وزير الرياضة يكشف خطط السعودية لصناعة جيل جديد من الأبطال    فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بمنطقة عسير يستضيف اللقاء الدوري لمدراء عموم    جوهرة بورتو تقترب من الاتحاد    لجنة الاستئناف تقرّر حرمان الهلال من المشاركة في أول مسابقة خروج المغلوب    30 دقيقة حدًا أقصى لإشراف المعلم على الطلاب بعد الدراسة    إيقاف فعاليتين ترفيهيتين في الرياض    أمير حائل يهنئ الطلاب والطالبات ببدء العام الدراسي ويؤكد دورهم في تحقيق رؤية 2030    تمر كاست: منصة حوارية تفاعلية في قلب كرنفال بريدة للتمور    وزير السياحة يشارك في حملة سمو ولي العهد للتبرع بالدم    مجلس التعاون يدين استهداف قافلة إنسانية في دارفور    استشهاد 17 فلسطينيًا بقصف إسرائيلي على خيام نازحين جنوب غزة    وزير الصحة يختتم زيارة رسمية إلى نيوزيلندا    أمطار رعدية غزيرة مصحوبة برياح وسيول بعدة مناطق    البرتغال: 1331 وفاة بسبب موجة الحر    إرادة الدمام يفعّل مبادرة "مُضئ" لاكتشاف مهارات ومواهب النزلاء    صندوق الاستثمارات العامة يطلق النسخة الجديدة من منصة ATP Tennis IQ    سوق سوداء لبيع بيانات الأفراد الشخصية    Team Falcons يحقق لقب بطولة الأندية للعام الثاني على التوالي في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    وزير الحرس الوطني يوجّه بمشاركة داخلية شاملة للتبرع بالدم    75 ألف ريال حصيلة بيع صقرين في الليلة السابعة للمزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    "الحمد" : يقترح على معالي المستشار تركي آل الشيخ إضافة بطولة الأمراء الستة على هامش بطولة الملوك الستة    وزير خارجية هولندا يستقيل بسبب فشل الحكومة في فرض عقوبات ضد إسرائيل    تشيلسي «بطل العالم» يحول تأخره لانتصار كاسح على وست هام    النصر والأهلي على أعتاب أول ألقاب موسم كرة القدم السعودية    نيّار للتسويق وجادة 30 تنظمان لقاءً نوعيًا حول تجربة العميل في عسير    الصحة القابضة والتجمعات الصحية تبدأ في استقبال المتبرعين بالدم    خطيب المسجد النبوي: "لا إله إلا الله" كلمة التوحيد وأعظم أسباب الطمأنينة    بر الشرقية تطلق البرنامج التدريبي لمبادرة "اغرس وارتزق"    الإعلامي اللحياني يصدر كتابه " أنا أعتقد"    خطيب المسجد الحرام: صلاة الاستخارة سبيل المسلم للطمأنينة واليقين    لجنة الإعلام والتوعية المصرفية تنظم محاضرة عن دعم وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة    5 أسئلة رئيسية حول سيناريو وقف إطلاق النار في أوكرانيا    نادي فنون جازان ينظم دورة في النحت على الخشب ضمن فعاليات "نبض الفن"    ولي العهد.. حين يتحوّل "التبرع بالدم" إلى قدوة    أحداث تاريخية في جيزان..انضمام جازان للحكم السعودي    محافظ الخرج يرفع الشكر لسمو ولي العهد على إطلاق الحملة الوطنية السنوية للتبرع بالدم    وزير الشؤون الإسلامية يشيد بمبادرة سمو ولي العهد للتبرع بالدم ويؤكد أنها تجسد القدوة في العمل الإنساني    نائب أمير مكة يؤدي صلاة الميت على والدة الأمير فهد بن مقرن بن عبدالعزيز    بلدية بقيق تدشّن مشروع جمع ونقل النفايات للأعوام 2025 – 2029    مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية للقرآن الكريم.. نجاح متجدد ورسالة عالمية    السعودية تدين إمعان سلطات الاحتلال الإسرائيلي في جرائمها بحق الشعب الفلسطيني    بيت الثقافة يفتح أبوابه لدورة "عدستي تحكي" بالتعاون مع نادي فنون جازان    التخصصي ينجح في زراعة قلب لطفل بعد نقله من متبرع متوفى دماغيا في الإمارات    وفاة القاضي الرحيم فرانك كابريو بعد صراع طويل مع سرطان البنكرياس    حددت نسبة 10 % لتطبيق العقوبة.. «التعليم»: الغياب يحرم الطالب من الانتقال بين الصفوف    موجز    قصة كلمة خادمنا من الملك سلمان إلى أمير عسير    أقرت مشروعًا استيطانيًا شرق القدس.. إسرائيل تبدأ المرحلة التمهيدية لاحتلال غزة    أكد أنه يتاجر بالطائفة.. وزير خارجية لبنان: لا رجعة في قرار نزع سلاح حزب الله    أكد عدم الوصول لمفاوضات فعالة مع أمريكا.. عراقجي: إيران لن تقطع علاقاتها بالكامل مع الوكالة الذرية    سعودي يحصد جائزة أفضل مخرج في السويد    نزوات قانونية    محافظ الدرب يستقبل رئيس وأعضاء جمعية علماء    أكّد خلال استقباله رئيس جامعة المؤسس أهمية التوسع في التخصصات.. نائب أمير مكة يطلع على خطط سلامة ضيوف الرحمن    طلاق من طرف واحد    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير مطار الأمير سلطان بن عبدالعزيز الدولي    أشاد بدعم القيادة.. أمير الشرقية يطلع على مشاريع الطاقة الصينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاختلاط في السعودية.. ونظرية النعجة والذئب
نشر في أنباؤكم يوم 30 - 09 - 2009


صفية الجفري - نقلا عن إسلام أون لاين
"الاختلاط بين الجنسين" قضية هي من أبرز قضايا الفكر الديني السائد في المجتمع السعودي تحريما وتجريما، والحاجة تقتضي اليوم مراجعة هذه القضية، فمجتمعنا لم يعد منغلقا كما سبق، والنهضة التنموية تفرض نمطا مختلفا عن الحياة الأحادية التي كانت غالبة في المجالات العامة، والمجتمع -فيما أرى- أمام طريقين:
أحدهما: تجنب النقاش في قضية غدت في ثقافتنا المجتمعية مسلمة. بحيث يكون النقاش فيها خروجا على الدين وصحيح الفهم للكتاب والسنة. يرافق ذلك تغير قسري لمجتمعنا، بعيدا عن الأحادية، إلى التشارك بين الجنسين في المجال العام.
والثاني: مراجعة النهج الذي قدم للناس على أنه الدين الحق وما سواه باطل وهوى، مراجعته أصوليا وفقهيا، فمن الكارثي حقا أن تنزل الظنيات التي جاء بها الشرع محتملة لتنوع التأويل تنزل هذه الظنيات منزلة القطعيات، فيغدو كشف الوجه معصية مطلقا، بل لبس العباءة على الكتف إثم قد يحرم صاحبته من الجنة إن لم تتب أو تتداركها رحمة الله، والأمثلة كثيرة، في مسائل مختلف فيها تنزل منزلة القطعيات في طريقة طرحها.
والمراجعة هذه واجبة لكي يكون الدين أسلوب حياة، ترتكز عليه حياة الناس، ينطلقون منه، ويعودون إليه.
البناء القيمي
شكّل البناء القيمي فيما يتعلق بالعلاقة بين الجنسين في المجتمع السعودي -فيما أرى- أمور:
رؤية فقهية تميل إلى اتخاذ منحى متشددا في أحكام العلاقة بين الجنسين سدا للذريعة، ودرءا للفتنة.
التضخم المرضي -اجتماعيا ونفسيا- لهذه الرؤية التي لها سندها المعتبر، بحيث تصادمت مع نصوص شرعية تجعل المرأة شريكة للرجل في مسئولية القيام بفروض الكفايات من كافة ما ينتهض به المجتمع حضاريا وما يقتضيه ذلك من احترام لعقل المرأة وقدرتها على الاستقلال بالنظر في شؤونها؛ فصار مركوزا في حسها كما الرجل أنها تبع لا أصل، وأن القوامة والولاية أساسان لهذا المعنى.
فكر جامد لا يقبل الاختلاف الفقهي عمليا وإن قبله نظريا، وحتى القبول النظري يشوبه أحيانا تضعيف مطلق للقول المقابل أو اتهام بالتساهل في الدين، أو اتباع الهوى.
اضمحلال أحكام أخلاقية وأصولية أساسية، وخفوتها في حس المجتمع من حيث وجوبها الشرعي كوجوب حسن الظن، وأن الأصل في الإنسان البراءة، وحرمة أخذ الناس بالتهم دون بينة، وحرمة التجسس وتتبع العورات.
واقع المجتمع السعودي
في ظل البناء القيمي الذي تحدثت عنه في المحور السابق، تمكنت في العقول فكرة الذئب والنعجة، لكن بصورة تعميمية مخيفة، فكل شاب هو ذئب مجرم، وكل فتاة هي نعجة من السهل التغرير بها.
وأرى أن ضرر هذه الفكرة التي تسلطت على وجدان المجتمع نتاجا للتضخم المرضي -الذي تحدثت عنه في المحور السابق- لا يقتصر على نظرة أفراد المجتمع لبعضهم البعض وما يستتبعه ذلك من سلوكيات، وإنما ضررها الأعظم هو في تعامل الفرد مع نفسه، إما اتهاما لها بالشر والجرم الأصلي في حال الشاب، أو الهشاشة والعجز في حال الفتاة، فتهون النفس على صاحبها أو صاحبتها، وتتنوع سبل التعامل مع هذا الهوان إما أخذا لها بالشدة المجحفة أو المتدثرة بلباس قاصر من العزة بالتدين-إذ لا ينبثق من رؤية دينية صافية- أو التساهل والتبرير للخطأ.
ومع كل السبل المغلقة للتواصل بين الجنسين ظاهرا، تنمو قنوات تواصل خفية، وما ظهر منها كان يتوارى في خجل، ثم كانت الثورة الكبيرة في عالم الاتصالات سببا لخلق ثورة أخرى خفية في السلوك المجتمعي بين الجنسين، فسبل التواصل الباطنة صارت أكثر تشعبا، عبر الهواتف النقالة، والشات، والكافيهات العائلية!.
رافق هذه الثورة برامج فضائية متنوعة تعزز الرغبة -الطبيعية- في التواصل بين الجنسين، وتختلف أساليب التعزيز تبعا لاختلاف تلك البرامج من حيث رؤيتها ومنطلقاتها.
وبعد أن كانت تلك الاتصالات الباطنة تجري بنفسية الشعور بالذنب، أصبحت النفسية المصاحبة لها اليوم ليست الشعور بالذنب وحسب، فالغالب فيها -فيما أرى- هو الشعور بالذنب، وصاحبها ممارسات منطلقة من قناعات فقهية وفكرية جديدة على المجتمع استقبلها من اطلاعه على مناهج فقهية وفكرية ارتأت شريحة من المجتمع أو شرائح أنها الأصلح لها والأمس قربا باستقامة حياتها دون خروج على دينها واقتراف لمحارمه وفقا لهذه الرؤية.
وإذا كان الغالب هو الشعور بالذنب كما أسلفت فإن هذا الشعور اليوم لم يعد خجلا حييا كما كان فيما مضى، ولم تعد المجاهرة بالعلاقات الباطنة أمرا مستنكفا بل حدثتني إحدى الفتيات في المرحلة الثانوية عن اضطرارها لاختلاق قصص وهمية عن علاقات بالجنس الآخر لئلا تبدو ساذجة في محيط الفتيات!.
انفصام خطير بين السلوك والقيم، والخجل الذي انقلب مجاهرة أراه يقود إلى تهوين شأن الدين في النفوس، وتهوين أمر الاجتراء على محارم الله، إذ لم يعد الدين متسعا لحاجات الناس، وأصبح بصورته القاصرة في حسهم سببا للتضييق والحرج، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يرافق ذلك كله توجه راشد من قبل الدولة إلى إعطاء المرأة حقوقها التنموية -كما أشرت إلى ذلك في مقدمة المقالة- لكن هذا التوجه ليؤتي أكله لا بد أن يصاحبه بذات القوة إعادة تشكيل قيم المجتمع وفقا لديننا القويم، ومبادئه السمحاء، وتنقيتها من الأمراض المتراكمة التي تلبست بلباس الدين زورا وبهتانا.
رؤية للإصلاح
الإصلاح فيما أرى يبدأ من مراجعة معمقة للخطاب الديني والدعوي في المدرسة والمنبر والكتاب، ويمهد للكلام في قضايا الإصلاح الاجتماعي فيما يتعلق بالعلاقة بين الجنسين، الكلام على سعة الدين بنصوصه الظنية، وكونها تحتمل اجتهادات مختلفة ليس أحدها أولى من الآخر بالاتباع، وأن تبرز الآراء المختلفة في المسألة الفقهية ولا يقتصر على رأي واحد، لا سيما في المسائل التي تعم بها البلوى.
تذكر الآراء المختلفة للعلماء الذين أجمعت الأمة على قبولهم دون تضعيف أو تسفيه فليس خطاب العامة مجالا للنقاش العلمي، وبعد ذلك ومعه يمكن الحديث عن الرؤى الفقهية المختلفة في العلاقة بين الجنسين، ووضع أطر واضحة لهذه العلاقة تضبطها وفقا لأحوال الناس المتجددة في أيامنا هذه التي يكون إنكارها مكابرة وتفريطا، فالفقه ليس سيفا مسلطا على رقاب الناس يشقون به بل هو مجمع الرحمة بهم والفهم لآلامهم وآمالهم وحاجاتهم وكاشف للعقبات التي تحول بينهم وبين حياة قوامها اليسر، فلم يجعل الله علينا في الدين من حرج.
وإذا كان الفصل الكامل بين الجنسين قد صير إليه اجتهادا من بعض العلماء سدا لذريعة الفساد، فإنه يكون وسيلة شرعية لا أصلا، ومتى ضاقت حياة الناس بهذه الوسيلة بل صارت سبيلا إلى نقيض ما شرعت من أجله، فإن التمسك بها ثابتا من ثوابت الدين يكون افتئاتا عليه، وتبديلا له قبل أن يكون صدا للناس عنه.
وصحيحا البخاري ومسلم قد حفلا بأحاديث كثيرة يستقى منها أن تشارك الرجال والنساء في المجال العام هو الأصل في حياة المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وفق ضوابط نص عليها الكتاب والسنة، فيكون التواصل المنضبط المتزن مباحا شرعا بل قد يكون واجبا أو مندوبا بحسب الحال، وليس المقام مقام التفصيل، وأحيل القارئ الكريم إلى كتاب الدكتور عبد الحليم أبو شقة "تحرير المرأة في عصر الرسالة" فقد توسع في بيان الأدلة الشرعية والضوابط وكلام العلماء الذين اعتمدوا هذه الرؤية الفقهية.
وبعد، فإن المحاولة التي بين يديك أيها القارئ الكريم هي اجتهاد قد يخطئ وقد يصيب، وحسبي أن يكون حافزا لمن هو أعلم مني وأبصر لأن يدلي بدلوه، فلعل الله يجعل في تضافر الجهود سببا لصلاح العباد والبلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.