أبدت واشنطن جدية بالغة في مواجهة التهديدات الكورية الشمالية للجنوب الكوري ولليابان والولاياتالمتحدةالأمريكية، على الرغم من أنه توجد قناعة لدى جميع المحللين أن التهديدات الكورية مجرد تعبيرات صوتية تعود أن يطلقها النظام الشمولي في بيونغ يانع، ولا يتوقع أن يترجمها عملياً، إلا إذا كان يقدم على عملية انتحارية واسعة لكوريا الشمالية. والمهم هنا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية انشغلت بكوريا الشمالية وبزعيمها، وأظهرت استعدادات عسكرية بأحدث مما انتجت ترسانتها الحربية. كل ذلك رداً على تهديدات خطابية وتصريحات تلفزيونية. لكن القوة العظمى التي تتباكى على حقوق الإنسان، وتتعهد بنشر الديمقراطية والعدالة في العالم وتثير غضباً متشجناً وانتقادات واسعة للحكومات التي لا تحقق معايير عالية لحقوق الإنسان، لم تكلف نفسها بإظهار أية جدية لإنقاذ الشعب السوري الأعزل الذي يتعرض لإبادة وغزو طائفي أجنبي واسع. ورضيت الولاياتالمتحدةالأمريكية أن تكون مجرد متفرج على المذابح التي ترتكبها وحدات أجنبية إيرانية وميلشيات لبنانية وسورية وباكستانية بقيادة إيرانية، ويساندها نظام الاسد بطائراته وصواريخه ودباباته. وهذا غزو أجنبي لسوريا وهو بلد مستقل ومعترف به في الأممالمتحدة والجامعة العربية. ومع ذلك لم تتحرك واشنطن حينما انتهكت الإنسانية في سوريا، ولم تتحرك حينما انتهكت سيادة دولة مستقلة. وهذا الصمت الأمريكي يمثل حالة مريبة، ولكن العرب لا يستغربون مثل هذه المواقف من واشنطن خاصة حينما تكون طهران طرفاً، فسبق أن أبرمت الولاياتالمتحدةالامريكية صفقات مع النظام الإيراني في العراق وافغانستان، حيث احتلت أمريكا العراق ودفعت ثمناً باهظاً من أرواح أبنائها وجنودها ثم سلمت العراق لطهران هدية تاريخية خالصة، ولم تتكبد طهران أية تكلفة. ثم حدثت تنسيقات واضحة بين طهرانوواشنطن في العراق ضد العرب وضد عروبة العراق باسم القاعدة والحرب على الإرهاب. ولا نعلم عما إذا كانت توجد تنسيقات مماثلة بين طهرانوواشنطن في سوريا لمواجهة العرب والعدوان عليهم باسم جبهة النصرة والإرهاب. إذ تشترك واشنطنوطهران في تضخيم خطر النصرة والمنظمات الإسلامية في سوريا. وزادت الشكوك بوجود علني لميلشيات إيرانية تقاتل على الأرض السورية إلى جانب نظام الأسد دون أن تعترض واشنطن أو تدين هذا الوجود الأجنبي الذي تتبناه طهران رسمياً.