المال والسلطة ومظاهر الثراء الفاحش من قصور وسيارات وخدم وحشم, بالتأكيد أبرز ماستشاهده في أغلب مايعرض من الدراما الخليجية على مدى السنوات الأخيرة, لترسخ بدورها الفكرة السائدة والخاطئة عن أبناء الخليج ومايملكونه من براميل نفطية داخل منازلهم. مواضيع الدراما الخليجية بدت تشبه بعضها ولاتكاد تخرج عن دوريين رئيسين لايمكن الاستغناء عنهما, دور الرجل الظالم المستبد, ودور المرأة الضعيفة المقهورة التي نراها وكأنه لم يكتب لها من المشاهد سوى مشهد البكاء والحزن, خاتمة تلك المشاهد بنهاية أكثر حزنأ, من جنون أو انتحار أو قتل باسم جريمة الشرف أو كما سماها الإعلامي محمد أبو عبيد في احدى مقالاته "جرائم قرف". الدراما الخليجية هذه الأيام لم تعد تمثل الواقع على طريقة الدراما, وإنما على طريقة أفلام الرعب, ابتداءاً من الموسيقى المخيفة التي ترافق المشهد, والشخصيات الشريرة التي يقوم الممثلون بأدأها, ناهيك عن الاكثار والتفنن في تصوير مشاهد الظلم والتعذيب والبكاء وقتل النفس الذي بات سهلاً في تلك المسلسلات. بالرغم أنني لست ضد طرح قضايا مجتمع ما, فهناك الكثير من القضايا التي ظهرت على السطح وساعد ذلك بوضع حلول وآليات للحد منها كزواج القاصرات وزواج المسيار, إلا أنني ضد أن تُعرض هذه القضايا لمجرد البحث فقط عن فكرة مسلسل جديدة مثيرة للجدل تعرض المجتمع بصورة ظلامية مخيفة. ففي هوليوود مثلاً تم تمثيل الحرب وضحاياها, وأعتقد أن ليس هناك مأساة أكبر وأشد حزناً من الحرب, ومع ذلك فقد صورتها هوليوود بشكل درامي متقن يحمل الكثير من الإبداع والفن. وأيضاً في هوليوود نفسها تم تناول قضايا المرأة, كفيلم ابتسامة الموناليزا لجوليا روبرتس الذي أدت فيه دور مدرسة لتاريخ الفنون الجميلة في كلية انجليزية للفتيات, كاثرين (اسم جوليا روبرتس في الفيلم) وهي القادمة من الولاياتالمتحدة, حاولت أن تغير التقاليد الصارمة في المؤوسسة التعليمية الانجليزية خلال العقد الخامس من القرن الماضي, تلك المؤوسسة التي كان أكبر همها هو تأهيل الفتيات للزواج دون الاهتمام بطموحاتهن المستقبلية. هذا الإبداع في طرح الأفكار والقضايا يجعلك تشاهد العمل الدرامي في جو من الاستمتاع والفائدة لتقف عند نهاية الفيلم وتصفق لكل العاملين فيه. في النهاية, أعتقد بأن القائمين على الدراما الخليجية عليهم اعادة النظر في طريقة طرحهم للقضايا الحساسة في المجتمع, حتى تكون دافعاً للتغيير وسبباً لتدارك الأخطاء في تلك المجتمعات, لا أن تدفعنا الى تغيير المحطة أو اغلاق جهاز التلفاز بسبب مايعرض فيها من حزن ونكد, وبالنسبة لي فأنني أفضل مشاهدة نشرات الأخبار على أن أشاهد مشهداً باكياً من درامتنا الخليجية.