمة التي بين الزوجين كما أخبرنا الله بذلك في كتابه العزيز قال تعالى ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ” والبعض لا يعاشرون زوجاتهم بالمعروف كما أمرنا الله بذلك في قوله ” وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ” والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: استوصوا بالنساء خيرًا فإنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، فالواجب على الزوج أن يتقي الله، ويراقب الله وأن يعاشر زوجته بالمعروف، بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، لا يضرب ولا يقبح، وأن يكون كلامه طيباً وفعله طيبً . إن تحمل الزوجين مسئولية الحياة الزوجية والأسرية يحقق الأستقرار العام للأسرة و يحد من المشكلات داخلها . *أخصائي أول اجتماعي