النفط يتكبد خسارة أسبوعية حادة    سفير جمهورية مالطا لدي المملكة يزور قرية جازان التراثية    سحب ورياح نشطة على اجزاء من عدة مناطق بالمملكة    استقبال البلاغات على مدار الساعة بكل اللغات    الربيعة: تطبيق "نسك" متاح مجانًا دون استهلاك بيانات الإنترنت    ترمب يعلن عن عقد قمة سلام تاريخية بين أرمينيا وأذربيجان    أنواع فيتامين D وجرعاته الصحيحة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على انخفاض    %83 من القراء هجروا المجلات    ضبط مواطن لارتكابه مخالفة رعي في "محمية الإمام تركي الملكية"    عرض صقر يقطع أكثر من 600 كيلومتر في 8 ساعات    النصر يكسب ودية "رايو آفي" البرتغالي برباعية    الأسبوع الخامس يعيد رسم ملامح المنافسة في كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    «المساحة الجيولوجية»: رصد زلزال في الإمارات بقوة 3.4 درجات    البرازيل والهند تتوافقان على "الدفاع عن التعددية" في وجه رسوم ترمب    تشيلسي يعلن إصابة لاعبه بقطع في الرباط الصليبي    (عشان نصور،،،،،،!)    ريال مدريد يواصل مقاطعته لحفل الكرة الذهبية    مفاجأة في خطبة الجمعة    ترامب: مستعد للقاء بوتين حتى لو رفض الأخير لقاء زيلينسكي    سبعة آلاف خطوة تعزز الصحة    أمانة منطقة عسير توقّع اتفاقية تعاون مع جامعة الملك خالد بحضور وزير البلديات والإسكان    بهدف تطوير الخدمات الرقمية وتعزيز جودة الحياة.. أمانة منطقة عسير توقّع مذكرة تفاهم مع "بلدي" بحضور وزير البلديات والإسكان    جمعية التوفيق للأيتام تنظم حفل تعارف للأيتام    منتخب الناشئات تحت 17 عاماً يشارك في تصفيات كأس آسيا 2026    نائب وزير الحرس الوطني يطلع على برامج الإرشاد والتوجيه لتعزيز الوعي الديني والفكري    رئيس وزراء موريتانيا يغادر المدينة المنورة    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدرب    أمير جازان يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    «تصميم الحياة»... خارطة طريق لتفادي التيه الذهني والمهني    تشكيل الهلال المتوقع بعد وصول نونيز    إيران تعدم مواطنا أدين بالتجسس للموساد    العطش يلتحق بالجوع في غزة وتحذيرات من توسيع إسرائيل عملياتها    التخصصي" يحصد اعتماد "المركز الأمريكي لاعتماد التمريض" لبرامج التعليم التمريضي المهني المستمر    موسكو تدرس تقديم تنازلات لترمب بشأن أوكرانيا    قوى و مساند تحققان نتائج متقدمة في مؤشر نضج التجربة الرقمية لعام 2025    59% من منشآت القطاع الخاص دربت موظفيها على الحاسب    ديوان المظالم يفتح باب التقديم على التدريب التعاوني لطلبة الجامعات والمعاهد السعودية    المجلس الاستشاري لمركز صحي المرابي يناقش احتياجات الأهالي مع تجمع جازان الصحي لتعزيز الخدمات الطبية    فتح باب التقديم لدعم المشاريع السينمائية    2 مليون دولار لتأمين «ابتسامة» نجمة هوليود    الأرصاد: أمطار متفرقة حتى منتصف أغسطس    أم ومعلمة تقتحمان مدرسة لسرقة «امتحانات»    تفاهم بين الرياض وبغداد لمكافحة الإتجار بالمخدرات    البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال    استهداف (أبو سلة) بطائرات مسيّرة.. اشتباكات بين الجيش اللبناني ومطلوبين في بعلبك    سوريا تجهض مخططاً إرهابياً يستهدف كنيسة    احتفال الفرا وعمران    إنجاز طبي في الأحساء.. زراعة منظم ضربات قلب لاسلكي لمريض    مفردات من قلب الجنوب 9    النائب العام يستقبل سفير جمهورية مصر لدى المملكة    فريق سفراء الإعلام والتطوع" يزور مركز هيئة التراث بجازان    الأمير فهد بن سلطان يطلع على نتائج القبول بجامعة تبوك.    مركزي جازان ينجح في إزالة ثلاث عقد في الغدة الدرقية الحميدة بالتردد الحراري دون تدخل جراحي    محافظ تيماء يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة تبوك    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة جواهر بنت مساعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في خطورة القراءة الأيديولوجية للعالم
نشر في أنباؤكم يوم 04 - 01 - 2015


الحياة دولي
لا يمكن للمثقف الحر الذي تضامن مع الإخوان المسلمين في محنتهم وعبر ذلك كله مع الأصوات المنادية بالديموقراطية والتغيير في العالم العربي، لا يمكنه أن يغفل وباسم المبادئ نفسها التي جعلته يتضامن معهم، عن ضرورة عرض أفكارهم ومواقفهم على مشرحة النقد، بل ضرروة مطالبتهم بتغيير عقليتهم ورؤيتهم إلى الدين والسياسة والثقافة مرة وإلى الأبد، وإلا فإن العصر سيلفظهم كما لفظ أنظمة القهر.
فالثقافة التي يروج لها الإخوان لا تربطنا بالعصر ولا تربطنا بالماضي وإنما تختزل الاثنين معاً في رؤية أقل ما يمكننا القول عنها إنها بائسة ومثيرة للسخرية. تجمعني بين الحين والآخر لقاءات مع رجال دين مسيحيين ويهود في الجامعة الكاثوليكية في باريس أو في ألمانيا، وأندهش لقدرة رجل الدين المسيحي أو اليهودي على التفكير والتفلسف والنقد، لكنني حين أقف أمام من يمثل الإسلام اليوم لا أسمع غالباً سوى لغوٍ وثرثرة وخطاب يبعث على الحزن إن لم يكن على التقزز. ولا أتجنى على أحد إذا قلت إن على الإسلام اليوم أن يتعلم الشيء الكثير من المسيحية الغربية ومن خطابها الفلسفي ومن تجربتها. فالإسلام لم يصطدم في وقت مبكر مع الحداثة وإنجازاتها وتحدياتها، وهو ما يجعل رؤيتنا إلى الدين أبعد ما يكون عن لغة العصر اليوم، وما يجعل ثقافتنا تفرخ لرجال دين ما زالوا يعتبرون الديموقراطية كفراً والمساواة بين الرجل والمرأة تفريطاً في الدين إلخ...
فنحن لا نحتاج إلى من يحكمنا باسم الإسلام ولكن إلى أخلاق إسلامية، وشتان بين هذا وذاك وبين الأخلاق والسلطة.
إن الإخوان المسلمين حركة في المعارضة ولكنها ليست حركة معارضة. وبلغة أخرى إنها لم تؤسس لمعارضة حقيقية لثقافة الاستبداد، لهذا تظل في رأيي جزءاً من منظومة الاستبداد نفسها وليست خارجها، على رغم نواياها الحسنة. ولكن التاريخ لا يحكم على النوايا، والخطابات العاطفية وحدها لا تكفي لتغيير واقع ينوء بأمراض لا أول لها ولا آخر.
لم أكن لأفكر بكتابة هذا المقال لولا مقال قرأته لأحد المنافحين عن الحركة، وهذه المرة عن قضية ثقافية، ولكن طريقة تناولها تكشف عقلية الحركة الإسلامية ومن يمثلها وينظّر لها اليوم في العالم العربي، وتؤكد في شكل لا يدعو للشك بأن الثقافة التي تدافع عنها الحركة هي حجر عثرة أمام لحاقنا بزمن العالم، وأنها تؤبد من حيث لا تشعر قبضة الاستبداد علينا وإن كانت تتوهم أنها تقاومه.
فالاستبداد لا ولن يخاف من الحركة إلا إذا اعتنقت مبادئ الحداثة وقيمها، وبلغة أخرى إذا غيرت من رؤيتها للدين والسياسة والثقافة. أعني بالمقال ما كتبه فهمي هويدي في ذكرى طه حسين والذي جاء تعليقاً على كتاب لمحمد عمارة عن هذا العلم الكبير. لن أتوقف كثيراً أمام المقال، وسأكتفي بعنوانه: «طه حسين أوّاباً». لننتبه إلى لغة المفكر الأيديولوجي، فهو يستعمل كلمة الأوبة في مقابل كلمة الاغتراب. إن الكلمتين في حد ذاتهما مشروع، أو تعبير عن مشروعين متناقضين، أولهما مشروع مسكون بمرض الأصل أو وهمه، برغبة مرضية في العودة إلى أصل انقطعنا عنه ولا يمكننا أن نعيشه بالطريقة نفسها التي يريدها لنا التيار الأيديولوجي، وهناك كلمة الاغتراب التي يتغافل هذا التيار عن أبعادها الحضارية الكبرى وما تتضمنه وترمز إليه من لقاء بالآخر وبزمن العالم، من خروج من الذات إلى الذاتية.
يغفل المفكر الأيديولوجي ذلك، لكنه يتسرع كما عودنا دائماً في إصدار الأحكام، فهو يحكم ويحاكم ولا يفكر، وهو ابن الخطاطة التي عودتنا على الالتحام بأوهام الجماهير بدل الوقوف ضدها وفضحها. إنه يفهم الوعي النقدي كتشكيك في مقدسات المسلمين وهويتهم، ويختزل مشروع طه حسين كله في ما يسميه مرحلة الإياب، وهو بذلك لا يسيئ فهم مشروع طه حسين التنويري والثوري، بل يسيئ فهم الأبعاد الثورية للإسلام نفسه، كدين أسس للمعرفة والثورة على السائد، للاغتراب والهجرة، وليس للأوبة والتوبة.
أقرأ في «الحداثة المعطوبة» لمحمد بنيس التالي: «أعجز أحياناً عن فهم وتفسير هذا التعامل الشرس مع الذاكرة الثقافية. شراسة تأتي من كل ناحية لتلتقي عند نقطة هجران الذاكرة أو التطويح بها، بعيداً، في أعمق الظلمات. الجهات تبدو الآن جاهزة لتصفية الآثار الباقية لما تم وأنجز، هنا وهناك، وكأن الذين جاؤوا ليقولوا كلمتهم وقالوها، بجرأة واستبسال، هم مجرد وهم أو خطأ همّ بنا ذات صباح. شراسة ترغمنا على التبرؤ من تاريخنا الثقافي الحديث، فلا تسمح لنا، بعد، بالعثور في الكتابات والأعمال، فضلاً عن الكتاب والفاعلين الثقافيين، إلا على الجيف التي علينا القبول بحرقها علانية وجرها إلى المدافن الجماعية، بأمر ما يعترينا».
سيتحدث محمد بنيس في الكتاب نفسه عن طه حسين كمفكر يأتينا من المستقبل وليس من الماضي، عن مثقف تنويري أسس للشك والنقد في ثقافة تمعن حتى يومنا هذا في تجريم النقد والشك غير مدركة أنها عبر ذلك تؤبد قيم الاستبداد والتخلف.
* كاتب مغربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.