استقبل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها شهر رمضان الكريم بكثير من الفرحة والابتهاج، ذلك لأنهم يعتبرونه مناسبة سنوية يصلون فيها أرحامهم ويجددون فيها إيمانهم، وهي مناسبة يحرص الكل على أن يكون فيها مع الأهل والأحبة والأصدقاء ليشاركهم الفرحة والسرور في هذا الشهر المبارك. فتعزز فيه الروابط الاجتماعية .. ويسود فيه التسامح والتآخي بين أفراد المجتمع، وبالإضافة إلى ذلك فإن لهذا الشهر الكريم عادات وتقاليد ضاربة في جذور المجتمع السعودي ..، وحول هذه العادات والتقاليد المعروفة لدينا يحدثنا سلطان العيسى عن عادته السنوية في استقبال الشهر الكريم فيقول:» أرى أن العادات والتقاليد التي كنا عليها في السابق من حيث الاستعداد لاستقبال الشهر الكريم لم يطرأ عليها أي تغيير، فكنا ولم نزل نبدأ بالاستعداد قبل قدوم شهر الخير بأسبوعين، نبدأها بشراء المواد الغذائية الأولية التي تدخل ضمن صناعة وجبة الإفطار المعروفة كالهريس، الثريد، الأرز .. وغيرها من السلع، وهذه المواد في الغالب يتم إعدادها في البيت ضمن عادات رمضانية مميزة لنا فيما نحرص عليها نحن أفراد الأسرة في كل عام»، وعن طريقة إعداد الوجبات وتحضيرها يقول العيسى :» اختلف الوضع كثيرا، وحلت الآلات الحديثة محل القديمة وأصبحت المواد الغذائية متوفرة بشكل كبير وجاهزة للاستعمال ولا تحتاج إلا للطبخ فقط، وهذا ما أفقد تراثنا، فقد كان في السابق عند عملية الطحن تجد أفراد الأسرة مجتمعين يتحدثون في شئون العائلة في جو مفعم بالفرح والبهجة، فضلا عن أن هناك الكثير من العادات والتقاليد الرمضانية التي اختفت بشكل كامل أو هي في طريقها للاختفاء، ولقد كانت تشكل هذه العادات جزءا من أدبيات رمضان لدينا في السابق، ولها واقع في النفس لا يضاهيه شيء .. ناهيك عن الزيارات المتبادلة بين الأسر، وذلك حيث تقوم النساء بإعداد بعض الوجبات والتي تعرف باسم « الغبقة «، ويكون اجتماعهم في أحد المنازل .. حيث تجدهم يتبادلون الحديث فيما بينهم إلى ساعات متأخرة من الليل»، ويؤكد الجميعة ما جاء في حديث العيسى ويضيف :» .. كذلك من ضمن العادات أن الأطفال كانوا يستقبلون الشهر ببهجة وسرور، حيث تجدهم يمارسون بعض الألعاب التي كانت مقتصرة فقط خلال شهر رمضان، ومن ضمن الألعاب ما كانت تعرف باسم « الغميمة « أو « الشعرور»، كذلك كانوا يتسامرون على النكت والأمثال والألغاز، كما أن الحكايات البطولية والأمجاد القديمة تكون حاضرة بقوة في مثل هذه السهرات، ولكن تغيرت أساليب الحياة في هذا الوقت، وأدى هذا إلى اندثار الكثير من العادات والتقاليد القديمة التي كنا نفتخر فيها، ولكن يجب على كل أسرة أن تسعى لإحياء هذه العادات بكل ما فيها من ترابط اجتماعي»، وفي سبيل المقارنة بين رمضان في السابق وبين رمضان الآن يقول يوسف الخالدي:» هناك تقاليد وعادات حافظ عليها المجتمع إلى يومنا هذا، منها أن نصوم رمضان مع أسرنا وأهلنا وأحبتنا لنعيش معا فرحته، كما نتبادل الزيارات مع الأصدقاء، أما على المستوى الاجتماعي فما زال الجميع يحافظ على أدبيات رمضان ضمن تعاملاتهم اليومية، ومنها على سبيل المثال، لو أخطأ أحدهم في حقك فبدل من أن ترد عليه بالمثل، سيكون ردك عليه، وبشكل تلقائي هو العبارة المشهورة: رمضان كريم، أي بمعنى أنك تجاوزت عن خطئه تكريما وتشريفا لهذا الشهر المبارك»