ارتفاع ملحوظ.. مكة الأعلى حرارة اليوم ب48 درجة    نائب أمير حائل : نعمل وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030    الدولار ينخفض بعد زيادة طلبات إعانة البطالة الأمريكية    طقس اليوم.. أجواء حارة في مكة والمدينة وأمطار على بعض المناطق    "الرقابة الأبوية".. 4 أدوات لحماية الأبناء من المخاطر السيبرانية    4 أعراض لسرطان الدماغ لدى الأطفال.. وهذه طرق الوقاية    ب92 ألف شجرة.. "الرياض الخضراء" تصل حي قرطبة    «تأمينات الطائف» تقيم ندوة تعريفية ب «أنظمة التقاعد»    برشلونة يكشف موقفه من عودة نيمار    رؤساء أندية "روشن".. رحلات مكوكية وصفقات عالمية    طائرات بريطانية و سويدية تعترض طائرتين عسكريتين روسيتين    زلزال يضرب قبالة سواحل كامتشاتكا    قلقا من الذكاء الاصطناعي 66% يرفضون التقدم للوظائف    مورجان فريمان.. عبقرية الأداء وسحر الصوت    وضع مظلم للرسام في Windows 11    أمراض خطيرة تشير إليها الهالات    ورقة بحثية: الشراكات الدولية ترفع القيمة الفنية للأفلام السعودية    2.06 تريليون ريال في 7 سنوات    شخصيات مهمشة تم انتشالها من القاع إلى فضاء الحياة    20 عاماً..مدة حماية براءات الاختراع    وفاة أربعة عسكريين تونسيين في تحطم طائرة هيلكوبتر    تطعيمات ما قبل السفر!    لماذا يعيش هؤلاء أكثر من 100 عام ؟    بشرى لمرضى السكري.. علماء يخترقون خلايا الأنسولين!    صالح التويجري.. الإحسان والعطاء    ماهي رسالة أمير حائل للإعلاميين ومؤثري وسائل التواصل؟    دفعة جديدة من خريجي كلية الملك فهد الأمنية إلى ميادين العز والشرف    خالد بن سلمان يلتقي وزير الدفاع الصومالي    اليمن: «مسام» يُتلف 1519 لغماً وعبوة ناسفة في جبل حبشي    فيصل بن فهد يزور أعمال التنقيبات في «فيد»    العمل الدبلوماسي السعودي    غيّروا إعلامنا الرياضي    «المُلهم» يكتب التاريخ ب «الخصخصة»    5 مواجهات جمعت رونالدو وبنزيما    السعودي فوق فوق    بالمجلات العربية.. المرأة بلا رأي    الدين والشكل    محافظ الزلفي يرعى حفل ختام الأنشطة الطلابية    تعليم الباحة يطلق المرحلة الرابعة من مبادرة "مدارسنا خضراء"    ضمن مبادرة «طريق مكة».. دفعة من الحجاج الأتراك تغادر إلى جدة    إحباط تهريب 62.5 طناً من القات و1.842 طن من الحشيش المخدر    حوكمة منصات العمل التطوعي    ممنوع الوقوف !    تكفون الوزير لا يدري    محافظ الزلفي يلتقي مدير محافظات الرياض بشركة الإتصالات السعودية ويفتتح معرض " حماية "    تدشين الزي الجديد للفرق التطوعية في المسجد النبوي    إعانات "سلمان للإغاثة" تمتد لسوريا واليمن وأفغانستان    "يمشي كدة كدة"..بنزيمة يثير حماس جماهير الإتحاد    رئيس وزراء جزر سليمان يستقبل الجبير    الهلال يرفض مغالاة ميسي    تصل إلى 47°..ارتفاع الحرارة الجمعة والسبت ب4 مناطق    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    محافظة العلا تحصل على شهادة «الآيزو الذهبية»    نائب رئيس البرلمان السنغالي : المملكة الداعم الأول لقضايا العالم الإسلامي    استمتع.. فأنت أبٌ    «الحكمة».. طريق الحياة        محافظ بيش يستقبل مدير عام الشؤون الصحية في جازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا أبناء فلسطين التقطوا حجارتكم
نشر في عناوين يوم 22 - 05 - 2018

أجزم أنه لا يوجد قدر من الهوان والضعة والخزي أكثر من أن يعطيك عدوك درساً في الأخلاق والشهامة والوفاء. هو العدو نفسه الذي اغتصب أرضك وهدم بيتك وشرد أهلك وقتل أطفالك، واستمر يقتل ويغتصب ويكابر ويسحق، ثم تأتي وبكل صفاقة وعلى وسيلة إعلامية تابعة لعدوك وتهاجم وبأقذر الألفاظ من ناصرك ووقف مع قضيتك من يومها الأول، وصمد أمام كل الضغوطات من دون أن يتنازل عن ذرة من حقوقك.
هذا كان الحال المحزن والمخزي معاً لفلسطيني قدم نفسه بأنه محلل في الشؤون الفلسطينية والعربية، كان يتحدث من منبر قناة إسرائيلية هي i24 ونطق بالعهر الذي تعودناه من كثيرين ممن يدعون الوطنية الفلسطينية ويرفعون رايات النضال ويتحدثون باسم الشهداء وهم يرتعون في مرابع تل أبيب وحيفا. هو من دون شك رجل نكرة، ولكنه أنموذج لكثيرين ممن ابتليت بهم فلسطين وشعبها المناضل طوال 70 عاماً. ومثل العملة لا يستحق الرد بل إنه لا يستحق أن يردد اسمه على أسماع القراء، لكني حزنت بالتأكيد عندما تصدى له محاوره الإسرائيلي وصفعه بالحقائق، قائلاً إن ما تقوله هو من نكران الجميل، وأضاف كيف تنكرون دعماً استمر لأكثر من 50 عاماً وما زال مستمراً، ثم تفتحون خطوطاً مع إيران ثم تحرضون جماهيركم على إحراق صور الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان. كما لم يفوت المحاور الإسرائيلي الفرصة حينما صفعه بالسؤال أين ذهبت بليونات الدولارات التي أعطتكم إياها السعودية طوال هذه السنوات، منذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وحتى ذهبتم إلى بيروت ثم تونس ثم إلى رام الله.
هذا الهوان مؤلم وجارح، كما كان مؤلماً وجارحاً مشهد الجندي العراقي الذي قبل قدم الجندي الأميركي في صحراء الكويت لينقذه من الخوف والبرد والجوع، وهو مشهد لن يغادر مخيلتي ما حييت لأنه وقع أمام ناظري. والعلاقة بين المشهدين أن الجندي العراقي الذي ألقت به قيادته في أتون معركة خاسرة بأقل قدر من العتاد، كان ضحية لفقدان البوصلة وعدم وضوح الرؤية من قيادته السياسية والفكرية، تماماً مثل المواطن في فلسطين الذي لم يعد يعرف عدوه من صديقه فيهتف مرة لصدام حسين ومرة لآية الله علي خامنئي.
فلسطين ضاعت مرات عدة، الأولى قصتها معروفة من تآمر الاستعمار البريطاني الذي سلّم الأرض للعصابات الصهيونية، ثم ضاعت بسبب عنتريات العرب الذين اعتقدوا أن باستطاعتهم تكوين قوة موحدة ترمي بالإسرائيليين إلى البحر، وثالثة بسبب الأنظمة الثورية العربية التي بررت استمرارها في السلطة بهدف تحرير فلسطين فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة، ورابعة بسبب القيادات الفلسطينية التي تعيشت على شعارات النضال وتعددت دكاكينها، والتي فتح كل دكان منها أحد الأنظمة العربية ثم فشلت في توحيد صفوفها حتى يحترمها العالم ويعترف بوجودها ويساند قضيتها، وحتى اليوم فإن المجلس الوطني الفلسطيني لا يتمكن من الانعقاد لأن سوبرماركت النضال دخله لاعبون جدد بشعارات مختلفة، فخرج القوميون واليساريون والشيوعيون ليدخل الإخوان المسلمون في ثوب حركة حماس التي استقلت بقطاع غزة بدعم قوي من إيران، على رغم الخلاف المذهبي الواضح، لكن هذا الانفصال العضوي قصم ما تبقى من الوحدة الفلسطينية المهلهلة أصلاً.
كان للملك عبدالعزيز رأي حينما أعلن عن قيام دولة إسرائيل عام 1948 هو ألا تدخل الجيوش العربية الحرب، وأن يكتفي العرب بدعم الثوار الفلسطينيين بالمال والسلاح ما أمكن، وكان رحمه الله بثاقب بصيرته يرى ما آلت إليه الأمور، فلم يكن لدى العرب السلاح المناسب ولا القيادة الموحدة ولا الاستراتيجية الواضحة التي يمكن أن تحقق أثراً على أرض المعركة، ولكنه في نهاية الأمر لم يشأ التخلي عن قرار الأغلبية وأرسل قوة من الجيش السعودي على قلة إمكاناته واختلطت دمائهم بدماء الفلسطينيين والعرب في معارك مشهودة، ومنذ ذلك التاريخ لم تتأخر المملكة العربية السعودية عن تقديم كامل الدعم للفلسطينيين، حتى في أيام الخلاف مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، كما حدث حينما ساند ياسر عرفات غزو صدام حسين للكويت، بل استمر تقديم الدعم المقرر من جامعة الدول العربية وزيادة عليه، كما ثبتت المملكة على موقف ثابت من رفض الاعتراف بالكيان الصهيوني أو التطبيع معه قبل أن تسترجع الحقوق الفلسطينية كاملة ودافعت عن هذا الحق وعملت على تدعيمه في كل المحافل الدولية.
واليوم، ما الذي يبقى من صورة النضال الفلسطيني إذا كان من يتصدر المشهد هو مثل هؤلاء المتاجرين بدم الشهداء؟ الذي يتبقى لن يكون في أعمال الاغتيالات وخطف الطائرات كما كان الحال في سبعينات القرن الماضي، والتي استثمرتها إسرائيل لصبغ جهاد الفلسطينيين للاستقلال والحرية والكرامة بصبغة الإرهاب، لكن الذي زلزل إسرائيل واجتهدت لإزالته من عناوين صحف العالم وصدارة نشرات الأخبار التلفزيونية كانت صور وأخبار انتفاضة الحجارة وشهدائها وبطولة أبنائها الذين يواجهون الدبابات بالمقاليع، وكانت صورة الشهيد محمد الدرة الذي قتلته رصاصة إسرائيلية وهو يحتمي بحضن والده، ثم أخيراً بشجاعة فتاة هي عهد التميمي التي صفعت جندياً إسرائيلياً وبصقت في وجهه، وأخيراً في الشهداء الذين سقطوا في غزة إثر أحداث افتتاح السفارة الأميركية في القدس. اسألوا أنفسكم يا إخوتي الفلسطينيين لماذا غيبت إسرائيل شمس خصلات شعر عهد التميمي الذهبية عن الإعلام.
لستم في حاجة لأبواق رخيصة مثل أحمد العملة، ولا لقيادات مثل الحمساويين الذين سارعوا للتأكيد أن شهداء غزة يجب أن يضافوا إلى رصيدهم السياسي وليس إلى نضال الشعب الفلسطيني.
التقطوا حجارتكم واصنعوا مزيداً من الأبطال مثل محمد الدرة وعهد التميمي، واقذفوا بحجارتكم عدوكم الحقيقي ولا تنسوا عملاءه من ذوي ربطات العنق الأنيقة واللحى الزائفة. ونحن معكم ولتتأكدوا أننا نرى في الاحتلال الإسرائيلي تهديداً وجودياً لنا كما نراه في التهديد التوسعي الإيراني أو في الإسلام السياسي بجناحيه السني والشيعي.
سلطان البازعي
(الحياة)
الوسوم
أبناء التقطوا حجارتكم فلسطين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.