البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري يُنفّذ (2,077) زيارة تفتيشية    حرس الحدود بقطاع الوجه ينقذ مواطنًا من الغرق    حوار المدن العربية الأوروبية في الرياص    رياح نشطة في معظم مناطق المملكة وزخات من البرد في الجنوب    الاتحاد الأوروبي يدعو لرفع الحصار عن غزة    أزمة السكن وحلولها المقترحة    رشيد حميد راعي هلا وألفين تحية    "مايكروسوفت" تعلن رسمياً نهاية عهد "سكايب"    الإدارة الذاتية: رمز وطني جامع.. سوريا.. انتهاء العمليات القتالية في محيط سد تشرين    دعت إسرائيل لاحترام سيادة لبنان.. 3 دول أوربية تطالب باتفاق جديد مع إيران    تسلم أوراق اعتماد سفير سلطنة عمان لدى المملكة.. نائب وزير الخارجية وسفير الكويت يبحثان الموضوعات الإقليمية    في إياب دور الأربعة لدوري أبطال أوروبا.. بطاقة النهائي بين إنتر وبرشلونة    شرط من انزاغي لخلافة جيسوس في الهلال    هاري كين يفوز بأول لقب في مسيرته    بنسبة نضج عالية بلغت (96 %) في التقييم.. للعام الثالث.. السعودية الأولى بالخدمات الرقمية في المنطقة    "المالية" معلنة نتائج الميزانية للربع الأول: 263.6 مليار ريال إيرادات و322 ملياراً مصروفات    جمعية الوقاية من الجريمة «أمان»    محافظ جدة يطلع على الخدمات التعليمية لذوي الإعاقة    المملكة تختتم مشاركتها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025    في أمسية فنية بجامعة الملك سعود.. كورال طويق للموسيقى العربية يستلهم الموروث الغنائي    توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز إبداعات الفنون التقليدية    دعوة لدمج سلامة المرضى في" التعليم الصحي" بالسعودية    السديس: زيارة وزير الداخلية للمسجد النبوي تعكس عناية القيادة بالحرمين وراحة الزوار    الصحة النفسية في العمل    حكاية أطفال الأنابيب «3»    وزير الدفاع يلتقي رئيس مجلس الوزراء اليمني    أخضر الناشئات يختتم معسكر الدمام    وزير الرياضة يستقبل أبطال «نخبة آسيا»    جامعة أم القرى تطلق هاكاثون عالمي في مؤتمر السلامة والصحة المهنية.    انخفاض مؤشرات الأسهم الأمريكية عند الإغلاق    جامعة الملك سعود تستضيف مؤتمر "مسير" لتعزيز البحث العلمي والشراكات الأكاديمية    مليون و250 ألف زائر ل"جسور" في جاكرتا    الفتح يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة الوحدة    الفحوصات الطبية تكشف عن إصابة صهيب الزيد بقطع في الرباط الصليبي    القبض على (31) لتهريبهم (792) كيلوجرامًا من "القات"    محاضرات لتعزيز ثقافة الرعاية في مستشفى الملك سلمان    12024 امرأة يعملن بالمدن الصناعية السعودية    ممنوع اصطحاب الأطفال    النزاعات والرسوم الجمركية وأسعار النفط تؤثر على توقعات اقتصاد دول الخليج    حرس الحدود يختتم معرض "وطن بلا مخالف" في جازان    السيطرة والبقاء في غزة: أحدث خطط الاحتلال لفرض الهيمنة وترحيل الفلسطينيين    وزارة التعليم وموهبه تعلنان انطلاق أولمبياد الفيزياء الآسيوي    الهند وباكستان تصعيد جديد بعد هجوم كشمير    وزير الشؤون الإسلامية يلتقي نائب رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا    وزير الداخلية يدشن مشروعات متطورة في المدينة المنورة    تركي بن هذلول: خدمة الحجاج شرف خصه الله بالمملكة حكومةً وشعبًا    "الدعم السريع" يلجأ للمسيّرات بعد طرده من الخرطوم ووسط السودان    علاج أول حالة ارتفاع دهون نادرة في جازان    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    إنهاء معاناة طفل من جلطات دماغية متكررة بسبب مرض نادر    أمير منطقة الجوف يلتقي أهالي محافظة دومة الجندل    زوجان بنجلاديشيان .. رحلة من أمريكا إلى مكة المكرمة    إطلاق مبادرة المترجم الصغير بجمعية الصم وضعاف السمع    من جيزان إلى الهند.. كيف صاغ البحر هوية أبناء جيزان وفرسان؟    سعد البريك    الرفيحي يحتفي بزواج عبدالعزيز    "الشؤون الإسلامية" تنفذ برامج التوعية لضيوف الرحمن    أمير جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة العدل بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التفتيش وضوابطه في الأنظمة الجزائية السعودية (13)
نشر في اليوم يوم 16 - 10 - 2016

لكل فرد منا الحق في الحفاظ على حرياته الخاصة – طالما ضبطت بضابط الشرع والنظام – مثل حرية الفكر، والتعبير، والتنقل، والعمل، والتملك، والخصوصية، وهذه الحريات قد كفلتها الشريعة الإسلامية الغراء، والأنظمة المستمدة منها وكفلت حمايتها وعدم التعدي عليها، لأنه بتحقق الحماية الشرعية، والنظامية لتلك الحقوق، فإنها تُمكن العقل الإنساني من التفكير والتأمل، والتطور، والتقدم، وأداء الواجبات بأفضل ما يمكن، وتحمل الحقوق والالتزامات.
ومبدأ الحرية وحمايتها ليس مبدأً على إطلاقه، فقد جاءت الأنظمة بالمملكة – كما الأنظمة المقارنة الأخرى في مختلف دول العالم سواء المتقدم منها، او النامي، ولكن بدرجات متفاوتة – ببعض القيود للحد من تلك الحرية الفردية، والشخصية، وذلك من أجل المصلحة العامة للمجتمع ككل، ومن تلك القيود قيد التفتيش للمتهمين، لكشف الحقيقة عند وقوع الجرائم، وسواء أكان تفتيشاً للمتهم نفسه، او تفتيشاً لمسكنه الخاص، او مركبته.
لذلك فإن التفتيش بمفهومه الجزائي، هو إجراء الهدف منه كشف الحقيقة عن مرتكب جريمة ما، ويعد من أهم إجراءات التحقيق في كشف ذلك، لكونه يستوجب التفتيش الذاتي للمتهم أو تفتيش ممتلكاته الخاصة من (سكن، ومركبة، وأغراض شخصية، وغيرها) والتي لها حرمتها الشرعية والنظامية، وأن تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، جعل الأنظمة الجزائية تسمح بإجراء التفتيش الذي يمس حرمة خاصة – محمية بالشرع والنظام في الأصل – وكل ذلك بسبب جريمة وقعت أو ترجح وقوعها.
وقد عرف التفتيش بأنه (البحث لضبط أدلة الجريمة، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة سواء كان محل التفتيش مكاناً أم شخصاً، أم عيناً أخرى) وكما أوضحنا - سابقاً أعلاه – بأن التفتيش إجراء استثنائي على الأصل العام، وهو الحرمة لانتهاك الخصوصية وتقيدها، ولا يجوز تطبيقه إلا في أضيق الحدود وطبقاً للنصوص النظامية والضوابط الشرعية، والا كان الاجراء وما بنى عليه من إجراءات لاحقة باطلة ولا يعتد بها مطلقاً.
وهذا ما أكدته المادة (37) من النظام الأساسي للحكم،(الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم (أ/90) في 27/08/1412ه) التي نصت على الآتي: (للمساكن حرمتها، ولا يجوز دخولها بغير إذن صاحبها ولا تفتيشها إلا في الحالات التي يبينها النظام).
وهذا ما أكده ايضاً نظام الإجراءات الجزائية (الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/2) وتاريخ22/1/1435 ه) حيث نصت المادة (41) منه على الاتي: (إن للأشخاص ومساكنهم ومكاتبهم ومراكبهم حرمة تجب حمايتها، وحرمة الشخص تعني حماية جسده وملابسه، وماله، وما يوجد معه من أمتعة، وتشمل حرمة المسكن كل ما كان مسوراً أو محاطاً بحاجز، أو معداً لاستعماله مأوى).
ونصت عليه المادة (42) ايضاً (لا يجوز لرجل الضبط الجنائي الدخول الى أي مكان مسكون او تفتيشه، الا في الاحوال المنصوص عليها نظاماً، وبأمر مسبب من هيئة التحقيق
والادعاء العام، وما عدا المساكن فيكتفى بتفتيشها بإذن مسبب من المحقق، واذا رفض صاحب المسكن او شاغله تمكين رجل الضبط الجنائي من الدخول أو قاومه، دخوله جاز لرجل الضبط الجنائي اتخاذ الوسائل المشروعة لدخول المسكن حسب ما تقتضيه الحال، ويجوز دخول المسكن في حال طلب المساعدة من الداخل، أو حدوث غرق، أو هدم، أو حريق، أو نحو ذلك، او دخول معتدى أثناء مطاردته للقبض عليه).
ولحرمة انتهاك الخصوصية – وعدم جواز انتهاكها شرعاً ونظاماً – فإن النظام أحاط إجراء التفتيش بعدة ضوابط وضمانات وهي تحديد الحالات التي توجب هذا المساس، والسلطة العامة المخولة بذلك، والشروط التي يتعين الالتزام بها عند إجراء التفتيش، وذلك بنصوص واضحة وصريحة.
وبعد أن استعرضنا مفهوم التفتيش، وأهميته، سوف نستعرض محل التفتيش، وأنواعه وضوابطه.
محل التفتيش:- قد يقع التفتيش على ذات الأشخاص أنفسهم، أو غيرهم مما يظهر أن له علاقة بالجريمة الواقعة، إذا استلزمت مصلحة التحقيق ذلك.
أو يكون محل التفتيش الممتلكات الخاصة على اختلاف أنواعها مثل المسكن الخاص، المزارع، الاستراحات، المراكب، وغيرها.
أولاً: تفتيش الأشخاص: إن الغاية من تفتيش المتهم هي غاية معتبرة شرعا ونظاماً، لأنها تهدف إلى كشف الحقيقة عن مرتكب الجريمة، ونظراً لأنها استثناء على الأصل العام، فلا يتم اللجوء إليها إلا في الحالات الضرورية اللازمة لذلك والتي يوجد فيها أمارات قوية، تؤكد أن هناك أشياء مخفية لدى المتهم أو في مسكنه أو في مركبته تفيد في كشف الحقيقة والتوصل الى مرتكب الجريمة.
وأن تفتيش الأشخاص دلت عليه النصوص الشرعية (أصل ومصدر جميع الأنظمة السارية بالمملكة)، ومن ذلك ما جاء في قصة سيدنا يوسف عليه السلام فقال تعالى (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ) يوسف:( الآية 76 )
فقد فتش يوسف – عليه السلام – أمتعة المتهمين جميعاً للعثور واستخرج صواع الملك من رحل أخيه.
والقاعدة الثابتة: انه إذا جاز القبض جاز التفتيش وذلك لأن القبض أكثر مساساً بالحرية الشخصية من إجراء التفتيش.
فقد نصت المادة (43) من نظام الإجراءات الجزائية على أنه (يجوز لرجل الضبط الجنائي في الأحوال التي يجوز فيها القبض نظاماً على المتهم أن يفتشه، ويشمل التفتيش جسده وملابسه وأمتعته).
ونصت المادة (45) منه أيضاً على الآتي (إذا قامت أثناء تفتيش منزل متهم قرائن ضده، أو ضد أي شخص موجود على انه يخفي أشياء مهمة تفيد في كشف الحقيقة جاز لرجل الضبط الجنائي أن يفتشه).ِ
ثانياً: تفتيش الممتلكات الخاصة: لقد اعتنت الشريعة الإسلامية الغراء، بحفظ وحماية الممتلكات الخاصة، ونهت عن الاعتداء، أو الإضرار أو المساس بها.
فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)) (سورة النور) وهذا ما سارت عليه الأنظمة المختلفة في المملكة من النظام الأساسي للحكم (كما ذكرناه نصاً أعلاه) أو بقية الأنظمة الجزائية.
ولأن التفتيش يشكل مساساً كبيراً وخطيراً بهذه الممتلكات – وللضرورة والغاية النبيلة للتفتيش، وذلك للكشف عن أشياء تدل على مرتكب الجريمة – فإن الشريعة ومن بعدها الأنظمة الجزائية الأخرى قررت قواعد، وأسسا، وضوابط، تقوم عليها أحكام هذا التفتيش سوف نشرحها تفصيلاً في مقالاتنا المقبلة (بإذن الله تعالى)، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.