شرع الإسلام الطلاق وضيق حالات اللجوء إليه، لأنه أبغض الحلال عند الله ولما له من تأثير نفسي على المرأة جراء ألم الفراق وحالة الإيحاش التي أحاطت بها بعد طلاقها، ولاهتمام الإسلام بالمرأة فقد شرع لها متعة الطلاق، فعرفه الشيخ الشربيني الخطيب بأنها: «مشتقة من المتاع، وهو ما يستمتع به، والمراد بها مال يجب على الزوج دفعه لامرأته المفارقة في الحياة بطلاقه»، والدليل على ذلك قوله تعالى (ولِلمُطلقاتِ متاع بِالمعرُوفِ حقا على المُتقِين). وغاية ذلك لما تشعر به المرأة المطلقة من زيادة الضغوطات النفسية وزيادة شعورها بالندم ومرارة الفشل في الحياة الزوجية، كما أن الشارع الحكيم ترك تقدير المتعة لاتفاق الزوجين على حسب قدرة الزوج لقوله تعالى: (ومتِعُوهُن على المُوسِعِ قدرُهُ وعلى المُقتِرِ قدرُهُ متاعا بِالمعرُوفِ حقا على المُحسِنِين)، وفي حالة عدم اتفاق الزوجين على مقدار المتعة يرجع إلى القاضي لتقدير متعة الطلاق، وقد بين الله تعالى حالة المطلقات وما لهن من حقوق ولكن اختلف الفقهاء فيمن يستحق متعة الطلاق، فالمطلقة بعد الدخول بها ومفروض لها مهر في هذه الحالة لا يحق للزوج أخذ شيء من المهر، والمطلقة التي لم يُفرضْ لها مهر ولم يمسسها الزوج في هذه الحالة قد أمر الله تعالى في كتابه الكريم بإمتاعها، تعويضا لها، والمطلقة التي فُرض لها مهر دون أن يمسها أمر الله بإعطائها نصف الصداق إلا إذا تنازلت عن ذلك، ومن زوجها وليها دون مهر فطلقها قبل الدخول بلا سبب منها فتقدر لها متعة بنصف المهر إن كان غنيا، ورغم ذلك اتفق الفقهاء على أن متعة الطلاق تجب للمطلقة بعد الدخول أو قبله بشرط أن لا يكون لها يد فيه، وذهب طائفة من السلف إلى أن لكلِ مُطلقة مُتعة من غير استثناء، وعن الشافعي مثله، وهو الراجح، وكذا تجب في كل فُرقةٍ إلا في فُرقةٍ وقعت بسبب منها، وعلى ذلك لا متعة في حالة الخلع، وشرعت المتعة جبرا لخاطر المرأة بسبب إيحاشه دون اختيار منها، كما أن التمتع لا يسقط إذا راجع الزوجة في العدة كما أنه لا يسقط في حالة موته أو موتها، والمتعة تكون لها أو لورثتها بعد موتها وتحسب مع الغرماء، ولكثرة وتعدد حالات الطلاق في الوقت الحالي ولمن يهتك ستر المطلقين والمطلقات، فهم بالحقيقة لم يتوجهوا إلى قرار الطلاق إلا بعد معاناتهم بفشل التجربة، وكأمر من الله -عز وجل- يجب أن ندافع عن خصوصية كل من الطرفين للضغوط النفسية التي يشعران بها، ولأن المرأة غالبا هي الطرف الأضعف وقت الطلاق فتستحق الدعم أكثر من الطرف الآخر، لذا جُعل لها المتاع لانكسارها.