نار «الأصلية» أم هجير «التشاليح» ؟    492 ألف برميل نفط يومياً وفورات يومية    مقامة مؤجلة    هوس «الترند واللايك» !    صعود الدرج.. التدريب الأشمل للجسم    تقنية مبتكرة لعلاج العظام المكسورة بسرعة    التنفس بالفكس    أمير حائل يرفع التهنئة للقيادة نظير المستهدفات التي حققتها رؤية المملكة 2030    مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الامير خالد الفيصل يهنئ القيادة نظير ماتحقق من مستهدفات رؤية 2030    افتتاح المعرض التشكيلي "الرحلة 2" في تناغم الفن بجدة    أمير جازان ونائبه يهنئان القيادة بما تحقق من إنجازات ومستهدفات رؤية المملكة 2030    60 مزارعا يتنافسون في مهرجان المانجو    هيئة السوق المالية تصدر النشرة الإحصائية للربع الرابع 2023م.    الصحة: رصد 15 حالة تسمم غذائي في الرياض    "أوبرا زرقاء اليمامة" تبدأ عروضها بحضور عالمي    الهمس الشاعري وتلمس المكنونات    الأخضر تحت 23 عاماً يواجه أوزبكستان في ربع نهائي كأس آسيا    أمين الرياض يحضر حفل السفارة الأميركية    تحول تاريخي    المملكة تبدأ تطبيق نظام الإدخال المؤقت للبضائع    العين يكشف النصر والهلال!    تشجيع الصين لتكون الراعي لمفاوضات العرب وإسرائيل    خلط الأوراق.. و«الشرق الأوسط الجديد»    فلسطين دولة مستقلة    محمية الإمام تركي تعلن تفريخ 3 من صغار النعام ذو الرقبة الحمراء في شمال المملكة    الفيحاء يتجاوز الطائي بهدف في دوري روشن    تفكيك السياسة الغربية    القيم خط أحمر    لو ما فيه إسرائيل    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس جمعية «قبس»    مقال «مقري عليه» !    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الخسارة أمام الرياض    الكشف عن مدة غياب سالم الدوسري    أرامكو السعودية و«الفيفا» يعلنان شراكة عالمية    ريال مدريد في مواجهة صعبة أمام سوسيداد    مانشستر سيتي يضرب برايتون برباعية نظيفة    النواب اللبناني يمدد ولاية المجالس البلدية والاختيارية    الهجوم على رفح يلوح في الأفق    سلمان بن سلطان يرأس لجنة الحج والزيارة بالمدينة    رئيس الشورى يرأس وفد المملكة في مؤتمر البرلمان العربي    حزمة الإنفاق لأوكرانيا تشكل أهمية لمصالح الأمن الأمريكي    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    أمير القصيم يثمن دعم القيادة للمشروعات التنموية    إطلاق برنامج تدريبي لطلبة تعليم الطائف في الاختبار التحصيلي    مريض سرطان يؤجل «الكيماوي» لاستلام درع تخرجه من أمير الشرقية    "ذكاء اصطناعي" يرفع دقة الفيديو 8 أضعاف    مستشفى ظهران الجنوب يُنفّذ فعالية "التوعية بالقولون العصبي"    «رؤية 2030»: انخفاض بطالة السعوديين إلى 7.7%.. و457 مليار ريال إيرادات حكومية غير نفطية في 2023    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    استمرار هطول أمطار رعدية مصحوبة برياح نشطة على المملكة    تسليم الفائزات بجائزة الأميرة نورة للتميُّز النسائي    أدوات الفكر في القرآن    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    النفع الصوري    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشاركون: المناعة الإيمانية تحمي الأبناء من المؤثرات الفكرية في شبكات التواصل
ندوة آفاق الشريعة في ديوانية السويكت
نشر في اليوم يوم 25 - 12 - 2015

الشباب هم عماد كل أمة وسبيل نهضتها، وهم القوة البناءة في سِلْمِها، ووقود دفاعها عن نفسها، وهم الأمل كذلك. وفي مقابل ذلك هم الهدف الذي يصوب الأعداء سهام مكرهم للنيل منه. وأسلحتهم في ذلك ووسائلهم متعددة، وأهمها وأخطرها الإعلام، الذي تطور في هذا العصر بخطوات متسارعة مذهلة، وغدت وسائله -من صحافة وإذاعة وتلفاز وكتاب ومجلة ومسرح، وأخيراً «الإنترنت»- هي القوة المهيمنة على عقول وأفكار الناس عموماً، والشباب على وجه الخصوص. ومن هذا المنطلق قام ملحق «آفاق الشريعة» بعمل ندوة بعنوان (أثر التقنية والإعلام على الأبناء) في ديوانية الشيخ خالد السويكت، استضاف فيها نخبة من المشايخ والأكاديميين ورجال الأعمال، وتمت مناقشة ما يتعلق بتأثير التقنيات والإعلام والتغييرات التي طرأت في الحاضر.
بداية نرحب بكم جميعا ونشكركم على حضور ندوتنا التي خصصناها للحديث عن أثر التقنية على الأبناء لدى الأسرة السعودية من منطلقات شرعية واجتماعية، وما التأثيرات التي أحدثتها وسائل التقنية الحديثة في تلك الروابط من تغيير ملامح، لافتين إلى غياب عادات وتقاليد اجتماعية فضلا عن تأثيرها السلبي في العلاقات الأسرية وترتيب الأولويات، إلى جانب تأثيرها على بيت الأسرة، وكيف يمكننا أن نغير السلبيات التي شهدها المجتمع السعودي، وما الخطوات التي يجب أن نتبعها للقضاء على هذه السلبيات وتحويلها إلى إيجابيات.
دعونا نبدأ أول محاور هذه الندوة بالحديث عن أثر التقنية والإعلام، بإفساح المجال أمام ضيوفنا للحديث عن هذه التقنية، والتغييرات التي طرأت عليها مع مرور السنوات، وسنبدأ مع الشيخ خالد السويكت الذي نريده أن يلقي الضوء على الانترنت والمراحل التي مرت بها وأثرت عليها.
قال: خالد السويكت لم يكن الحديث عن «الإنترنت» لسنوات مضت بالقوة التي هو عليها اليوم. فقد بدا للكثيرين في حينه أن الأمر لا يعدو كونه ثورة سريعة، سرعان ما تخمد جذوتها لتعود الحياة إلى مسارها الطبيعي المعتمد على الورقة والقلم، وكانت فئة الشباب هي أكثر الفئات التي تفاعلت وتأثرت مع هذه الوسيلة الإعلامية الجديدة. فقد انتشرت شبكات «الإنترنت» في جميع بلدان العالم، بما فيها بلدان العالمين العربي والإسلامي.
والمتأمل في هذه الثورة المعلوماتية يجد أنه على الرغم مما حملته معها هذه الثورة من منافع ومصالح، حملت معها في الوقت نفسه مقداراً من المفاسد الاجتماعية والخُلقية والدينية، خاصة على شريحة الشباب، وتحديداً الشباب العربي.
باتت شبكة «الإنترنت» وما تحمله في طياتها من مواد متنوعة وغزو فكري تشكل خطراً كبيراً على شريحة الشباب، حيث أخذ كثير منهم يستهويه الدخول على مواقع «الإنترنت»، باحثين -غالباً - عن ما يُثير شهواتهم وهم يقضون في ذلك أوقاتاً مديدة، تستنفد طاقاتهم الجسمية والروحية، وتوتر علاقاتهم الأسرية والمجتمعية.
من أهم الأسباب العديدة التي تدفع الشباب إلى دخول مواقع الإنترنت، حب الاستطلاع، حيث يدفعهم هذا الحب إلى البحث عن محتويات هذه المواقع، فيقفون في أثناء ذلك على الغث والسمين، والضار والنافع، والصالح والطالح. ولما كان كثير من شبابنا -وهذا مما يؤسف له- ليس لديهم الزاد المعرفي والتربوي الذي يحصنهم ويحميهم من المواقع المشبوهة والمثيرة، نجدهم يقعون فريسة في مصيدة المواقع الفاسدة والمفسِدة ،ومن الأسباب الدافعة لشبابنا إلى الدخول على مواقع الانترنت والإدمان عليها، الإعراض عن القراءة والمطالعة، حيث إن هذا الإعراض شكَّل فراغاً خطيراً لدى الشباب، دفعهم إلى أن يملأوه بالدخول على مواقع «الإنترنت» للتسلية وإضاعة الوقت. كما أن عدم ممارسة الشباب للرياضة، يعد سبباً رئيساً لا يمكن إغفاله ونحن بصدد المشكلة، حيث إن كثيراً من الشباب وجد الجلوس وراء شاشة الحاسوب «الكومبيوتر» وتصفح مواقع الانترنت أمراً أيسر من ممارسة أي نوع من الرياضة التي تفيده جسمياً وعقلياً.
الانترنت ومخاطرها على الأسرة.. كيف نحمي أبناءنا من هذا الانفتاح؟
يجيب عن هذا (عبدالله الثميري) إن أثر الأسرة لا ينتهي عند وضع الطفل أمام الجهاز، ولا أن تنتظر من وسائل الإعلام أن تقوم بعمل المربي بالانابة عنها. إن الاهتمام بالطفل قبل السادسة والحفاظ عليه من كل ما يمكن أن يكون له أثر سلبي في شخصيته يندرج تحت عمل الأسرة الكبير الذي يتمثل في تفعيل الأثر التربوي للأبوين، وتقنين استخدام وسائل الإعلام المختلفة داخل البيت، فلا يسمح للأطفال بالبقاء لمدة طويلة أمام هذه الوسائل دون رقيب، وتقليص الزمن بالتدريج، وأن تترك الأجهزة في مكان اجتماع الأسرة بحيث لا يخلو بها الطفل في غرفته. ويصبح من الضروري أن يشاهد الكبير مع الصغير، وأن يقرأ الوالدان مع الأبناء، ولا يترك الصغار هدفًا للتأثيرات غير المرغوبة لثقافات غريبة عن مجتمعنا العربي المسلم، ونقف نحن الكبار نشكو من الغزو الثقافي للأمة، فالرقابة على ما يعرض للأطفال والبقاء معهم في أثناء العرض من أجل توجيه النقد ينمي لدى الطفل القدرة على النقد وعدم التلقي السلبي، ولا ينبغي أن تغفل وسائل الترفيه الأخرى كالخروج، والنزهات، واللعب الجماعي وغيرها، فلها أثرها في عدم المتابعة، وعدم الالتصاق بهذه الوسائل الإعلامية، وتقليل حجم التأثر السلبي.
وذكر (طلال القناديلي): يجب علينا أن نقوي الوازع الديني.. أي نربي فيهم الخوف من الله واحترام رسول الله ومحبته -صلى الله عليه وسلم- كما يجب أن نترك لهم مجالا من الحرية؛ لأننا إذا ضيقنا عليهم فسوف يسعون للخلاص من الأهل ويتهمونهم بالسيطرة والانغلاق، كما يجب دائمًا على الأهل التكلم مع أبنائهم بسوى النصائح (صليت؟- أكلت؟- ذاكرت؟). لا بد بلا شك أن ننصحهم ولكن لا نجعل كلامنا معهم فقط أوامر ونصائح بل نقيم علاقة صداقة أصبح تقديم البدائل من أهم الأشياء الضرورية التي نحتاجها وبخاصة أبناؤنا .
وأضاف (جهاد العلي) إن هناك مفهوما حيويا في التربية أن نعوّد أبناءنا على الاختيار بين بدائل عدة، فلقد انقضى عهد الإجابات الجاهزة والحلول المفصلة التي نمليها على أبنائنا: «افعل هذا فقط، وإن فعلت غيره فستتعرض للعقاب». لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نفرض على أبنائنا أسلوب حياتهم وأن نختار لهم أي سبيل يسلكونه. إن عملنا الأساسي هو تزويدهم بالقيم الإسلامية الصحيحة وتعريفهم بالحلال والحرام، ولكن الأهم أن نترك لهم مسئولية الاختيار. لا مكان لتربية تقوم على الإرهاب أو الزجر، بل لابد أن يتدرب أبناؤنا منذ نعومة أظفارهم على الاختيار في أيسر الأمور مع تقويم هذا الاختيار. من المهم أن يعبروا عن آرائهم وميولهم واهتمامهم. إن إعطاء الأبناء المسئولية في الاختيار هو الأساس الذي سيكسبهم القوة والعزيمة في مواجهة كل ما يخبئه لهم المستقبل المليء بالمفاجآت الثقافية والاجتماعية والسياسية.
ان طرح الأسئلة والتساؤل والنقد الأساس الأول في تكوين شخصية حرة مسئولة كيف نطورها؟
وقال (الدكتور حازم عابد) إن التساؤل والنقد الأساس الأول في تكوين شخصية حرة مسئولة قادرة على اتخاذ القرار. فما الفائدة التي تعود علينا إذا ما قمنا بكبت أسئلة أبنائنا أو ألغينا عقولهم فحرمنا عليهم نقد كل ما يدور حولهم من أمور تتحدى تفكيرهم سواء داخل الأسرة أو خارجها في المجتمع.
إن علينا أولا أن نعيد تربية أنفسنا كآباء وأمهات حتى يتسنى لنا إجراء مناقشات مثمرة مع أبنائنا. مناقشات تنمي عقولهم وتدعم إحساسهم باستقلالهم في الرأي. وعلينا أن نطبق معهم مبدأ «قبول الآخر» الذي نتشدق به دون أن نعرف معناه. تقبل الأبناء (الآخر) يعني أن ننزل إلى مستواهم، أن نتخلى عن غرورنا، أن نشعر بكم التناقض والبلبلة التي يعانونها والتي لم نخبرها في الأجيال السابقة.
ومن المهم أن ندرك أن من حق الابن أن ينقد كل شيء يدور حوله ويثير لديه الشك أو التعجب ما دام ذلك يتم باحترام ومراعاة لسلوكيات الحوار البناء. من حقه أن يتحدث معنا عن بعض أخطائنا، فنحن كآباء لسنا معصومين من الخطأ. من حقه أن يحصل على ثقافة تمس جميع أمور الحياة حتى الجنسية منها.
هل الآباء لهم دور كبير في القرارات التي اتخذوها فيما مضى بمظهر الشخص المعصوم من الخطأ؟
قال (علي إبراهيم): من الأخطاء الشائعة الموروثة التي يقع فيها الآباء محاولة الظهور أمام أبنائهم بمظهر الشخص المعصوم من الخطأ، الصائب القرارات، المنزه عن أي اعتراض.. إن الكثير من الآباء والأمهات قد أخطأوا في كثير من القرارات التي اتخذوها فيما مضى. بل إن كثيرًا منهم ما زالوا يرتكبون أخطاء كثيرة في حياتهم اليومية. وفي المقابل فإنهم يحرّمون على أبنائهم مناقشة أي من هذه الأخطاء أو حتى مجرد ذكرها. ولنا أن نتصور كم التناقض والصراع الذي يمكن أن يشعر به المراهق حين يرى تصميم الأب أو الأم على الظهور بهذا المظهر الأسطوري في حين يدرك هو بعمق وبنظرته الثاقبة وبذكائه المتقد الكثير من أوجه النقد التي يأخذها على والديه والتي تبدو جلية للعيان.
وتؤكد كثير من الخبرات والبحوث التربوية أن كثيرًا مما يعانيه المراهق من أزمات يعود إلى هذا السد المنيع بينه وبين والديه. هذا السد الذي يفرض عليهم احترامًا مزيفًا لا يقوم على الاقتناع والاعتراف بالطبيعة الإنسانية بكل ما تحمله من ضعف وقصور. والنتيجة الوقوع في الأخطاء وعدم الاقتناع العميق بكثير مما يتشدق به الوالدان من مثل وقواعد لا تنزل لمستوى المراهق ولا تعكس ما يجري حوله في الواقع المعاش.
سلبيات الإنترنت كثيرة وأثرت على سلوكيات أطفالنا وعواقبها خطيرة.. اذكرها.
يقول (السيد بيتر) ،امريكي الجنسية، إن البرامج التي تكثر وتتكاثر في الإنترنت والتي يتم نشرها ودسها بأساليب عديدة في محاولة لاجتذاب الأطفال والمراهقين إلى سلوكيات منحرفة ومنافية للأخلاق. التعرض لعمليات احتيال وتهديد وابتزاز. غواية الأطفال والمراهقين حيث يتم اغواؤهم من خلال غرف الدردشة والبريد الإلكتروني. الدعوة للانتحار والتشجيع له من خلال بعض المواقع وغرف الدردشة. جرائم القتل التي ترتكب من خلال غرف المحادثة الغريبة من قبل جماعات تدعو لممارسة طقوس معينة لفنون السحر تؤدي في النهاية إلى قتل النفس. الانغماس في استخدام برامج الاختراق الهاكرز والتسلل لإزعاج الآخرين وإرسال الفيروسات التخريبية والمزعجة. الحياة في الخيال وقصص الحب الوهمية والصداقة الخيالية مع شخصيات مجهولة وهمية أغلبها تتخفى بأقنعة واسماء مستعارة. وما يترتب على مثل هذه القصص من عواقب خطيرة. استخدام الأسماء المستعارة وتقمص شخصيات غير شخصياتهم في غرف الدردشة وما يتبعه ذلك من اعتياد ارتكاب الأخطاء والحماقات واستخدام الألفاظ النابية.. تعرض خصوصية المعلومات التي في الأجهزة للاختراق من قبل المخترقين المحترفين وهواة الاختراق وبرامج التجسس. التعب الجسدي والإرهاق والأضرار الصحية والتي يسببها الاستخدام الطويل للكمبيوتر والإنترنت. التأثر بالجماعات الإرهابية والاقتناع بأفكارهم والانضمام لهم.
مخاطر الانترنت بالمنزل ويترتب على ذلك مشاكل والغوص وانعزال الطفل في غرفته لساعات طويلة.. كيف يمكن تفادي هذه التقنية التي أصبحت ضرورة ملحة في الوقت الراهن؟
بيّن (الدكتور ممدوح الدوسري) بعدما بدأت تقنية الإنترنت في الانتشار، أصبح الكثير من الأشخاص يسارعون من أجل الحصول عليها وذلك لعدة أسباب منها التجاري ومنها العلمي ومنها الشخصي. ولكن كان من الضروري الاستعداد لدخول هذه التقنية الرائعة للمنازل. حيث إنه بواسطة تقنية الشبكات اللاسلكية الحديثة أصبح كل شخص في المنزل يستطيع أن يستخدم الإنترنت في أي مكان في المنزل. وهنا مكمن الخطورة -برأيي الشخصي- لأن الطفل أو المراهق -ذكراً كان أم أنثى - أصبح بإمكانه الانعزال والغوص بالإنترنت لساعات طوال بدون انقطاع في غرفته. وبما يترتب على ذلك من مشاكل سوء استخدام الإنترنت، والتي من أبرزها:
* الانعزال والانطوائية للمستخدم.
* إمكانية الدخول لمواقع محظورة (أخلاقية أو فكرية) حتى مع الحجب المطبّق من قبل هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات.
* إمكانية التغرير بالمستخدم القاصر لعمل شيء مشين.
* هدر وقت كبير بدون أية فائدة، مما قد يؤثر على المستوى الدراسي للطلاب والطالبات.
ومما يمكن عمله لتفادي مضار هذه التقنية المفيدة والتي أصبحت ضرورة ملحة في الوقت الراهن:
* وضع استخدام الإنترنت في مكان يتيح للراشدين في المنزل الاطلاع على المواقع التي يتم زيارتها من بعد.
* تثقيف جميع من في المنزل عن الإنترنت وعن المشاكل الممكنة من إساءة استخدامها.
* طرح نقاش في الاجتماع العائلي عن المواضيع التي يمكن البحث عنها في الإنترنت ومناقشتها في اجتماع لاحق.
* هناك بعض البرامج التي يمكن وضعها في أجهزة الحاسب الآلي والتي تمكّن الأب أو الأم من رصد كل موقع يتم الدخول إليه وكل ما تتم كتابته على لوحة المفاتيح.
* الاتفاق على وقت محدد في اليوم لاستخدام الإنترنت.
وعدّد (بسام عطوه) بعض المقترحات وقال : انا من وجهة نظري ان لا تسمح أبداً لأولادك بترتيب لقاء مباشر مع غيرهم من مستخدمي الحواسب بدون إذن مسبق من الأهل. وإن حدث ذلك، فليكن بمكان عام وبوجودك وايضا لا تستجب أبداً للرسائل أو الإعلانات المثيرة،. شجِّع أولادك على إخبارك في حال تلقوا مثل هذه الرسائل. إن تلقيت أنت أو أحد أفراد عائلتك رسالة مزعجة أو رسالة تهديد أرسل فوراً نسخة من هذه الرسالة إلى مزود الخدمة وأطلب منهم المساعدة، فالإنترنت وسط رهيب مخيف إذا دخله أطفالنا لوحدهم، فالأهل وحدهم قادرون على تخفيف مخاطر هذا الوسط وجعله وسطاً آمناً.
ويؤكد سيد فهمي يجب أن تتكلم مع أولادك، اسألهم عن الإنترنت وعن نوعية عملهم على الحاسب، لا تتصرف بعقلية القاضي -اسأل وكن مستعداً للإجابة عن بعض الأسئلة التي لا تتوقعها ولا تحبها، حافظ على حرية النقاش ومرونته وحافظ على وجود الحاسب ووصلة الإنترنت في مكان تواجد العائلة بدلاً من أن يكون مخفياً في غرف الأطفال. فإن لم يكن هناك شيء يخفونه فسوف لن يمانعوا. يمكن أن يكون الحاسب في غرف الأطفال لأداء واجباتهم المدرسية ولكن استخدم بعض البرامج الخاصة بالمراقبة ونصبها ضمن الحاسب الخاص بالأولاد بحيث تتمكن دوماً من معرفة ما يفعلون. اطلب من الأولاد مساعدتك بذلك. لا تنس تشغيل هذه البرامج من فترة لأخرى والإطلاع على أعمال أولادك، لا تعتبر هذا العمل تجسسا أو انتهاكا للخصوصية والسرية، كله يدور حول محور واحد هو حماية أولادك.
هل الآباء والأمهات من ضروريات تعلم التقنية الحديثة؟
زايد النجدي: تعلم التقنية الحديثة، فلا يجدر بك أن تكون جاهلاً، فالجهل مرفوض وليس له مكان ضمن العائلة. هناك الكثيرون من الرجال أو النساء المتقدمون في السن يتقنون العمل على الحاسب بشكل ممتاز؛ لأنهم أرادوا هذا. يجب أن تحث أولادك وأن تكون مثلهم الأعلى بمعرفتك وتعرف على الذين يتبادلون الاتصال مع أولادك. غرف الدردشة والمراسل الفوري هي مثل من يتكلم سراً وجميع الأبواب والنوافذ مفتوحة على مصراعيها. ساعد أولادك على فهم الأخطار الجديدة غير العادية، كيفية تجنب الانحراف، وعدم الوقوع في الأفخاخ. إن حدث وتلقوا رسائل محظورة، أو شعروا بأي تهديد، أو تسلموا مواد غير ملائمة، اتصل فوراً بالقائمين على إدارة خدمة الإنترنت وتقدم بشكوى عاجلة لمعالجة الأمر وشجِّع كل من حولك من أصدقاء وأقارب، أصدقاء أولادك ومعلميهم في المدرسة لتعلم التقنيات الحديثة وفتح النقاش حولها. شجِّعهم لإتباع الدورات التعليمية والتدريبية، استفاضة المحاضرين، القراءة، والممارسة. ساعد في نشر التوعية المعلوماتية بين الأولاد.
تذكر أن الأشخاص الذين على اتصال مباشر لا يظهرون دوماً على حقيقتهم. بسبب عدم تمكنك من رؤية أو حتى سماع هؤلاء الأشخاص، فإنه من السهل عليهم تزييف حقيقتهم،
تذكر أن ليس كل ما تقرأه على شبكة الإنترنت يمكن أن يكون صحيحاً. كن حذراً جداً عند تلقي أي عرض يتضمن دعوتك للقاء ما أو يتضمن زيارة شخص ما لمنزلك. ضع قواعد وإرشادات معقولة وضابطة لاستخدام أولادك للحاسب وناقشها معهم والصقها بجانب الحاسب كأداة تذكير. تذكر ضرورة مراقبة طاعتهم والتزامهم بهذه القواعد، خاصة عندما يتعلق الأمر بزمن استخدامهم للحاسب. استخدام الأطفال أو المراهقين الزائد للحاسب وولوجهم الإنترنت المتكرر وبأوقات متأخرة من الليل يمكن أن يكون مؤشرا لوجود مشكلة ما عندهم، تذكر أن الحواسب الشخصية وولوج الشبكة يجب ألا تستخدم كجليس أطفال إلكتروني وكونوا فعلاً أبوين، تحملوا المسؤولية. لا تلوموا أي شخص آخر. إنهم أولادكم.
وقال (طلال القناديلي): إن من الواجب علينا جميعًا نشر الوعي لدى الجميع حول تلك التقنيات الحديثة بشتى صورها، ولاسيما وقد فرضت نفسها على الناس، مع إرشادهم إلى الأشياء النافعة والهادفة فيها، ليحسنوا التعامل معها والانتفاع بها. وعلى الآباء توجيه أبنائهم وإرشادهم للاستخدام الصحيح ومتابعتهم في هذا الشأن؛ لتكون تلك التقنيات معينة لنا لا علينا في تربيتهم وتنشئتهم. مع وضع الرقابة الجادة على تلك التقنيات، وهذه تحتاج إلى وسائل معينة يقوم بها الوالدان دون إشعار أولادهم بذلك، على أن تكون هذه الرقابة في حدود المعقول وعلى الوالدين البحث عن الوسائل المتاحة لتعليمهم الخير وتربيتهم عليه، وذلك باختيار البرامج المناسبة التي تعين على الخير وتوصلهم إليهم. وعليهم أيضاً تقوية الجانب الإيماني والوازع العقدي لدى الأولاد المتمثل في الخوف من الله والمراقبة، وتربيةِ الضمير الداخلي، وتوجيههم الوجهة الصالحة ليكوّنوا بعد ذلك لبنةً صالحة في المجتمع داعية إلى الإصلاح مجتنبة جميع ما يهدم دينها وأخلاقها.
واضاف الدكتور محمد امام تركزت العديد من الدراسات الحديثة حول أهمية تعليم الأطفال أنفسهم الآثار الإيجابية والسلبية من جراء استخدام الانترنت، وللأسف كثير من الأطفال لا يدركون معنى الرسائل التي يتلقونها في وسائل الإعلام الحديثة من خلال التليفزيون والانترنت أو الأفلام، لمساعدة الأطفال على فهم مخاطر شبكة الانترنت، والرسائل التي يتم استقبالها بصورة مفاجئة، مضيفاً إنه يجب على المتخصصين وضع رسائل إعلامية إيجابية؛ لأن الكثير من وقت الأطفال يمضي من دون إشراف أو توجيه أو مراقبة، وبالتالي يكون من الأفضل لهم مشاهدة برامج جيدة ومناسبة، بعيداً عن الأعمال الأخرى السيئة وتأثيرها السلبي على الذاكرة على المدى الطويل. والجلوس أمام الكمبيوتر لفترة طويلة، والاستعمال المتزايد للتكنولوجيا، قد يزيد من صفات التوحد والانعزالية، وقلة التواصل مع الناس.
ما مدى تأثير التقنيات الحديثة على الشباب من الناحية الدينية؟
وقال الشيخ فيصل القحطاني ،الداعية بوزارة الشؤون الإسلامية والاوقاف بالخبر، إن الأسرة هي الركيزة الأساسية في عملية التربية وإن الأب هو القدوة الحسنة لأولاده حيث يجب الحوار والنقاش مع الأبناء بأسلوب منطقي بعيداً عن التطرف والغلو ينبع من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، مشدداً على أن مسألة الحجب ليست حلاً صحيحاً إطلاقاً للتعامل مع التقنية بل تنمية الوازع الديني للأبناء هو الواجب المحتم على كل مرب، ومؤكداً أن الوعظ الكلامي مهم. كما طالب بضرورة وجود نماذج وقدوات حسنة تؤثر في البنين والبنات وتنير لهم الطريق الصحيح للتعامل الايجابي مع التقنيات الحديثة. ثم وجه خطابه للأبناء حيث حذرهم من التواصل مع الغرباء من خلال البريد الالكتروني أو الماسنجر أو نحو ذلك، مضيفاً إن على الآباء والأمهات أن يخصصوا لأبنائهم قدرا من الثقافة الدينية. كما أكد أن على الأسرة دورا في تقييم رفاق أبنائهم معللاً ذلك بأن تأثير الصديق أقوى من تأثير الساحر،
ويضيف فضيلة الشيخ عبدالله الناصر ،قاضي استئناف بالدمام، عن ظهور التقنية ودخولها إلى تفاصيل حياتنا اليومية وأنها أخذت تندرج في جميع مجالات شؤوننا الخاصة والعامة، كما أصبحت الأسرة في قلق وحيرة أمام الفوضى التقنية المتعددة. متسائلاً عن مدى قبولنا لهذه التقنية، وهل يصح أن نعيش في معزل ومنأى عنها.. مؤكداً أن العيب ليس في التقنية بذاتها، بل هو في كيفية استخدامنا لها.
إن لكل من المنزل والمدرسة والمسجد والمجتمع دوراً هاماً تجاه تلك التقنيات، فعلى الجميع التعاون والتكاتف للوصول إلى الثمرة المرجوة في حفظ المجتمع من شرور تلك التقنيات التي تُرك لها الحبل على الغارب.
إن رعاية الأبناء وتربيتهم في عصرنا الحاضر تحتاج إلى يقظة ولي الأمر؛ نظراً لتعدد وسائل التوجيه وطرق التأثير السلبي ومن ذلك الاستخدام السيئ للتقنية، حيث إنه لم يعد بالإمكان منع دخول تلك التقنيات لحاجة الإنسان، فعلى الأسرة أن تحمي أولادها وترعاهم وتقوم بتحصينهم بالتربية والتوجيه والنصح والإرشاد وبالأساليب المناسبة المستمدة من الكتاب والسنة لتكون حائطَ الصدِّ القوي ضد مآسي تلك الوسائل الحديثة التي تعرضهم لمخاطر لا تحمد عقباها، قال صلى الله عليه وسلم (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ..) (رواه البخاري ومسلم).
إن على كل أسرة أن تمنح أولادها وقتًا للتمتع بتلك التقنيات مع متابعتهم وإرشادهم إلى الصالح فيها، وتحذيرهم من مغبة شرورها وفتنها، وألا تتركهم لتلك التقنيات تتلاعب بهم فيكونون فريسة سهلة للتأثر بكل ما يعرض عليهم من شبهات وشهوات، فتقلب حياتهم رأساً على عقب، ويصبحون عوامل هدم لدينهم ومجتمعهم وبلدهم.
فالمدرسة فهي المحضن الثاني للأولاد بعد البيت، فهي تؤثر في تكوين شخصيتهم وصياغة فكرهم وسلوكهم، والواجب عليها تنمية الحصانة الذاتية لدى الطلاب ضد تلك التقنيات عن طريق التوجيه الصحيح الراشد، والبرامج التعليمية الهادفة التي تساعدهم على فهم تلك التقنيات وكيفية التعامل معها في حدود ما أباح لهم الشارع الحكيم. وتحذيرهم من أي ممارسات غير لائقة، مع إيجاد حلول لمعالجة تلك الممارسات والسلوكيات. وإقامة لقاءات، ومجالس مدرسية، لتوضيح الإيجابيات والسلبيات عند كل طالب، وكيفية الوصول للعلاج الأمثل، بما يعزز جوانب التوعية التربوية والتكامل في تحقيق الرعاية الشاملة للطلاب.
ويقول (الدكتور احمد المبارك) ما يتعلق بالتعامل مع الاجهزة والبرامج والتطبيقات الالكترونية الحديثة، فانني لا اجد ما اضيفه، ونصح الجميع بكتاب بعنوان «ابناؤنا والأجهزة الذكية» وقد اوضح فيه الكثير من الاساليب التربوية الكفيلة.
يعد الفراغ الفكري من أبرز الانحرافات السلوكية لدى الشباب فهو من أكبر التحديات التي تواجه الأمن الاجتماعي وضح لنا؟
يقول (الدكتور ممدوح الدوسري) إن الفراغ الفكري هو ما يمكن تعريفه بخلو عقل الإنسان من الفكر والوعي، وان الفراغ الفكري مقصوده خلو عقل الإنسان من المعلومات وخلو عقل الإنسان من الفكر الذي هو ناتج عن جمع معلومات من مصادر مختلفة وتحليلها والاستفادة منها والخروج بقناعات وثوابت فكرية محدود.
والفراغ الفكري في نظري يرجع للجهل الناتج عن الأمية الفكرية.عدم وجود مناعة فكرية تقي العقول من الغلو والافراط الفكري. وحق علينا أن نبرز المفهوم الإسلامي لوقت الفراغ وأهمية استعماله من خلال قول النبي «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ» رواه البخاري وأهمية وقت الفراغ فقد وضعه الإسلام في موضع عال واعتبره نعمة يجب صيانتها واستعمارها وأن كثيرا من لا يستفيد ولا ينفع .( ) والحديث الثاني «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك» .
ويعد الفراغ الفكري من أبرز الانحرافات السلوكية لدى الشباب، فهو من أكبر التحديات التي تواجه الأمن الاجتماعي، حيث يعد تربية للانحراف حيث أشارت بعض الدراسات التي أجريت في مجال الأحداث الجانحين إلى أن نسبة كبيرة من حوادث جنوح الأحداث تقع خلال وقت الفراغ.
أصحاب الأفكار المتطرفة لديهم رغبة جامحة في إقصاء الآخرين فهم الوحيدون القادرون حسب رؤيتهم على فهم الحقائق والأمور.
وللقضاء على مشكلة الفراغ الفكري يجب ‌تثقيف الوالدين لأبنائهما وتوعيتهم منذ الصغر. ‌وأن يحرص الإنسان على القراءة والتثقف بمختلف الجوانب والعلوم.
وقال (ياسر طويش): إذا تخلص الإنسان من الاضطراب الفكري وتحلى بالايمان والفكر السليم والعمل الإيجابي فإنه يشعر باستقرار فكري يعطيه طمأنينة وراحة وسعادة وشعورا بالعزة و الكرامة وهذا ما أقوم به وأدعو له في جميع كتاباتي منذ 1429هجري.
وفي الختام أتمنى التفاعل الجاد مع هذه الطروحات بشكل هادف وبناء بعيدا عن الانتصار للنفس والتعصب للخصوصية .
وذلك بتصحيح الخطأ و إقرار الصواب بأسلوب حضاري راق علمي منطقي معزز بالدليل و الحجة، فإن الفكر يفعل ما لا تفعله الاسلحة النووية والجيوش الجرارة، فإذا تشكلت ارادة قوية وصدقت النوايا مع صحة المنهج والعمل الدؤوب
فاملي ان ينظر الله إلى تلك الجهود نظرة رضا فيبارك فيها ويهبنا ما تقر به أعيننا وما لا نتوقعه فالله اذا اعطى ادهش.
الشيخ عبدالله الثميري مع بعض الضيوف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.