بعد قرابة عقدين على اغتيال المفكر الشيعي اللبناني المثير للجدل، مصطفى جحا، بسبب كتاباته التي اعتبرتها التيارات الدينية الشيعية المتشددة "مهينة" للإسلام، كشف نجله مصطفى أنه قدم معلومات حول اغتيال والده إلى جهات قضائية دولية، مرجحاً أن تكون عملية الاغتيال قد جاءت بسبب انتقاد المفكر لزعيم الثورة الإيرانية، روح الله الخميني، ولحزب الله. وقال مصطفى جحا الابن إن المعلومات التي وفرها "يمكن البناء عليها،" وتتعلق بالجهات التي تقف ربما خلف تصفية والده عام 1992 عن طريق اعتراض سيارته وإطلاق النار عليه من سلاح مزود بكاتم للصوت، غير أنه لم يوضح هوية الجهة التي قدم المعلومات إليها. وقال جحا، في حديث خاص لCNN بالعربية: "رغم استجواب أربعة شهود من قبل قاضي التحقيق في جبل لبنان، تم إخفاء ملف التحقيق في الجريمة وذلك خلال فترة الاحتلال السوري للبنان، كما أن كتب والدي التي يتجاوز عددها 22 كتابا اختفت من المكتبات." وأضاف جحا: "أما اليوم فأريد إيفاء والدي حقه بعدما تم تهميش عملية قتله والتعتيم على فكره الرافض لهيمنة حزب الله ومشروعه السياسي." ولفت جحا أن والده بدأ يتلقى تهديدات بعد إصدار كتاب "لبنان في ظلال البعث" عام 1978، والذي تناول فيه ما وصفها ب"جرائم الجيش والمخابرات السورية في لبنان،" وقال جحا إن الكتاب أثار غضب السلطات السورية والقوى المتحالفة معها في لبنان. ولكنه استطرد بالقول: "كتاب 'الخميني يغتال زرادشت' هو الذي قتل والدي،" في إشارة إلى كتاب آخر لوالده خصصه لانتقاد الثورة الإسلامية الإيرانية، وزعميها روح الله الخميني، ومحاولاته لنشر أفكاره بالمنطقة. وأضاف جحا: "عام 1980 وضع مصطفى جحا كتاب 'الخميني يغتال زرادشت' وانتقد فيه تخلي الشيعة عن لبنانيتهم وانجرارهم وراء مشاريع غريبة عن الوطن. كما انتقد تصرفات الإمام الخميني مما أثار غضب رجال الدين الشيعة والإيرانيين وحزب الله." وأضاف: "عام 1983 أصدرت المحكمة الشرعية الجعفرية فتوى تفيد أن المفكر مصطفى جحا مرتد وكافر. وكانت هذه المحكمة برئاسة القاضي الشيخ عبدالله نعمة ويساعده عضوا المحكمة الشيخان خليل ياسين وعبد الحميد الحر." ولدى سؤاله عمّا إذا كانت السنوات الطويلة التي تفصل بين الفتوى وبين الاغتيال كفيلة بالإشارة إلى أن الجهة التي نفذت العملية قد لا ترتبط بالضرورة بالجهة التي أصدرت الفتوى قال جحا إن الفارق الزمني يعود إلى صعوبة الوصول لوالده خلال تلك الفترة بسبب الانقسامات الجغرافية الناتجة عن الحرب الأهلية اللبنانية وأوضح قائلاً: "لم يكن في الإمكان الوصول لوالدي في الثمانينات لأننا كنا نعيش في المناطق المسيحية وبات الوصول إليه ممكنا بعد انتهاء الحرب وانفتاح مناطق بيروت على بعضها." وردا على سؤال حول سبب فتح هذا الملف في هذه المرحلة بالذات رد جحا بالقول: "أود إعادة إحياء فكر والدي الذي كان يخيفهم ولم يتمكنوا من قتله، ولكي يتذكر اللبنانيون أن البيئة الشيعية لم تكن يوما متطرفة وأن الشيعة في لبنان لا يتبنون جميعا مشروع حزب الله السياسي."