علينا أن ننسى ما يسمى فئة الواحد في المائة من المذمومين الذين ثارت ضدهم حركات من قبيل «احتلوا وول ستريت» و«قراصنة بلا عنوان». اتضح أن الجزء الأكبر من ثروة العالم هو في أيدي فقط 0.7% من السكان. وبالنسبة لأولئك الذين يشْكون من أن التيسير الكمي يهدف إلى دعم أسعار الأصول وليس إلى إعادة تنشيط الاقتصاد الحقيقي حيث يتم صنع الأشياء وبيعها، فإن تقرير الثروة العالمية من بنك كريدي سويس سيكون تقريرا مثيرا للاهتمام. يحاول البنك السويسري في كل عام تقدير الأصول المالية والمادية لحوالي 4.7 مليار شخص، بما في ذلك العقارات، ولكن مطروح منها الديون، لإنتاج تقريره. الطبعة الأخيرة تفترض أن 34 مليون شخص يسيطرون على 112.9 تريليون دولار من الأصول، أو 45.2% من إجمالي الثروات في العالم. ووفقا لأسعار الصرف الثابتة، زادت الثروة العالمية بحوالي 13 تريليون دولار في العام المنتهي عند منتصف 2015. وفي حين تعتبر الطبقة المتوسطة في الصين الآن أكبر من مثيلتها في الولاياتالمتحدة، حيث يبلغ عدد أفرادها 109 ملايين صيني في مقابل 92 مليون أمريكي، استفادت الولاياتالمتحدة أكثر من الارتفاع في الازدهار في جميع أنحاء العالم بحدود 4.6 تريليون دولار. زادت ثروة الصين بنسبة 1.5 تريليون دولار، في حين ارتفعت حصة المملكة المتحدة صاحبة المركز الثالث بمقدار 360 مليار دولار. وعلاوة على ذلك، يقدر كريدي سويس أن عدم المساواة ارتفع منذ أزمة الائتمان عام 2008، مع نمو في ثروة الطبقة المتوسطة أبطأ من الزيادة التي يتمتع بها الجزء العلوي من الهرم. يقول التقرير: «تشير تقديراتنا إلى أن النصف السفلي من سكان العالم يملك مجتمعا أقل من 1٪ من الثروة العالمية، في حين أن أغنى 10% من البالغين يملكون 88% من جميع الثروات ويمثل أعلى 1% نصف مجموع الأصول في العالم». ولأن الذين في الجزء العلوي لديهم المزيد من أصولهم التي وضعت جانبا بوصفها ثروة مالية- الأسهم والأوراق المالية الأخرى- أصبحت الأصول المالية الجزء الأكبر من كعكة الثروة العالمية منذ بداية الأزمة. فماذا يعني هذا بالنسبة للسياسة النقدية والاقتصاد العالمي، الذي يعتمد في جزء كبير منه على ثقة المستهلكين المستمرة بما يكفي لتقديم النشاط الاستثماري اللازم للنمو؟ ضخت البنوك المركزية 5 تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي من خلال مختلف برامج التسهيل الكمي التابعة لها، وما زال يبدو أن العالم حتى الآن عرضة لخطر الانزلاق نحو الركود. إليكم ما قاله بنك انجلترا حول التيسير الكمي في العام الماضي: «لم نجد أي دليل يعتد به إحصائيا من أي من النهجين يفيد بأن البنوك التي حصلت على زيادة الودائع من التيسير الكمي قدمت المزيد من القروض، في حال تساوي جميع العوامل الأخرى. نتائجنا لا تستبعد قناة الإقراض المصرفي، ولكن لو كان التأثير قويا جدا فيبدو من غير المحتمل ألا يكون هناك أي دليل على ذلك في الاختبارات التي أجريناها». في حين لم يفلح التيسير الكمي في تعزيز توافر القروض للشركات حتى تقوم بالاستثمار في نموها، فقد ساعد ذلك على تعزيز القيم السوقية للأسهم العالمية- التي تضاعفت منذ نهاية عام 2008 حتى بعد تراجعها في منتصف هذا العام. معنى ذلك أن التيسير الكمي قام بجزء من وظيفته، مولدا أثناء ذلك التضخم في أسعار الأصول على الرغم من أن أسعار التجزئة لا تزال راكدة وخطر الانكماش لا يزال على قيد الحياة، في الوقت الذي ذكر فيه التقرير الأخير انخفاضا بنسبة 0.1% في الأسعار الاستهلاكية السنوية في المملكة المتحدة في سبتمبر. دون تلك الدفعة للأسواق المالية وأسعار الأسهم، من يدري كم مقدار الكآبة التي قد يكون عليها الاقتصاد العالمي؟ لكن في الوقت الذي تبدو فيه كفاءة التسهيل الكمي على أنها واهنة مع كل جولة جديدة من التحفير، آن الأوان للحكومات لفعل المزيد من أجل إنعاش الاقتصاد في القطاعات غير المالية.