من تابع تغطية قنوات التواصل الاجتماعي لقرار إنهاء تكليف معالي الدكتور عزام الدخيل وزير التعليم السابق بناء على طلبه ، وتعيينه مستشاراً في الديوان الملكي ، ومن ثم تعيين معالي الدكتور أحمد العيسى وزيراً للتعليم خلفاً له، ليوقن مدى إحساس قيادتنا بثقل وأهمية وزارة التعليم وحجم المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتق من يحمل حقيبة التعليم المليئة بالمستجدات والمشكلات والتصورات في وطن كبير باتساع الشمس والأفق. كما أن هذا الحراك الاجتماعي يبين بوضوح مدى تقدير المجتمع العالي لرسالة التعليم ومدى القلق الإيجابي في الوقت نفسه على مستقبل أبناء وبنات الوطن، وهذا ما تستشعره بقوة قيادة المملكة عند اختيار من يتولى هذه الوزارة المهمة والمؤثرة في رسم المستقبل الواعد المشرق للاستثمار الحقيقي في الموارد البشرية لوطننا الغالي حباً والعالي قدراً . لكن ما يستوقف المتابع في هذه التغطية العفوية الأولية لهذا القرار هو هذا المزيج من المشاعر باتجاه الوزير القديم والوزير الجديد واجترارالحجج والبراهين المتعلقة بكل منهما واعادة طرح موضوع الكفاءة مخلوطاً بمسألة الفكر الذي يريده المجتمع والفكر الذي يريده التطوير. ومما يزيد من هذه الأحكام الطارئة واقعية أنها تتولد من الارتباك على احتمال غياب رؤيتنا للتعليم في خضم هذه التغييرات السريعة لوزارة تحتاج إلى استقرار وزمن أطول ، وإلى تغيير حقيقي وبناء تراكمي يحافظ على الثوابت في القيم والتقدم نحو التميز لتحقيق مراكز متقدمة للتعليم في المنافسات العالمية بخطوط متوازية وإتساق متحد ومؤشرات نوعية متقدمة. إن معادلة النجاح التي ينتهجها أي وزير للتعليم في بلادنا الحبيبة هي السبق والتفرد والإبداع في إحداث التغيير الايجابي المنطلق من تحقيق رؤية خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزير حفظه الله لمستقبل الوطن ونظرته الثاقبة رعاه الله نحو استشراف الواقع الأفضل للتعليم في ظل الدعم اللامحدود له مادياً ومعنوياً ليحقق رسالته السامية وأهدافه المنشودة بعيداً عن مجابهة القيم الراسخة للدين والصراع مع ثوابته المعلومة. لهذا فالوزير الناجح من يسعى للانتقال بالوزارة من وزارة الوجاهه الى الوزارة الواجهه، ويحدث التغيير في فلسفة التعليم كمهنة الى التعليم كرسالة ومن التعليم كمسار واحد إلى التعليم كمسارات ومن التعليم كرؤية محددة إلى رؤية واسعة لخدمة الرؤية الاستراتيجية للدولة. فلم يعد مقبولا أن يظل تعليمنا في المراكز الأخيرة بسلم الترتيب العالمي ، فيجب ردم الفجوة وتقريب المسافة لنكون من العشر الاوائل عالمياً في المنظور القريب، ونؤسس لتعليم ملهم حديث بنظام تعليمي مؤسسي يقوم على المنهج العقلي والبحث العلمي والخدمة التعليمية المتميزة ، ولنحول تعليمنا من الأدرجة الى الخصخصة ومن الهلهلة الى الهيكلة، ونربط المسؤولية بالمحاسبة والشفافية بتغيير تدريجي وبثبات راسخ واتساق متناغم في كافة أركان العملية التعليمية ، مع التأكيد على أهمية الكفاءة الأخلاقية والكفاءة المهنية لدى كافة منسوبي ومنسوبات التعليم . اللهم اعن وزير التعليم الجديد في مهمته النبيلة العظيمة، وخذ بيده إلى طريق الخير والحق والفلاح ، واكتب الأجر والمثوبة لكل من سبق في هذه الوزارة وغيرها من مواقع خدمة الوطن في كل مكان وزمان، واحفظ على هذه البلاد قادتها الميامين، وادم عليها إيمانها وأمنها وشعبها الوفي ومكانتها المتقدمة. بقلم د. سعيد المبعوث مستشار تعليمي مكة المكرمة