يظن كثير من المفكرين وغيرهم.. أن العامة من الناس، أو من يسمونهم "الجمهور".. تهذيبا عن قول "العوام" هم الذين تأسرهم الهيمنة الأجنبية، وهم الذين ينبهرون أكثر بما عند الغرب الأجنبي من تقدم وازدهار ومدنيّة، لذلك سرعان ما تذوب شخصيتهم العربية المستقلة في شخصية الآخرين، وتبدأ آثار الزحف الأجنبي على العقل العربي المستسلم بداية من رطانة لسانه إلى شكله وهيئته وطريقة أفكاره! والذين يرطنون بلغة أجنبية مكسرة بديلا عن عربيتهم السليمة منتشرون في بقاع الأرض العربية في الشارع والمدرسة والسوق والمنزل. فما عاد اللسان العربي لسانا عربيا حتى أولئك الذين لا يتكلمون الأجنبية بطلاقة ينفلت لسانهم بمفردات أجنبية كلما نطقت أفواههم جملة في حوار عابر! الشائع أن أفراد البيئات الشعبية هم الأكثر خضوعا لسلطة التفوق الأجنبي بينما الحقيقة المرة أن المثقفين العربي -معظمهم- خاصة الذين لم يمر عليهم استعمار أجنبي, هم أكثر من المتخلفين العربي.. استسلاما للهيمنة الفكرية الأجنبية وهم الأكثر إصابة بعقدة الأجنبي المتفوق! لاحظوا.. الروايات العربية.. المسرحيات.. ليس هذا فقط برامج التلفزيون (الواقعي) حتى نشرات الأخبار.. حتى برامج المنوعات والمسابقات.. كل شيء عند العرب مسخ واضح مما عند الغرب الأجنبي! تركنا الاهتمام بالابتكار وأبدعنا في التقليد لأن أسرى الجاذبية الغربية لا يمكن أن يتحركوا خارج مدارها.. كيف تتخلص من شيء أنت منجذب إليه وواقع تحت تأثيره! وليس كمثل العرب يركضون وراء جوائز الغرب.. حتى لو كانت جائزة الغباء ما اشتكى الفائز من نيلها طالما أنها أجنبية! والإعلام العربي ينقل تفاصيل حصول البعض على جوائز تافهة أجنبية ولا ينظر بنفس المستوى لحصول عربي على جائزة عربية!! هو ليس جزافا القول إنها من الأخطاء الشائعة اتهام الشعبيين والعامة، وأفراد البيئات المتواضعة في العالم العربي بضعف المقاومة لأن الصحيح أن الضعف موجود لدى المثقفين الذين نتوقع حصانتهم وقوة مناعتهم بحكم الثقافة والتعليم! وشائعة (الجمهور عايز كده) صناعة ابتكرها المثقفون العرب لدرء الاتهام عنهم بينما الحقيقة أن الأصالة والثبات عند الرجل البسيط المسمى شعبي أقوى منها عند المنبهر المدهوش بالأجنبي والمسمى مثقف!! في المقارنة بين شيء وآخر.. أو فعل وفعل.. لا ينبغي أن نكون مأسورين بضآلتنا أمام الآخرين.. ولا بعقدتنا من تفوق الآخرين.. لو مرة نتخلص من هذه القيود ونشعر بالقيمة تحت الاستلاب وبالوجود تحت الغطاء لكن المشكلة أننا نتعامل مع الآخرين وفق نظرية (حسن في كل عين من نود)!!