السفير السعودي لدى سورية: أشكر خادم الحرمين وولي العهد على الثقة الملكية بتعييني    مبابي سعيد بإحراز كأس فرنسا    تين هاج يثني على لاعبي وجماهير مانشستر يونايتد    تايكوندو الشباب تألق وعقد المتأهلين للسوبر اكتمل    استشهاد ثمانية فلسطينيين في قصف إسرائيلي على مدينة رفح    معرض تعاوني للتدريب الثاني.. يخلق فرص وظيفية لآلاف الطلاب    شركة مطوفي حجاج جنوب آسيا توزع بطاقات نُسك على الحجاج    دراسة: مزودي خدمات الاتصالات يثقون بقدرة الذكاء الاصطناعي على رفع كفاءة تشغيل الشبكات بنسبة تتجاوز 40٪    مبادرة طريق مكة بماليزيا.. ابتسامة المكان    مشرفو الحملات الإندونيسية: مبادرة "طريق مكة" طاقات بشرية وفنية سعودية من أجل راحة حجاج بيت الله    القيادة تهنئ رئيس جمهورية غويانا التعاونية بذكرى استقلال بلاده    رحيمي يرد على انتقاله إلى دوري روشن السعودي    القبض على 3 وافدين بتأشيرة زيارة لترويجهم حملات حج وهمية    المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة يلتقي المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا    إصدار التقرير الشهري عن أداء المطارات الداخلية والدولية لشهر أبريل 2024    4 ذو الحجة.. إغلاق التسجيل في خدمة النقل المدرسي للعام الدراسي القادم 1446    جمعية البر بالشرقية تتأهب للتميز الأوربي    "الداخلية" تقيم المعرض المتنقل "لا حج بلا تصريح" بالرياض    أمانة القصيم تركب لوحات قاعة الأمير بدر بن عبدالمحسن    لقاء أمير منطقة حائل مع أكبر خريجة في جامعة حائل يجد تفاعلاً واسعاً    أمير تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة الثامنة عشرة لطلاب وطالبات جامعة تبوك.. الأربعاء    الصندوق العقاري يودع 978 مليونًا لمُستفيدي سكني في مايو    رياح نشطة على أجزاء من الشرقية والرياض    إصدار كتاب حول الأحداث البارزة لمنتدى التعاون الصيني- العربي على مدى ال20 عاما    إسرائيل.. استعمارية حاقدة    رئيس وزراء السنغال يلتقي وفد مجلس الشورى في العاصمة دكار    «عيادات دله» تسعى لتقديم خدمات طبية بجودة عالية لأفراد الأسرة وطب الأسرة: رعاية وقائية وعلاجية بالقرب منك    ماكرون واللجنة الوزارية يبحثان التحرك لإيقاف الحرب على غزة    السعودية تفوز باستضافة منتدى الأونكتاد العالمي لسلاسل التوريد لعام 2026    السعودية تختتم مشاركتها في المنتدى العالمي للمياه بحصد جائزة أفضل جناح    أمير تبوك يرعى حفل تكريم خريجي مدارس الملك عبد العزيز    زلزال بقوة 6,3 درجات يضرب قبالة أرخبيل فانواتو    الأهلي المصري يتوج بدوري أبطال إفريقيا    عفوا.. «ميكروفون الحارس يزعجنا» !    «مجرم» يتقمص شخصية عامل نظافة ل20 عاماً    الماء (3)    فلسطين والعالم.. لحظة اختبار تأريخية    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج دورة الضباط الجامعيين    عزى هاتفياً رئيس السلطة بالإنابة في إيران.. ولي العهد وماكرون يبحثان تطوير التعاون ومستجدات غزة    صراع الهبوط يشعل الجولة الأخيرة    رمز الضيافة العربية    عرض فيلم " نورة " في مهرجان كان    أكد حرص القيادة على راحة الحجاج.. أمير الشمالية يتفقّد الخدمات في« جديدة عرعر»    توثيق النجاح    حلقة نقاش عن استعدادات "رئاسة الهيئة" لموسم الحج    يطلق عروسه بسبب لون عينيها    "جامعة الحدود الشمالية" في خدمة الحجيج    واتساب يختبر ميزة لإنشاء صور «بAI»    مبدأ لا حياد عنه    مختصون ينصحون بتجنّب القهوة والشاي قبله ب 3 ساعات.. «النوم الصحي» يعزز الطاقة والتوازن في الحج    تحمي من الأمراض المختلفة.. استشاري: لهذه الأسباب تكمن أهمية «تطعيمات الحج»    الدفاع المدني: تمديد التراخيص متاح عبر «أبشر أعمال»    ضبط مبتز سوري    «سكوبس» العالمية تصنف مجلة «الهندسة» بجامعة الملك خالد ضمن قواعدها العلمية    ولي العهد يعزي محمد مخبر هاتفياً في وفاة رئيسي وعبداللهيان ومرافقيهما    عملية قلب مفتوح تنقذ حياة حاج بنغلاديشي    حضور سعودي في اختتام "كان السينمائي"    أمير تبوك يرعى حفل تكريم مدارس الملك عبدالعزيز النموذجية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللغة ومفكرينا

يتميز الإنسان عن كل الكائنات الحية الأخرى بالامتدادات الخبراتية الكائنة في عملية نقل الخبرة بواسطة اللغة الملفوظة وغير الملفوظة، فالكتب التاريخية مثلاً ما هي إلا لغة ناقلة للحدث والخبرة عبر الزمان والمكان،وقس ذلك على جميع الكتب والمنتجات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وانا هنا اقصد باللغة صنفيها الملفوظة من كلمات وقواعد نحوية وأساليب أدبية، وغير الملفوظة والكائنة في لغة الجسد ونبرة الصوت.
إذن فاللغة وسيلة نقل للخبرة ، والخبرة منظومة من المعتقدات والقيم والمبادئ والتي خضعت لمستوى معين من التمحيص والترشيح والغربلة وأصبحت قابلة للثبات والتغيير بحسب المدة الزمنية ونسبة التعاطي من قبل مؤيديها أو معارضيها، وتلعب هذه الخبرة دوراً كبيراً في تشكيل الوعي العام وبناء التصورات الذهنية للمجتمع وأفراده.
فإذا أردنا مثلاً تغيير معتقد أو فكرة راسخة في بيئة محددة فيجب أن ندرك أن التغيير يكمن في الخبرة التراكمية التي صنعت المادة الخام لذلك المعتقد أو تلك الفكرة، وندرك ايضاً أن الخبرة – مهما كانت - قد نشأت بوساطة اللغة.
يغفل – للأسف – كثير من المفكرين والمثقفين والدعاة والكتّاب دور اللغة في تشكيل الخبرة العقلية في حياة المتلقين ونشوء تصرفاتهم، وما يتبع ذلك من تأثر الحالات النفسية للأفراد، ونوع السلوك الحاصل بعد ذلك، والمتمثل في طروحات فكرية أو تصرفات ظاهرية لا تحقق ما كانوا يأملونه، فكل فكرة تنشأ قابلة للنمو والتطور كقانون وسنة كونية لتصبح معتقداً أو تشكيلاً قيمياً يصعب تغييره، وقانون النمو يقول : حدوث التغيير المطرد نحو الأعلى.
فالمفكر الفطن يدرك أن الحراك القائم الآن اقتصادياً وعلمياً وتاريخياً هو في أصله حراك فكري، يُصاغ باللغة، ويَحتكِم للغة، ويثبُت في الأذهان على صيغة لغة، وتهوين صانعي الفكر والثقافة لهذا الأمر هو نكسة في صياغة النتائج وضياع على مستوى المفاهيم.
اللغة خطيرة في نظر الحكماء والفلاسفة والمفكرين الحقيقيين، وهي بسيطة في عين البسطاء ، البسطاء في فكرهم، البسطاء في فهمهم، فخطورة اللغة تكمن في دورها التكويني للعقائد والمذاهب والتوجهات، وما يمكن أن تحققه من أهداف على المدى القريب والبعيد.
وهذا لا يعني في عمومه أن ساحتنا الفكرية والثقافية فقيرة من مفكرين ودعاة وكتّاب يعون أهمية اللغة الملفوظة وغير الملفوظة في التأثير والتغيير، فهناك من يفاجئك بأساليبه الجديدة ذات البعد النفسي والتأثيري المتميز،وتلاحظهم إما عبر مشاهدة او سماع أو عبر لغة مكتوبة في كتاب أو صحيفة، إنما – للأسف - لا يشكلون دعماً معتبراً لضد ما أقول، فوجودهم ندرة لا يحقق سوى أسماء تفردت وبشكل غامر على بقية الأسماء.
وأحسب أن للتنشئة الاجتماعية لجل مفكرينا ودعاتنا وكتّابنا – وليس كلهم - الدور الأكبر في محدودية فهمهم تجاه تأثير اللغة على بناء العقل الجمعي والذي يسيطر على ضمير المجتمع ووجدانه، والذي يصعب فهم مصدره وفكرة تكوينه، بل نلاحظ في الغالب سيطرة العقل الجمعي على هؤلاء المفكرين والدعاة والمثقفين وتسخيرهم لتحقيق أهدافه، وخدمة غاياته، وبلورة لغتهم لتخدم لغته التسلطية، حتى يحسب المفكر والداعية أنه صنع فكراً جديداً أو نموذجاً إبداعياً في محيطه، وهو لا يدرك أنه يقيد لغته بقيود مجتمعه، ويحرمها من تحررية فكره، ثم وبلاوعيه يكرر ذات اللغة وبصيغ مختلفة، ليتلقفها منه المستمع والمشاهد ليمجها بعد حين.
إني أصدق أن هذا العصر هو عصر الانفتاح المعرفي الهائل، والذي وصفه الدكتور والمفكر المجدد عبدالكريم بكار بالعصر الذهبي، وبأنه فرصة للتعلم والمبادرة على كل المستويات، فهو بالفعل فرصة لمفكرينا ودعاتنا وكل مثقفينا وكتّابنا أن يستفيدوا من عطاءات هذا العصر الاستفادة القصوى على كافة الأصعدة ليتيح لهم أن يخرجوا من حمأة الجمود ويعطيهم الفرصة للاستزادة من فنون اللغة ومعطياتها.
فما هي اللغة المؤثرة التي اقصدها والذي ينبغي لكل مفكر ومثقف وداعية وكاتب أن يتعلمها ويمارسها ؟؟
إن اللغة – التي اقصد – ليست ما يفهمه البعض والتي تخلق عمه في الفهم ونطع في النص وجمود في الشعور، والتي سخر منها الدكتور والمفكر البازّ ( بز أقرانه ) عايض القرني في احدى فكاهاته إذ يقول : هناك من يزعجنا بكلماته فيقول : " نحن نعيش في بوتقة ذات أطر ...." فحق له أن يسخر على من يتفيهق بمثل هذه النصوص التي ليست بالعربية ولا باللاعربية، وكأنها رموز إغريقية تذكرني بإشارات ابن العربي التي يدعي الصوفية أنها من علوم الأسرار ، فهذه ليست لغة مؤثرة بل هي محاولة يائسة لتحويل الكلمات الى كلمات، أما اللغة المؤثرة فهي عملية انسياب الكلمات في السمع لتلامس الأحوال المقصودة فتسمح للعقل أن يفكر ويقرر.
وسيكون لنا عودة باذن الله لرسم خريطة ادراكية عن هذه اللغة الجديرة بالتعلم....
أشكركم،،
كاتب ومتخصص في التأثير اللغوي غير الواعي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.