الرؤية الاماراتية يحكى أن رجلاً زوج ابنتيه، واحدة إلى فلاح والأخرى إلى صانع فخّار، فسافر الرجل بعد عام ليزور ابنتيه ويطمئن عليهما، فقصد الأولى زوجة الفلاح التي استقبلته بفرح، وحينما سألها عن أحوالها قالت: استأجر زوجي أرضاً واستدان ثمن البذور وزرعها فإذا أمطرت الدنيا فنحن بألف خير وإذا لم تمطر فإننا سنتعرض إلى مصيبة. ترك الرجل ابنته الأولى وذهب لزيارة ابنته الثانية زوجة صانع الفخار التي استقبلته بفرح ومحبة، وفي جوابها على سؤاله التقليدي عن الحال والأحوال قالت: اشترى زوجي تراباً بالدين وحوله إلى فخار، ووضعه تحت الشمس ليجف، فإذا لم تمطر الدنيا فنحن بألف خير وإن أمطرت فإن الفخار سيذوب وسنتعرض إلى مصيبة. ولمّا عاد الرجل إلى زوجته سألته عن أحوال بناتها فقال لها: إن أمطرت فاحمدي الله وإن لم تمطر فاحمدي الله. قد تمر ظروف على الإنسان وابتلاءات يسيرها الله تعالى إليه كي يرى مدى صبره وشكره على ذلك، كالمطر في هذه القصة فهو إما أن يكون نعمة أو نقمة ولكن مهما كان فهو نوع من أنواع النعم التي منَّ الله بها علينا، نحمده ونشكره، فبشكره تدوم النعم فهو مقسم الأرزاق ومغير الأحوال من حال إلى حال، فقد تكون يوماً في أحسن حال، وقد تكون في أسوء حال فاحمد الله على كل حال. فعلى الإنسان أن يحمد ربه على ما منحه من خير وفير، وقد وعد الله تعالى من يشكره سيزيده من واسع فضله، فبالشكر سيزيدك ويعوضك أجمل تعويض، يقول تعالى في كتابه العزيز: (ولَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) سورة إبراهيم 7. ومن أعظم هذه النعم نعمة الإسلام فلولا ديننا الحنيف لعاش الإنسان تائهاً وضائعاً غارقاً في شهواته ومنكراته، ولكن الحمد لله على نعمة الإسلام وأيضاً على نعمة الصحة والعافية. فبعض الناس يحسب أن ما لديه من أموال وخير وصحة هي نتيجة جهد وتعب وذكاء خارق ليس لمشيئة الله دور في ذلك، حتى إن الله تعالى أشار في كتابه العزيز إلى قلة الشاكرين بقوله: (وقليل من عبادي الشكور) سورة سبأ 13. وعلى ذكر هذه الآية هناك قصة نقلها القرطبي عن ابن أبي شيبة تقول: مر سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم برجل في السوق، فإذا بالرجل يدعو ويقول: (اللهم اجعلني من عبادك القليل، اللهم اجعلني من عبادك القليل)، فقال له سيدنا عمر: من أين أتيت بهذا الدعاء؟ فقال الرجل: إن الله يقول في كتابه العزيز: (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)، فبكى عمر رضي الله عنه وقال: كل الناس أفقه منك يا عمر. اللهم اجعلنا من عبادك القليل الذاكرين الحامدين الشاكرين، يا رب العالمين.