يظل 23 أبريل تاريخا رمزيا في عالم المعرفة العالمي، ففي هذا التاريخ، توفي كل من ميغيل دي سرفانتس ووليم شكسبير، كما صادف أيضا ذكرى ولادة أو وفاة عدد من الأدباء المرموقين مثل موريس درويون، وفلاديمير نابوكوف، وجوزيب بلا، ومانويل ميخيا. وجاء اختيار مؤتمر اليونسكو الذي عقد في باريس عام 1995 لهذا التاريخ اختيارا طبيعيا فقد أرادت فيه اليونسكو التعبيرعن تقديرها وتقدير العالم للكتاب والمؤلفين وذلك عن طريق تشجيع القراءة بين الجميع وبشكل خاص بين الشباب وتجديد الاحترام للمساهمات التي لا يمكن إلغاؤها لكل الذين مهدوا الطريق للتقدم الاجتماعي والثقافي للإنسانية. حول اليوم العالمي للكتاب كان لنا هذا اللقاء مع مجموعة من الأدباء والكتاب العرب والسعوديين: في البداية، يقول القاص والكاتب خالد الخضري: وجود يوم للكتاب هو أمر مهم وحضاري، ويدعو ويحفز على القراءة والاطلاع والعلم والمعرفة، لكن ما قد اختلف فيه مع كثيرين هو ماهية الكتاب ذاته، لان فكرة الكتاب الورقي بدأت تنحصر كثيرا، والزمن سيتجاوز الورقي يوما ما. لذا، فالكتاب يظل هو المعرفة والثقافة والعلم ويظل مؤشرا على الحضارة والتقدم والرقي ونهضة الأمم والشعوب لكن الوسائل تتجدد مع الزمن، اليوم الكتاب الالكتروني يغزونا بقوة ومن يظن انه لن يلغي الورقي واهم فالقراءة ممتعة وجميلة.. ويضيف الخضري: إن المعرفة اليوم لم تعد مختزلة في الكتاب، لكنه يظل رمزا فهناك وسائل كثيرة لتلقي المعرفة ولتطوير العقل، هناك الثقافة الغزيرة والعلم الكبير الذي وهبنا إياه السيد «قوقل»، الذي يعد نقلة كبيرة على مستوى المعرفة فاليوم كل الباحثين يستعينون بمحرك البحث العظيم «قوقل» وغيره، أيضا هناك «يوتيوب» وما يزخر به من محاضرات وبرامج مليئة بالعلم والمعرفة، وأيضا على مستوى التعلم فتحت هذه الوسائل مجالا كبيرا للتعلم المستمر. ويضيف الشاعر عبدالمجيد الموسوي: في زمن بدأت فيه الألفة والحميمية تتلاشى بين الناس والكتاب وبدأ شبح العزوف عن القراءة يخيم شيئا فشيئا وذلك في ظل حالة الإدمان والإفراط والاستغراق الطويل جدا خلف شاشات الهواتف الذكية عبر التواصل الأكثر إفراطا في استخدام برامج التواصل الاجتماعي كان لزاما على أكبر منظمة أممية «اليونسكو» أن تخصص يوما عالميا للكتاب وحقوق المؤلف وذلك من أجل التأمل وإعادة النظر للأهمية البالغة للكتاب بوصفه خير جليس وأنيس في الزمان وللدور البالغ الأهمية له في تقدم الفكر البشري على جميع الأصعدة والمستويات، واللافت للنظر أن هذا اليوم يصادف ميلاد ووفاة مشاهير الكتاب والأدباء العالميين كوفاة الكاتب الإنجليزي الكبير«وليم شكسبير»وميلاد الكاتب الفرنسي الذائع الصيت «موريس دروان» ولكن هل يا ترى نحن في العالم العربي نشعر بأهمية هذا اليوم كما يشعر به الأوروبيون كونهم يشعرون أن للكتاب وللقراءة دورا كبيرا في تقدمهم وازدهارهم. للأسف مع الأخذ بعين الاعتبار أن أجدادنا العرب القدامى قد أولوا أهمية بالغة للكتاب على مستوى الكتابة والتأليف والتصنيف والقراءة باعتبار أننا مطالبون عقائديا بالقراءة والكتابة كما في سورة (العلق) «اقرأ باسم ربك الذي خلق»، وغيرها من الآيات والأحاديث، إلا أننا تناسينا كل هذا الإرث الكبير وأدرنا له ظهورنا وذهبنا نهرول وراء سراب كبير من العبارات الإلكترونية من هنا وهناك. فيما يرى الشاعر أمين عصري: ان يوم الكتاب العالمي حدث مهم جدا في حياة البشرية والاهتمام بهذا اليوم دليل على سمو ورقي ووعي وتقدم، والكتاب سواء كان ورقيا أو الكترونيا ما زال هو المرجع الذي يرجع إليه وما زال محترما حتى في ظل التكنولوجيا الحديثة وكم هو الفرق شاسع بين أن أقل في اقتباسي لأي معلومة إنها منقولة من كتاب أو منقولة من موقع فمصداقية الكتاب ما زالت أكبر والركون إليه أسلم. ويؤكد الشاعر الأردني مصطفى أبو الرز: إن القراءة ليست ترفا ولا نشاطا إضافيا ولا حتى ترويحا نمارسه في أوقات فراغنا بل هي حاجة من حاجات الإنسان الأولية، خاصة في هذا العصر الذي تشكل المعرفة فيه ضرورة حياتية للإنسان لا يمكنه أن يعيش من غيرها إذا أراد أن يكون جزءا من هذا العالم الذي يعيش فيه، الكتاب هو أداءة القراءة ووعاء المعرفة الذي لا غنى عنه، وسيظل كذلك رغم الطفرة التكنولوجية التي لا أظن أنها ستستغني عنه أبدا حتى مع وجود الكتاب الالكتروني. ولعل اليوم العالمي للكتاب مناسبة لتأكيد ما ذهبت إليه وبالتالي هو اعتراف بأهمية الكتاب ومكانته التي لن تزاحمه فيها أية وسيلة أخرى. ويرى الناقد العراقي محمد حاجم أن الكتاب نافذة للمعرفة، وفي وقت التطور التكنولوجي الهائل الذي نمر به والذي نعترف أنه يقدم خدمة هائلة للباحثين والقراء، فمن وجهة نظري لا استغناء عن تقليب صفحات الكتاب، فللكتاب متعة خاصة تختلف بصورة مغايرة تماما عما تقدمه برامج القراءة الإلكترونية، والدليل أن بضاعة الكتاب ومقبوليته ما زالت رائجة بالفعل وهي بتطور مستمر، للآن نحتفظ بكراساتنا الأولى وبكتبنا التي اقتنيناها صغارا وللآن نحاول اقتناء أحدث الكتب التي تبصرنا المعرفة وتقودنا نحو الضوء وترتقي بنا درجات الوعي المتقدم.