اتحاد القدم يوقّع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الآسيوي للتعاون في مجال البرامج التعليمية    "الهلال" و"جيسوس" يتفقان على إنهاء العلاقة التعاقدية    جامعة جازان تحتفي بخريجاتها    مركز التحكيم الرياضي السعودي يستقبل طلاب القانون بجامعة الأمير سلطان    أميركا توافق على تزويد أوكرانيا بقطع غيار لمقاتلات أف-16 وتدريب طياريها    العطية يتصدر المرحلة الأولى من رالي السعودية    سجن بفرنسا يطلق عن طريق الخطأ سراح نزيل مدان بسبب تشابه الأسماء    جمعية خويد تختتم برنامج "محترف" بحفل نوعي يحتفي بالفنون الأدائية ويعزز الانتماء الثقافي    عقب فوزه على الشباب بثلاثة أهداف ... قوميز يمنح لاعبي الفتح راحة استعدادًا لمواجهة الوحدة    العطية يتصدر المرحلة الأولى من رالي السعودية.. والواجهة البحرية تستقبل الفائزين غداً    مانشستر سيتي يهزم وولفرهامبتون ويصعد للمركز الثالث مؤقتاً    القادسية يقسو على الخلود برباعية في دوري روشن للمحترفين    الصين تعفي ربع سلع أميركا من الرسوم الجمركية    وزارة الحج: العقوبات المقررة على مخالفي أنظمة وتعليمات الحج تُطبَّق على كل مخالف بلا استثناء    حرس الحدود بتبوك يحبط تهريب 29,229 كجم «حشيش»    الاتفاق يتغلب على الخليج بثنائية في دوري روشن للمحترفين    البرلمان العربي يدين الغارات التي شنها كيان الاحتلال مستهدفًا محيط القصر الرئاسي السوري    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب تطلق فعاليات المؤتمر الدولي الثاني لعلاج العقم    طلاب التعليم العام وأولياء أمورهم يدافعون عن التزامهم وحضورهم للمدارس بالأرقام    قطاع ومستشفى المجاردة الصحي يُفعّل مبادرة "إمش 30"    ذخيرة الإنسان الأخيرة" يخطف الأضواء في الطائف    أمير تبوك يستقبل رئيس لجنة جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز    نائب أمير منطقة مكة يشهد حفل التخرج الموحد للتدريب التقني والمهني    بلدية محافظة الأسياح تشارك في أسبوع البيئة    أرفى تطلق فعاليات التوعية بالتصلب المتعدد من كورنيش الخبر    وفد وزاري يناقش الخطط التنفيذية مع صحة جازان    إمام المسجد الحرام: البلايا سنة إلهية وعلى المؤمن مواجهتها بالصبر والرضا    إمام المسجد النبوي: الاشتغال بما لا يعني سببٌ للتعاسة ومصدرٌ للخصومات والندامة    أمير القصيم يشيد بجهود جمعية "كبدك" في تنمية مواردها المالية ويثني على أدائها المميز    مغادرة أولى رحلات "طريق مكة" من إندونيسيا عبر مطار جاواندا الدولي إلى المملكة    "الراجحي" يحصل على الماجسير مع مرتبة الشرف    الهلال الأحمر بالشرقية يدشّن مشروع "معاذ" للسلامة الإسعافية بجسر الملك فهد    524 جهة عارضة من 20 دولة في أسبوع الرياض الدولي للصناعة 2025    "العليان" يحتفي بتخرج نجله    مدير منظمة الصحة العالمية: وضع غزة كارثي ومليونا شخص يعانون من الجوع    نائب أمير المنطقة الشرقية يرعى تخريج الدفعة 46 من طلاب وطالبات جامعة الملك فيصل    أمير المدينة المنورة يرعى حفل تخريج الدفعة السابعة من طلاب وطالبات جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز    نظام جديد للتنبؤ بالعواصف    في إلهامات الرؤية الوطنية    ذواتنا ومعضلة ثيسيوس    الترجمة الذاتية.. مناصرة لغات وكشف هويات    المملكة نحو الريادة العالمية في صناعة الأدوية    غزة.. حصار ونزوح    تراجع الديمقراطية في أمريكا يهدد صورتها الدولية    سكرتير الأديان في بوينس آيرس: المملكة نموذج عالمي في التسامح والاعتدال    بريطانيا تنضم للهجمات على الحوثيين لحماية الملاحة البحرية    إطلاق 22 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في متنزه البيضاء    أمير تبوك: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    مدير الجوازات يستقبل أولى رحلات المستفيدين من «طريق مكة»    خلال جلسات الاستماع أمام محكمة العدل الدولية.. إندونيسيا وروسيا تفضحان الاحتلال.. وأمريكا تشكك في الأونروا    عدوان لا يتوقف وسلاح لا يُسلم.. لبنان بين فكّي إسرائيل و»حزب الله»    أمير الشرقية يثمن جهود الموارد في إطلاق 6 فرص تنموية    انخفاض وفيات حوادث الطرق 57 %    845 مليون ريال إيرادات تذاكر السينما في السعودية خلال عام    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    واشنطن تبرر الحصار الإسرائيلي وتغض الطرف عن انهيار غزة    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دعوة للتصافي
نشر في أنباؤكم يوم 17 - 01 - 2010

فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة - نقلا عن موقع الاسلام اليوم
لَمْ أشأْ أن أجعل عنوان مقالتي هذه " دعوة للمصالحة " خشية أن يُفهم من هذا إلغاء جوانب الاختلاف ، لأنه قد يوجد ما يدعو للاختلاف في أمور الشريعة أو في مصالح الدنيا ، فالاختلاف سنة إلهية ولا حيلة في دفعها ، بل لو لم يوجد الاختلاف لكان ذلك تفويتاً لكثير من المصالح والخيرات ، وقد امتنّ البارئ جل وعز بتنوّع ألسنتنا وألواننا وسائر أشيائنا .
التصافي يعني استثمار الاختلاف إيجابياً ، عوضاً عن أن يتحول إلى تحضير للصراع واستعداد للنزاع .
التصافي يعني أن تجتمع القلوب وإن لم تجتمع العقول .
التصافي يعني تفعيل " الأخلاق " على أكمل الوجوه ، وليس تفعيل "المعرفة" فحسب .
قد تقتضي المعارف والاجتهادات أن نتفاوت في مواقعنا ورؤيتنا ومواقفنا وتحالفاتنا ولكن الأخلاق تقتضي أن لا تتحول نتائج المعرفة والاجتهاد إلى قسوة على النفس ، بالقسوة على أحبتنا ، وقد قال ربنا سبحانه : " (فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ)(النور: من الآية61).
التصافي يعني الاهتمام الكبير بدوائر المتفق عليه ، والعناية بالمشتركات الإنسانية وهي ضخمة ، والمشتركات الإيمانية وهي ضخمة أيضاً ، ولهذه المشتركات من الحقوق الشيء العظيم الذي قرّره القرآن ، وأكدته السنة ، وعززته التجارب الإيجابية والسلبية معاً .
التجارب تصيح بنا أن نتحالف ونجتمع على القواعد الكلية والمشتركات الشرعية والمصالح الحياتية .
وألا نتجاهل الخلافات سواء كانت جوهرية أساسية ، أو كانت جزئية فرعية ، لكن لا نجعل الإحساس بهذه الخلافات هو الذي يتحكم في عقولنا ، ويسيطر على عواطفنا وقلوبنا ، ويؤسس لعلاقاتنا البَيْنيّة ؛ لئلا تتحول العلاقات إلى حروب ومكايدات وتقارير سلبية يرفعها القلب للعقل ، ثم يفيض بها العقل للسان واليد والقلم .
الحياة ليست معركة .
التصافي هو الاختلاف الهادئ ، والاتفاق الأصيل .
التصافي هو الخلق الكريم ، والمعرفة المحققة .
التصافي هو الفصل بين حق العلم وبين غرور النفس ونزقها وشيطنتها وكبريائها وأنانيتها .
التصافي هو الانتصار في معركة الصراع الأولى ، الصراع مع أهواء النفس الخفية ، ودوافعها الباطنة ، وشرورها المترسخة ، والتي تظهر أحياناً بهيئة الخير والإيمان والغيرة والصفاء ويصعب على صاحبها ملاحقتها وكشف ملابساتها وتمشيط جيوبها الخفية المتغلغلة في " العقل الباطن " ، (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) (العلق:7،6) .
وسبحان العليم بمداخل النفوس ومساربها والمطلع على خفاياها وأسرارها (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (غافر:19) .
الصفاء مكاشفة مع النفس ، وتمرد على أحكامها الجائرة ، وأمراضها المسيطرة ، وإيحاءاتها المدمرة .
التصافي كشف لعيوب الذات ، وتواضع لرب الأرض والسماوات ، وطلب للمغفرة بحفظ مقامات الآخرين وحسن الظن بهم ، وتسامح مع زلاتهم حتى حين تكون زلاتهم إجحافاً في حقك أو عدواناً عليك أو قسوة مفرطة أو ظلماً طويلاً ممتداً لا عدل معه ، ولا تراجع .
التصافي إدراك جيد بأن الكلام سهل والفعل ليس كذلك ، فلِكي نتجاوز المرحلة المتخلفة في واقع أفرادنا وجماعتنا وتياراتنا ومجتمعاتنا ودولنا نحتاج إلى الرقِيّ الفردي ، والتفوق على ال " أنا " ، وتجاوز الحظوظ الذاتية ، نحتاج إلى مبادرات نبيلة من هذا النوع هنا وهناك ، تتجاوز الأتباع والمريدين ، والمصالح الخاصة لتكون تأسيساً حقيقاً لمستوى من التجرد والصدق يسعى إليه الجميع .
دعونا جميعاً نردد (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)(الحشر: من الآية10) ، ودعونا نردد مع الشاعر قوله :
تَعالوا بِنا نَطوي الحَديثَ الَّذي جَرى وَلا سَمِعَ الواشي بِذاكَ وَلا دَرى
تَعالوا بِنا حَتّى نَعودَ إِلى الرِضى وَحَتّى كَأَنَّ العَهدَ لَن يَتَغَيَّرا
وَلا تَذكُروا ذاكَ الَّذي كانَ بَينَنا عَلى أَنَّهُ ما كانَ ذَنبٌ فَيُذكَرا
لَقَد طالَ شَرحُ القالِ وَالقيلِ بَينَنا وَما طالَ ذاكَ الشَرحُ إِلّا لِيَقصُرا
مِنَ اليَومِ تاريخُ المَحَبَّةِ بَينَنا عَفا اللَهُ عَن ذاكَ العِتابِ الَّذي جَرى
فَكَم لَيلَةٍ بِتنا وَكَم باتَ بَينَنا مِنَ الأُنسِ ما يُنسى بِهِ طَيِّبُ الكَرى
أَحاديثُ أَحلى في النُفوسِ مِنَ المُنى وَأَلطَفُ مِن مَرِّ النَسيمِ إِذا سَرى
وتعالوا بنا نردد :
مِنَ اليَومِ تَعارَفنا وَنَطوي ماجَرى مِنّا
وَلا كانَ وَلا صارَ وَلا قُلتُم وَلا قُلنا
وَإِن كانَ وَلا بُدٌّ مِنَ العَتبِ فَبِالحُسنى
فَقد قيلَ لَنا عَنكُم كَما قيلَ لَكُم عَنّا
كَفى ما كانَ مِن هَجرٍ وَقد ذُقتُم وَقَد ذُقنا
وَما أَحسَنَ أَن نَر جِعَ لِلوَصلِ كَما كُنّا
إنني أدعو جميع المخلصين لكلمة سواء ، بعيداً عن صخب الجماهير وضجيجها وضوضائها وإسقاطاتها .
دعونا نتناول عبارات الاعتذار عمن أخطئوا علينا وأساءوا الظن بنا ، وليس أن نطلب منهم أن يعتذروا .. (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ)(النور: من الآية22) .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.