بدء استقبال وثائق مقدمي خدمة إفطار الصائمين في رمضان بالحرمين    باكستان تدين اعتراف سلطات الاحتلال الإسرائيلي بما يسمى أرض الصومال    رئيس الوزراء الصومالي يدين إعلان الكيان الإسرائيلي المحتل الاعتراف بأرض الصومال    "التجارة" تشهر ب 60 مواطنًا ومقيمًا لارتكابهم جرائم التستر التجاري    ترقية د.رانيا العطوي لمرتبة أستاذ مشارك بجامعة تبوك    أمانة القصيم تعزز الأجواء الشعبية بفعالية الطبخ الحي في حديقة إسكان بريدة    ديوان المظالم يطلق أول هاكاثون قضائي دعمًا للابتكار    ماذا يقفد آباء اليوم ؟!    جمعية فنون التصميم الداخلي تنطلق برؤية وطنية وأثر مستدام    الأهلي يُعلن عن قميصه الثالث    مشاركة فنية تلفت الأنظار… سعاد عسيري تحوّل ركن أحد المسارحة إلى حكاية بصرية في مهرجان جازان 2026    هدف النصر والهلال.. الخليج يفرض شروطه لرحيل مراد هوساوي    حقيقة انتقال روبن نيفيز إلى ريال مدريد    رحل إنسان التسامح .. ورجل الإصلاح ..    محافظ الدرب يستقبل رئيس جمعية زاد الخير ويستعرضان مبادرات حفظ النعمة    السماء أكثر زرقة وصفاء في الشتاء لهذا السبب    شاطئ نصف القمر بالظهران وجهة سياحية بحرية مثالية بخدمات متكاملة    ختام رائع لمهرجان كؤوس الملوك والامراء 2025    اختتام الدراسة المتقدمة للشارة الخشبية في نجران بمشاركة 40 دارساً ودارسة    الجزائر تعرب عن قلقها إزاء التطورات في المهرة وحضرموت وتدعو إلى الحوار    ناويا إينوي يحافظ على لقبه العالمي في ليلة الساموراي بمحمد عبده أرينا    إصابة خالد ناري بكسور في القفص الصدري بسبب حارس النصر    مسيرات الجيش تحدّ من تحركاته.. الدعم السريع يهاجم مناطق ب«الأبيض»    السعودية تعزز المنافسة العالمية.. تمكين ابتكارات ورواد مستقبل المعادن    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    أفراح التكروني والهوساوي بزواج محمد    ضمن جهودها لتعزيز الرقابة الصحية.. جولات رقابية لمراكز فحص العمالة الوافدة    الداخلية: ضبط 19 ألف مخالف    موجز    53 مليار ريال حجم الامتياز التجاري    دعا لتغليب صوت العقل والحكمة لإنهاء التصعيد باليمن.. وزير الدفاع: لا حل ل«القضية الجنوبية» إلا بالتوافق والحوار    315 صقرًا للمُلاك المحليين تتنافس بمهرجان الملك عبدالعزيز للصقور 2025 في يومه الثالث    رواية تاريخية تبرز عناية الملك عبدالعزيز بالإبل    لطيفة تنتهي من تصوير «تسلملي»    الاتحاد يحسم مواجهة الشباب بثنائية    10 أيام على انطلاق كأس آسيا تحت 23 عامًا "2026 السعودية"    في كأس أمم أفريقيا بالمغرب.. الجزائر والسودان يواجهان غينيا وبوركينا فاسو    الخارجية اليمنية: جهود السعودية مستمرة لحفظ الأمن    عصير يمزق معدة موظف روسي    مختص: لا ينصح بأسبرين الأطفال للوقاية من الجلطات    51% إشغال مرافق الضيافة السياحية    الذهب والفضة أبرز الملاذات الآمنة في 2026    السديس يدشن أعمال اللجنة الاستشارية للغات والترجمة    إطلاق 61 كائنًا بمحمية الملك خالد    أمير المدينة يتفقد العلا    وزير الداخلية: يطمئن على صحة رجل الأمن الجندي ريان آل أحمد    الزيّ التراثي يجذب الأنظار في مهرجان جازان 2026    متى يكون فقدان الصوت خطيرا    تصعيد حضرموت: تحذير للتحالف وتحركات لاحتواء الانفلات الأمني    القبض على إثيوبيين في جازان لتهريبهم (108) كجم "قات"    رفض إفريقي وعربي لاعتراف إسرائيل بأرض الصومال    «صدى الوادي» يتجلى مع الطلاسي والتركي و«حقروص»    (117) دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر جمادى الآخرة    «أرفى» تكرّم الجهات الداعمة لمرضى التصلب المتعدد في حفل "خيركم سابق"    بيش تُضيء مهرجان شتاء جازان 2026 بهويتها الزراعية ورسالتها التنموية    وزير الداخلية تابع حالته الصحية.. تفاصيل إصابة الجندي ريان آل أحمد في المسجد الحرام    تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية يطلع على مبادرات الجوف التنموية    سلطان عمان يمنح قائد الجوية السعودية «الوسام العسكري»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير خاص-مصر تشهر الأزهر سلاحا لمواجهة التطرف .. لكن الشكوك كثيرة
نشر في أنباؤكم يوم 01 - 06 - 2015

لا يعتمد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في معركته لمحاربة التشدد الإسلامي على الطائرات الحربية وجنود الجيش فحسب بل يعتمد أيضا على جيش آخر من علماء وأئمة الأزهر الذي يرجع تاريخه لأكثر من ألف عام.
ودعا السيسي في خطاب بثه التلفزيون في يناير كانون الثاني إلى "ثورة دينية" للوصول إلى خطاب ديني "يتناغم مع عصره".
وقال أمام حشد من علماء الدين بمناسبة الاحتفال بذكرى مولد النبي محمد إن الفكر الديني المتطرف يدفع الأمة الإسلامية لأن تكون "مصدرا للقلق والخطر والقتل والتدمير في الدنيا كلها".
وشدد السيسي على أنه لا يقصد ثوابت الدين لكن الأفكار المتشددة التي اكتسبت قدسية على مدى مئات السنين وطالب علماء الدين بالاضطلاع بدورهم في هذا الشأن.
وقال "الكلام ده أنا باقوله هنا في الأزهر أمام رجال وعلماء الدين ... انتم مسؤولين أمام الله. الدنيا كلها منتظرة منكم. الدنيا كلها منتظرة كلمتكم لأن الأمة دي بتُمزق.. الأمة دي بتُدمر.. الأمة دي بتضيع.. وضياعها بأيدينا احنا."
وقال مسؤول غربي إن بعضا ممن شاركوا في اللقاء وصفوا له كيف أصيب رجال الدين الحاضرون بالدهشة من جرأة حديث السيسي لهم.
وتوجيهات السيسي الصريحة لرجال الدين جزء من مشروع أكبر. فالسيسي يستخدم القانون والنهج الأمني الصارم بشكل صريح لاحتواء النهج الإسلامي المتشدد لكنه يسعى في الوقت نفسه لنشر الوسطية والاعتدال والبعد عن السياسة في الدين.
وبالنسبة للسيسي فإن مؤسسة الأزهر تعد واحدة من أهم جبهات هذا الصراع وكذا بالنسبة للمنطقة كلها. فنتيجة الصراع في مصر مركز الفكر والثقافة العربية ستكون لها تداعيات خارج حدودها.
وبني الجامع الأزهر في القرن العاشر الميلادي والرابع الهجري وهو أحد أقدم المساجد في مصر. وتحول بعد سنوات قليلة من افتتاحه لجامعة لتدريس ونشر المذهب الشيعي حتى نهاية الدولة الفاطمية عام 1171 ميلاديه قبل أن يتحول إلى جامعا وجامعة تدرس المذاهب السنية الأربعة.
ويضم الأزهر حاليا عددا من الهيئات والكيانات من بينها جامعة الأزهر التي يدرس 450 ألف طالب في كلياتها ومراكزها العلمية والبحثية من بينهم طلاب وافدين من دول آسيوية وأفريقية. كما يضم سلسلة من المعاهد الدينية (مدارس) لمراحل التعليم قبل الجامعي المختلفة والتي يدرس بها نحو مليوني طالب وطالبة.
ولا يزال التطوير الذي ادخله الأساتذة والباحثون والوعاظ على الأزهر حتى الآن محدودا. وشمل تعديل المناهج الدراسية في التعليم قبل الجامعي بالإضافة إلى إنشاء مرصد الكتروني لتعقب ما ينشره المتشددون من فتاوى وتفسيرات للدين على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى لعلماء الأزهر تفنيدها والرد عليها بشكل أفضل. لكن لا يوجد برنامج تطوير شامل ومفصل حتى الآن وأقر القائمون على المؤسسة الدينية العريقة بحجم التحدي الذي يواجههم.
وحتى ينجح في معركته يتعين على السيسي أن ينجز ما لم يستطع الكثير ممن سبقوه انجازه وهو: تحقيق التوازن بين الإجراءات الأمنية الصارمة وبين التعليم لنشر وغرس الفكر الإسلامي المعتدل.
وأظهرت تجارب سابقة في مصر وسوريا والجزائر والعراق أن محاولات القضاء على التطرف قد تتسبب في تقوية شوكته. وحتى الآن فإن نتائج حملة السيسي متفاوتة.
فما يقال عن الرئيس من المحيطين به وممن عايشوه منذ أن كان ضابطا صغيرا بالجيش إنه شديد التدين وتعلو جبهته علامة الصلاة. كما ترتدي زوجته وابنته الحجاب. وكثر الحديث في وسائل الإعلام عن ورع السيسي وتقواه حين عينه الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين وزيرا للدفاع وقائدا للجيش في أغسطس آب 2012.
وعلى الرغم من ذلك لم يتردد السيسي في الإطاحة بمرسي أول رئيس ينتخب في انتخابات حرة في مصر بعد احتجاجات حاشدة على حكمه الذي استمر لمدة عام واتسم بالاضطرابات السياسية والاقتصادية.
ومنذ ذلك الحين شنت الحكومة حملة أمنية صارمة على جماعة الإخوان المسلمين وقتل المئات من مؤيديها واعتقل آلاف آخرون خلال الاحتجاجات والمواجهات التي تلت عزل مرسي.
وفي وقت سابق من شهر مايو أيار الجاري أحالت محكمة مصرية أوراق مرسي و106 متهمين آخرين بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان محمد بديع إلى المفتي لاستطلاع رأيه بشأن الحكم بإعدامهم في قضية تتصل بهروب جماعي من سجون مصرية إبان الانتفاضة الشعبية التي شدتها البلاد عام 2011. ومن المقرر أن يصدر الحكم في القضية يوم الثلاثاء.
وتحقيق التوازن بين هذا النوع من القوة ورسالة الاعتدال والوسطية أمر صعب.
ويقول بعض طلاب الأزهر إن لديهم شكوكا ليست بالقليلة إزاء المؤسسة وكذا خطط الحكومة. وبعضهم يصف الأزهر بأنه ناطق بلسان الدولة التي تمنح المميزات للنخب العسكرية والسياسية على حساب الأغلبية الفقيرة التي يعثر فيها المتشددون على ضالتهم وعناصرهم الجديدة.
وقال بعض الطلاب لرويترز إن الإجراءات الأمنية الصارمة تأتي بنتائج عكسية. وأضافوا أن مثل هذه الإجراءات دفعت أشخاصا كانوا أكثر انفتاحا إزاء رسالة الاعتدال إلى طريق التشدد.
ويشيد المسؤولون الغربيون بدعوة السيسي لتجديد الخطاب الديني لكنهم يتساءلون ما إذا كانت لديه خطة حقيقية لتنفيذ ذلك. وقال أحدهم "هناك نواة لفكرة كبيرة جدا فيما يريد السيسي القيام به... لكن رؤيته بشأنها ليست واضحة تماما وليس واضحا كيف ستنفذ."
*تطوير المناهج
يقول منتقدو الأزهر إن أئمته الكبار الذي تعاقبوا على رئاسته اعتادوا إصدار فتاوى وبيانات تتماشى مع سياسة الحكومة. فخلال عهد حسني مبارك الذي حكم البلاد لثلاثة عقود وأطيح به من السلطة عام 2011 وحتى قبل ذلك كان تعيين شيخ الأزهر الذي يلقب بالإمام الأكبر يتم بمرسوم رئاسي.
وأقر المجلس العسكري الذي أدار شؤون البلاد مؤقتا عقب سقوط مبارك تعديلات على قانون إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها الصادر عام 1961 منحت المؤسسة قدرا من الاستقلالية. وتتيح التعديلات لهيئة كبار العلماء التابعة للأزهر انتخاب الإمام الأكبر لكن يجب أن يصدق رئيس الجمهورية على تعيينه.
وبعد انتخب مرسي رئيسا في 2012 وجه الأزهر انتقادات كثيرة لسياساته واتهم جماعة الإخوان المسلمين بالسعي للسيطرة على المؤسسة من خلال تعيين رجالها في المناصب العليا. ورغم فشلها في تعيين مسؤولين كبار في مشيخة الأزهر المقر الرئيسي للمؤسسة نجحت الجماعة إلى حد ما في اختراق الجامعة بانتخاب عدد من أعضائها ومؤيديها لعمادة الكثير من الكليات.
وعقب الإطاحة بمرسي تخلص الأزهر من الأساتذة والعمداء المؤيدين لمرسي وأدخلت تعديلات قانونية أعادت نظام تعيين العمداء وألغت نظام الانتخاب الذي أقر عقب انتفاضة 2011. كما دعم الأزهر حملة الحكومة على جماعة الإخوان المسلمين والجماعة المتشددة.
وكان شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب أحد الشخصيات العامة والسياسية التي تراصت خلف السيسي حين أعلن بيان عزل مرسي في 2013 بعد أيام من بدء الاحتجاجات الشعبية على حكمه.
وأدخلت تعديلات جديدة على قانون الأزهر تنص على فصل أي طالب أو عضو بهيئة التدريس إذا حرض أو دعم أو شارك في الاحتجاجات التي تعطل الدراسة أو أثار الشغب أو التخريب.
وقال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر إن المؤسسة بدأت في عام 2013 العمل على تعديل وتبسيط مناهج مراحل التعليم قبل الجامعي لتتماشى مع متغيرات العصر الحديث. وأضاف أنه تم حذف بعض المسائل الفقهية التي تتعلق بأمور مثل غنائم الحروب والرق لأنها لم تعد صالحة للتطبيق في العصر الحديث.
وجاء في مقدمة كتاب أصول الدين للصف الثالث الإعدادي بعد تطوير المنهج "نحن إذ نقدم هذا المحتوى العلمي لأبنائنا نسأل الله عز وجل أن يكون عونا لهم على التحلي بالسماحة والوسطية ودعوة الناس إليها بما يحقق سعادة المجتمع وتوصيل صورة الإسلام الصحيحة للناس". وذيلت المقدمة بتوقيع لجنة تطوير المناهج بالأزهر الشريف التي يترأسها شومان.
وقال شومان وهو يجلس بمكتبه في مشيخة الأزهر في القاهرة القديمة إن التعديلات التي أجريت على المناهج كافية وحافظت على التراث الإسلامي لكنها قدمته بشكل مبسط حتى يسهل على الطلاب فهمه.
وقال "الأزهر قائم على التراث الإسلامي لكن التراث الإسلامي ليس كله مقدسا."
ويصر الأزهر على أنه لا يمكن للطلاب التعامل مع كتب التراث مباشرة دون توجيه وشرح. وقال الدكتور عبد الفتاح العواري عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر إن لجانا علمية متخصصة شكلت في الكليات المختلفة لمراجعة الكتب الدراسية التي يؤلفها الأساتذة حتى تضمن خلوها من أي تفسيرات متشددة أو غير صحيحة للنصوص التراثية.
ويحاول الأزهر في الآونة الأخيرة أيضا تحديث وسائل التواصل مع المجتمع. فقد أطلق قناة على موقع يوتيوب على الانترنت للتصدي لخطاب المتشددين وبدأ في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للتنديد بفظائع وجرائم تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد وتفنيد خطابه. كما تجوب قوافل لعلماء ووعاظ الأزهر مراكز الشباب في أنحاء البلاد المختلفة بهدف جذب الشباب للأفكار المعتدلة وتحصينهم من الأفكار المتشددة.
وقال الدكتور عبد الحي عزب رئيس جامعة الأزهر لرويترز "جامعة الأزهر الشريف تعمل على تربية العلماء .. تربية الدعاة .. تربية الأطباء .. تربية المهندسين .. الزراعيين."
وأضاف "حين تقدم جامعة الأزهر الخدمات العلمية والتعليمية والبحثية للمجتمع فإنه يجب أن تكون هذه الأمور من منظور ديني صحيح بمعنى: نعلم الناس أن الدين لا يقف عائقا أمام تقدم المجتمع وأن الدين جاء لينظم أمور الدنيا كلها .. فالدين يشجع البحوث في المجالات المختلفة كلها."
* فقه ميسر
ولم تحظ التغييرات بترحيب الجميع في الجامعة التي شهدت العديد من الاحتجاجات والمصادمات العنيفة بعد عزل مرسي. ويعارض بعض الطلاب التعديلات التي أدخلت على بعض المناهج.
وقال الطالب يوسف حمدي بالفرقة الثالثة بكلية أصول الدين "لم ندرس المذاهب الأربعة والاختلافات بينهم والتي تتضمن بعض الأمور المتشددة مثل تكفير المسيحيين أو رد الظلم بالقوة أو الخروج على الحاكم واصحبنا ندرس الفقه الميسر."
وشأنه شأن بعض الطلاب الآخرين يرى أن إصلاح المناهج يعني عدم دراسة كل تعاليم الإسلام وانتقاء بعضها واستبعاد البعض الآخر. ونتيجة لذلك يقول حمدي إن بعض الطلاب يلجأون لقراءة كتب الفقه التراثية.
وقال "يتحول عدد من الطلبة إلى متشددين لان الأزهر تركهم يفتشون ويفهمون ما هو متشدد دون مساعدتهم. بعضهم يفهم هذا التشدد بالخطأ ويتحول إلى أحد العناصر الإرهابية ويشارك في عمليات إرهابية وهو مقتنع بأنه على صواب."
وقال طالب آخر رفض نشر اسمه وطلب اجراء المقابلة داخل مترو الأنفاق ليتفادى رصد الأمن له إن تبسيط مناهج الفقه أثار غضبا بين الطلاب.
وأضاف "يريدون تغير المناهج .. وهو احنا أصلا بناخد مناهج ..دول عاملين فقه ميسر."
وقال شومان وكيل الأزهر إن تبسيط المناهج لم يضعف من الفقه المدروس. وقال "مع تطور هذا الزمان هناك الكثير من الأحكام تحتاج إلى معالجة جديدة تناسب العصر.. هذا ما تم في المناهج الجديدة."
وأضاف "هذا هو المقصود: إذا كانت هناك أحكام غير مناسبة للعصر فشريعتنا تقبل. يعاد النظر فيها لوضع الأحكام المناسبة لهذا الزمان."
وقال إتش. إيه. هيلر الزميل غير المقيم في مركز سياسة الشرق الأوسط بمعهد بروكينجز ومقره واشنطن "يحتاج الطلاب تمكينهم من تفسير هذه المراجع بشكل صحيح ... وإلا سينتهي بهم الأمر ليكونوا عرضة للوقوع فريسة في يد المتطرفين الذين سيقدمون لهم هذه المراجع ولكن بطريقة مشوهة للغاية."
ودافع الدكتور عبد الفتاح العواري عن المناهج الشرعية التي تدرس بالجامعة وانتقد ذهاب بعض الطلاب لكتب التراث دون شرح أو توجيه. وقال "الطلاب يتركون ما قد يسرت عبارته وأوضح المشكل فيه ويذهبون إلى كتب لا يفهمون عباراتها."
وأضاف "الأصل في قراءة الكتب التراثية أن تتلقى على يد المعلم ولا يقرأ الطالب أي كتاب تراثي وحده لأن عدم امتلاكه للأدوات التي تمكنه من الفهم يوقعه في الخطأ فيفهم العبارة على غير وجهها الصحيح الذي أراده كاتبها."
وليس من الصعب العثور على كتب تتضمن مفاهيم أو نصوص تحرض على التشدد. فخارج الجامع الأزهر الكائن بمنطقة القاهرة التاريخية القديمة مباشرة تمتلئ الأزقة الضيقة بعشرات المكتبات الصغيرة التي تبيع على السواء كتبا إسلامية ألفها علماء معتدلين وعلماء يستند المتشددون لتفسيراتهم وأفكارهم مثل كتب ابن تيمية وهو من علماء الإسلام الأوائل والكتب التي تضم خطب الشيخ المتشدد عبد الحميد كشك الذي توفي عام 1996.
وعثرت رويترز على كتيب صغير بعنوان (المنتقى من كلام وحكم ومواعظ شيخ الإسلام ابن تيمية) والذي يضم أقوالا للعالم الراحل دون تفسيرها أو وضعها في سياق ومن بينها عبارات كثيرة تتحدث عن الجهاد.
ومثال على ذلك عبارة تقول "الصدق في الإيمان لا يكون إلا.. بالجهاد في سبيل الله". وينتقد العلماء الوسطيون استخدام مثل هذه المقولات دون وضعها في سياقها الأصلي أو شرح لكيف ومتى يكون الجهاد.
وقال عدد من البائعين وأصحاب هذه المكتبات إنهم يبيعون كتبا دينية ممنوعة سرا مثل كتب سيد قطب أحد رموز جماعة الإخوان المسلمين في منتصف القرن الماضي والذي ينظر له على نطاق واسع كمؤسس للفكر الإسلامي المتطرف في العصر الحديث.
* سلبيات الإجراءات الصارمة
ربما تقوض الإجراءات الأمنية الصارمة محاولات إصلاح التعليم وتتسبب في تضييق آفاق المستقبل أمام الطلاب الذين يتعاطفون بالفعل مع الإسلاميين وتنفر بعض المعتدلين.
ومن الأمثلة على ذلك طالب بالمرحلة الثانوية الأزهرية يبلغ من العمر 18 عاما ويطلق على نفسه لقب أبو عبيدة الأنصاري. والتحق الشاب المراهق بالتعليم الأزهري منذ الصغر وانضم قبل عامين للاحتجاجات التي اندلعت في القاهرة لمناهضة السيسي. وكان المحتجون غاضبون من الحملة الأمنية الصارمة التي قتل خلالها المئات من أعضاء ومؤيدي الإخوان. وألقي القبض على الأنصاري الذي رفض نشر اسمه الحقيقي وأطلق سراحه بعد أيام لمجرد أنه كان يقف في الشارع مع عضو بجماعة الإخوان عند قدوم قوات الأمن لاعتقاله.
وقال الشاب لرويترز عبر فيسبوك إن الأزهر أخطأ بتأييده للسيسي. وأضاف أن الأزهر "مخترق" من أجهزة الأمن وموالي للحكام واتهمه بعدم تطبيق الشريعة الإسلامية التي يدرسها لطلابه.
وأضاف أنه تعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين وبات من مؤيديها عقب فض اعتصامين مؤيدين لمرسي بالقوة في أغسطس آب 2013 لكن أمله خاب في الجماعة التي يرى أنها رضخت بسهولة تحت وطأة ضغط الدولة.
ويقول الأنصاري الذي قرر عدم استكمال تعليمه في الأزهر إنه يريد الانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية "سواء في ليبيا أو سوريا أو العراق ... ومن ثم آتي أنا والمجاهدين إلي مصر لأقتص من كل مرتد من الجيش والشرطة علي قتل أصدقائي واعتقال أصدقائي وان كنت سأقتل في سبيل الله".
وقال إن الجهاد فرض على كل مسلم مضيفا أنه تعلم ذلك "من البحث ومن الفقه الذي ندرسه ومن فتاوى من الدولة الإسلامية".
ويشعر إسلام يحيى الطالب بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر أيضا بالغضب إزاء الحملة الصارمة التي يشنها السيسي. وقال إن "الأمن فاكر أن كل طلبة الأزهر إرهابيين أو إخوان. والحقيقة أن الأزهر فيه إخوان وسلفيين وشباب ليبرالي وعلماني وشباب لا يعرف شيئا عن السياسة أصلا."
وأضاف أن القمع زرع كراهية دفينة تجاه الشرطة.
وقال خلال لقاء مع مراسل لرويترز في مقهى شعبي بحي مدينة نصر "اثنان من أصحابي في الجامعة سافروا إلى سوريا للانضمام إلى خلايا إرهابية بعد أن تم تعذيبهم بعد القبض عليهم وأطلق سراحهما بعد شهرين من التعذيب."
وتنفي الحكومة ارتكاب أي مخالفات أو انتهاكات لحقوق الإنسان وتقول إن جماعة الإخوان وتنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة يشكلون تهديدا جسيما لمصر.
وفي الوقت ذاته قالت مصادر أمنية إن ضباطا في جهاز الأمن الوطني مكلفون بمتابعة طلاب الأزهر. وهؤلاء الضباط يتبعون إدارة متابعة النشاط الديني في جهاز الأمن الوطني وبناء على التحريات التي يجريها هؤلاء الضباط فإنهم يراقبون الطلاب الذين يشكون فيهم فقط وليس كل الطلبة.
وقال ضابط شرطة من الضباط المكلفين بعمل التحريات عن طلاب الأزهر "بالأساس احنا بنراقب كل الطلاب ولكن مراقبة عامة أما إذا ما وجدنا طلابا لديهم نشاط ديني مختلط بالسياسة فإننا نزيد مراقبتهم وتحركاتهم وأفكارهم."
وأضاف "معظم طلاب الأزهر بيكونو تحت الشك والتحريات هي التي تحسم استمرار مراقبتهم أو التوقف عن المراقبة... طلاب الأزهر بيكون عندهم ميول فكرية وأرض خصبة للتعرض للخداع والانضمام إلى الخلايا الارهابية."
ومن بين المنتقدين لمؤسسة الأزهر عبد الغني هندي مستشار الشؤون الدينية بلجنة الشؤون الدينية والاجتماعية والأوقاف بالبرلمان والذي يرى ضرورة إعادة هيكلة مؤسسة الأزهر ككل. وانتقد هندي غياب النقد الذاتي داخل الأزهر.
وقال "كل الأفكار اللي مسيطرة على المجتمع هي الأفكار المتطرفة.. الأزهر مقدرش يبقى عنده حضور ليحل محل الجماعات بصراحة.. لازم نعترف بهذا الأمر بصراحة."
وفي ابريل نيسان أشرفت وكيلة وزارة التربية والتعليم بالجيزة في ساحة مدرسة خاصة على حرق كتب كانت معروضة في مكتبة المدرسة بدعوى أنها تحض على التطرف. وأثار الإجراء انتقادات وسخرية من الإسلاميين والليبراليين على حد سواء الذين قالوا إن بعض الكتب التي أحرقت ليس لها علاقة بالدين.
وبرغم ذلك لا يزال السيسي ملتزما بحملته على التشدد ويعتقد أن الأزهر بإمكانه بذل المزيد لنشر نهج إسلامي معتدل. وقال في كلمة تلفزيونية بثت في وقت سابق هذا الشهر "الجهود المبذولة في تجديد الخطاب الديني حتى الآن مش قد التحدي الموجود."
وأضاف "الجهد المبذول حتى الآن في الحقيقة مش كفاية.. محتاجين نتحرك بسرعة أكتر من كده وكمان بفاعلية أكتر من كده."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.