عندما اقترحت الحكومة الصينية هذا الأسبوع إنهاء سياستها القائمة منذ عقود فيما يتعلق بسقف الإقراض المصرفي، كان هناك سبب وجيه لنكون متشككين حول دوافعها. وسجلت الصين للتو أكبر تراجع أسبوعي لها في الأسهم منذ عام 2008، التي من شأنها إلغاء قاعدة تفرض أن يكون حد الإقراض المصرفي هو 75 بالمائة من الودائع وتبدو كمحاولة الحكومة الأخيرة للحفاظ على النمو الاقتصادي بشكل مُصطنع بنسبة 7 بالمائة. وذلك الشك قد يكون مُبرّرا بالكامل. لكن من السابق لأوانه أن نعلم على وجه اليقين ما هي حقيقة الأمر، وإزالة القيود عن الإقراض المصرفي يمكن أيضاً أن يتبين أنه خطوة كبيرة من قِبل الرئيس تشي جين بينج نحو تدويل النظام المالي في الصين ووضعه على أُسس أكثر صلابة على المدى الطويل. ولكن هذا سيتوقف على ما إذا كان الرئيس تشي يملك الشجاعة للتقدم أبعد من ذلك، من خلال التخلص من السقف الذي فرضته الحكومة على الفائدة على الودائع، ومثل هذا التحوّل، الذي يدعوه البنك المركزي في الصين بأنه واحد من التحوّلات «الأخطر» التي يجب أن تأخذها البلاد في الاعتبار، سوف يُثبت أن تشي مستعد لجعل قوى السوق تُسيطر على النظام المالي في البلاد. وإزالة السقف عن أسعار الفائدة التي تدفعها البنوك على الودائع من شأنه أن يُظهر أن الحزب الشيوعي على استعداد لتحمّل الآثار غير المؤكدة من منافسة مفتوحة للحصول على الأموال النقدية. وفي حين أن هذا سيُمثل خطوة حيوية نحو تدويل اليوان، إلا أنه سيكون أيضاً بمثابة باب للمشاكل المالية، وارتفاع التقلب في النظام المصرفي يمكن أن يعني تكاليف اقتراض أعلى للشركات، بما في ذلك الشركات المملوكة للدولة التي تهيمن على الصين، وإثراء كبار شخصيات الحزب الشيوعي الذين يعتنون بالرئيس تشي. ولهذا السبب فريق تشي ربما قد يُفضّل تأجيل إصلاح أسعار الفائدة لبضعة أعوام أخرى. ولكن في غياب مثل هذا التحوّل، سقف الإقراض الذي اقترحه يوم الثلاثاء لن يؤدي سوى إلى رفع أسعار الأسهم - على الأقل حتى تنفجر فقاعة الأسهم. كما أن الانخفاض بنسبة 3.5 بالمائة يوم أمس في مؤشر شنغهاي المُركّب يُشير إلى أن المساهمين بدأوا يشعرون أن ارتفاع الصين هو في الغالب مدفوع من الزخم، وليس بسبب أرباح الشركات. وفريق تشي لم يدعم ارتفاع أسهم شنغهاي البالغ 124 بالمائة على مدى الشهور ال 12 الماضية من خلال تغييرات هيكلية للاقتصاد الصيني. وتفاقم ملف الديون في الصين يجعل طفرة الأسهم تبدو إلى حد كبير على أنها أمر عابر، وإذا أردنا أن نأخذ فكرة عن حجم مشكلة الديون في الصين، يمكننا النظر في تقرير بلومبيرج الأخير عن مدينة تيانجين الساحلية الشمالية، حيث كانت المدينة قد خططت لبناء آفاق خاصة بها مُميّزة بناطحات سحاب حديثة جداً على غرار مانهاتن في نيويورك، وحدائق على ضفاف النهر وطُرق سريعة مكونة من ستة مسارات. اليوم، تبدو أكثر كأنها مجموعة على غرار أفلام زومبي المُروّعة. ديون الحكومات المحلية وحدها تتجاوز الآن 3.7 تريليون دولار من احتياطات العملة التي قضت بكين 15 عاما وهي تقوم بجمعها. ضمن الحزب الشيوعي الإنفاق على هذا الهوس عن طريق تخفيض تكاليف فتح حسابات التداول وخلق آفاق جديدة للإقراض مقابل هوامش قليلة. كما شن أيضاً حملة علاقات عامة ضخمة لإضفاء صفة الوطنية على ملكية الأسهم. الخبر السار هو أن الرئيس تشي لا يزال يملك مجالاً ليُصبح جاداً بشأن إعادة ترتيب البيت المالي في الصين. ومقياسان من مقاييس القطاع الخاص للنشاط الاقتصادي - مؤشر مديري المشتريات التابع لبنك إتش إس بي سي واستبيان من الشركة الاستشارية تشاينا بيج بوك - يُشيران إلى أن جهود التحفيز التي تقوم بها الحكومة تكسب قوة الزخم في الوقت الحاضر. الخطوات الأخيرة لتخفيف السياسة النقدية وتعزيز الموارد المالية تزيد الاحتمالات بأن النمو الاقتصادي سيقترب من هدف بكين لهذا العام، ويقول ليو لي جانج من بنك أستراليا ونيوزيلندا إنه حتى العقارات «بدأت تظهر علامات على التحسن بعد 11 شهرا متتاليا من انخفاض الأسعار»، وكل هذا ينبغي أن يمنح تشي مُتنفساً لمتابعة بعض الإصلاحات الأكثر طموحاً، بما في ذلك إصلاح الفائدة على الودائع. وفي الوقت الحالي، هناك طريقتان حتى يتردد صدى الاضطراب المالي في الصين - التي ناتجها الاقتصادي البالغ 10 تريليونات دولار هو الآن تقريباً ضعف الناتج الاقتصادي في اليابان وحوالي ثمانية أضعاف الناتج الاقتصادي في كوريا الجنوبية - حول العالم: إما أزمة ديون أو تراجع الأسهم. لا يستطيع صناع السياسة من سيؤول إلى البرازيل سوى الرجاء في ألا ينهار الأمران معا في الوقت نفسه. من خلال هذا التحول في سياسة الإقراض في البنوك، ربما يريد الرئيس تشي أن يعطي إشارة بأنه على استعداد لإنشاء نظام اقتصادي أكثر عقلانية. كل ما نستطيع أن نفعله هو أن نرجو أن المشككين هم على خطأ.