لا يكاد يمر أسبوع إلا وتشاهد مقطعا متداولا ومنتشرا لمعالي وزير خارجية المملكة الموهوب وفقه الله ونفع به يقدم نفسه مدافعا.. منافحا.. محاورا.. وتجد أنواع الاسئلة في عدة مجالات وموضوعات تتقاذف أمامه. ويتلقف الجميع هذه المقاطع والمشاهد بشيء من الفخر والاعتزاز كون أن هذا الرجل الهادئ الذكي يمثل بلادنا بأسلوب باهر.. فتدرك حينها أن قيادتنا الرشيدة احتوت ودعمت النهج الدبلوماسي وموضوعات الشؤون الخارجية بطريقة ممنهجة ومنضبطة تمثلت في مدرسة دبلوماسية تخصنا.. منذ أن كان على رأس هذه المدرسة الأمير سعود الفيصل - رحمه الله - ومازال أداء هذا النهج الدبلوماسي مميزا بفضل الله وقوته ثم بحسن الاختيار للأشخاص. محاضرات.. ندوات.. لقاءات عامة.. مقابلات تلفازية.. تعددت الأوعية والوسائل والقاسم المشترك فيها هو معالي الوزير عادل الجبير ومجموعة من الأطراف تفتح أبواب الاسئلة على مصراعيها.. وجلهم يطلقون اسئلة غريبة مليئة بالمناكفة، ومعلبة بالتلغيم، ومتضمنة المشاكسة، ومقصودة الاستفزاز، وموجهة للإحراج. ولكنك تجد وزيرنا بتوفيق الله ثم بمهارته يعطي دروسا في الردود الدبلوماسية المتنوعة ويبادر بإحراجهم، ورد كيدهم، وتحجيم علمهم.. وتجده في كل مرة يستقبل الاسئلة مهما كانت بكل صدر رحب مبتعدا عن التأزم أو الانتقائية أو رفضها فيجيب عليها. معظم الاسئلة التي رصدتها كانت لا تمثل اسئلة حقيقية.. قصد بها السؤال في ذاته.. بل هي استثارة سياسية، وتمرير رسائل للموجودين وللمتلقين، ومحاولات احراج دبلوماسي لمعرفته أن ما سيقوله الوزيرسيعد كتصريح، وسوف تتناقله القنوات المختلفة خصوصا الموجهة ضدنا في حالة وجود ما يخدم أجنداتهم.. إلا أنه بتوفيق الله لم يمنحهم الفرصة بل منحهم الصفعة. لفت انتباهي في أحد لقاءاته وبعد أن اتخمه الحاضرون يهودا وشيعة ومتربصين باسئلة مشتتة في كل اتجاه، وكلها محاولات تشويه وتمرير واستفزاز.. لفت انتباهي سؤال مبتعثة سعودية وجهته للوزير عن قضية قيادة المرأة للسيارة.. صدمت حقا.. محفل مليء بالغرباء والمتربصين.. ووزير تتقاذف عليه الاسئلة والاسقاطات والاتهامات في كل اتجاه للنيل من لسانه وبلادنا.. وتخرج هذه المبتعثة التي ابتعثتها حكومتنا وصرفت عليها الكثير.. لتسأله عن موضوع اجتماعي جدلي لا المناسبة، ولا التوقيت، ولا المكان، ولا الطريقة معقولة أو مقبولة. سواء كان السؤال وراءه قصد أو لا.. فتلك المبتعثة تناست وضعها أنها سفيرة لبلادها وأن قضايا بلادها تناقش في بلادها، وتوجه لمن هم صاحب الشأن الحقيقي فوزير الخارجية مهتم ويرد على قضايا أكبر بكثير.. إنها في مجتمع ينتظر أي معلومة عن بلادنا وهي مررت «بقصد أو دونه» موضوعا قد يكون الكثير يجهله.. ولم أعرف ما تريد تلك المبتعثة بهذا السؤال حين مررت هذه القضية.. كم تمنيت منها أن تستغل هذا التجمع واللقاء في تمرير رسائل ايجابية عن وطنها، وعن رؤية بلادها القادمة، وعن ابتعاثها وطلب العلم في كل اتجاه. لقد حاول كثير من المتداخلين والمتسائلين أمام الوزير الجبير إخراجه من محيط المحاضرة إلى دائرة المناظرة، والتشكيك، والاتهام، ومناكفات السياسة فقدم نفسه محاميا، ومرة مناظرا، ومرة مثقفا وهذا مؤشر على أن معالي الوزير الجبير هو مطلب فخم في كل محفل، وبرهان على أن هناك من يبحث عن «التصيد»، ويستثمر الملتقيات العامة بالوزير لاستثارة موضوعات جدلية وسياسية، ودليل أن وزيرنا يواجه زخما من المعارك وعليه كل مرة أن يجهز نفسه لمفاجآت. ويبقى القول: الوزير الجبير مؤكد أن لديه ما يمكن أن نسميه «التقنية الدبلوماسية» لذا كان جديرا فيما واجهه.. واقعنا اليوم يجعل من كل مسؤول يمكن يواجه مثل ما يواجه الوزير الجبير في الملتقيات أن يكون واعيا، مستوعبا، مثقفا، قديرا يستطيع أن يقدم صورة بلاده في أبهاها، ويستطيع أن يدافع عن وطنه بلغة ذكية.. وأن يعي قيمة كلامه، ويدرك بحسه ما يمكن أن ينفع أو يضر، ويعرف أن الاعلام وسيلة ووعاء قد يكون خطيرا فلا بد أن يتنبه لكل التفاصيل، وان يستغل كل منبر ومحفل لقلب السلب إلى ايجاب فكل مسؤول هو واجهة وشريك في صنع وبناء صورة بلاده.. كما من الواجب علينا أن نساهم وندعم توهج وزيرنا الموهوب بتناقل مثل هذه المقاطع الايجابية والفاخرة ونشرها بشكل واسع ومتكرر بكل وسيلة ممكنة، فذلك جزء من معارك الاعلام والسياسة وحماية وطننا.