لا أدري كيف حملتني الجرأة في الأسبوع الفائت وتخيّلت نفسي مديراً للتعليم؟! ولا أدري كيف شطح خيالي وأوهمني بأنني سأعمل ما لم يعمله الآخرون! ربما تحملنا أوهامنا وخيالاتنا لنتصور أشياء بعيدةً عن الواقع ولكنها ظاهرتنا الصوتية العربية التي تنفخ في الذات أكثر مما تستحق، فلم أرَ أحداً أمامي، وكتبتُ ما كتبتُ، ولكنني أعتذرُ هنا عن تلك النفخة الأدبية، وخاصة بعدما علمته وشاهدته من انجازات وكفاءات مدير التعليم. (أصابعك ليست واحدةً) كما يقول المثل.. والمديرون ليسوا متساوين في إنجازاتهم الإدارية وأخلاقهم الإنسانية، وهذان الأمران هما أهم صور النجاح في القيادة التي تسعى للإنجاز والتفوّق. إن الإنجازات التربوية إذا اقترنت بتقدير الكفاءات البشرية من المعلمين والموظفين فقد تحقق البعد الإنساني في منظومة الإدارة التعليمية، ولعل القلة القليلة جداً من مديري التعليم يستطيعون القبض على هاتين القيمتين، ربما يستطيع مدير التعليم أن يكون ناجحاً في تطبيق الأنظمة بحذافيرها، ولكنه يفشل في ربطها بالأبعاد الإنسانية لمعلمي إدارته وموظفيه. الأستاذ حمد بن منصور العمران أحد القيادات التربوية الوطنية التي نفخر بها في مملكتنا الحبيبة، وهو من القيادات النادرة التي استطاعت أن تملك جانبي الإدارة وأبعادها الإنسانية في وقت واحد، وهذه ليست موهبةً في حد ذاتها بل قدرة وثقافة وشجاعة وطنية، الأستاذ العمران كسحابة الغيث التي ما إن تنزل على أرض إلا أنعشتها وأحيتها، إنه لا يمكثُ كثيراً في منصب (مدير التعليم) في منطقة واحدة، ولا يظل فيها عشرات السنين، إنه من خلال نجاحاته التي يحققها - مع فريق عمله الذين يختارهم بكفاءة - يجعله مطلوباً ومرغوباً لينقل النجاحات لمناطق تعليمية أخرى. لقد أثار هذا الرجل إعجاب كثيرين من قيادات الوزارة، ومن أمراء المناطق ومواطنيها الذين يسعون لكسبه قائداً فاعلاً في الإدارات والمشاريع ورعاية الكفاءات التي يشاهدها الناس واقعاً، وليست مخططات ورقية. إن الانجازات التربوية إذا اقترنت بتقدير الكفاءات البشرية من المعلمين والموظفين فقد تحقق البُعد الإنساني في منظومة الإدارة التعليمية، ولعل القلة القليلة جداً من مديري التعليم يستطيعون القبض على هاتين القيمتين، ربما يستطيع مدير التعليم أن يكون ناجحاً في تطبيق الأنظمة بحذافيرها، ولكنه يفشل في ربطها بالأبعاد الإنسانية لمعلمي إدارته وموظفيه.إن الذين اطلعوا على انجازات الأستاذ العمران في القيادة التربوية ليعجبون بقدرته على تحويل البيئات التعليمية من وضعها الكلاسيكي البائس، إلى محضن من محاضن الجمال والرقي الجاذب لفئات الطلاب والمعلمين، ولأول مرة في حياتي أرى مديراً للتعليم يهتم ببيئة المدارس وجاذبيتها، فملاعبها مزروعة وكأنها أندية صغيرة، وفصولها مزيّنة ومجمّلة وكأنها مراكز ثقافية وليست فصولاً طلابية، إن المدارس التي يشرف عليها الأستاذ العمران هي كحال المدارس المنتشرة في المملكة، ولكنه أضفى عليها كثيراً من التغييرات والديكورات لتحمل هوية المنطقة الثقافية والحضارية التي تنتمي إليها، وتستمد من التراث العمراني قيمة الجمال والأصالة في وقت واحد، خاصة عندما دشّن الأستاذ العمران من خلال إدارته لتربية وتعليم منطقة حائل (سينما ثلاثية الأبعاد) ولأول مرة في مدارس المملكة. إن أهم ما يميّز الأستاذ العمران في إدارته أنه يصدق عليه المثل (قول وفعل)، فهو يحبّ خدمة المعلمين والطلاب، ويقابل الكبير والصغير، والوجيه والبسيط في مكتبه المفتوح على مصراعيه، ويسعد بتحقيق مطالبهم، إنه لا يتحجج بأن (النظام لا يسمح) كما نسمعها كثيراً، ولكنه يملك شجاعة الرجال الذين لا يُخِلِّون بنظام العمل، ولا يُغضبون المواطنين الذين يسعون له فيما ينفع البلد وأجيال البلد من طلاب وطالبات، ومعلمين ومعلمات، وما أكثر سعادة الأستاذ العمران عندما يرى معلمي مدارسه من حملة الشهادات العليا، أو من يسعون لها وقد وجدوا منه يد العون والتشجيع لأن تعليمهم وشهاداتهم ستصب في خدمة التعليم وهذا ما يراه ويعتقده. إن الكثيرين يعلمون أن منصب (مدير التعليم) منصبٌ حساس وخطير لكونه يشرف إشرافاً مباشراً على مئات المدارس، وآلاف من المعلمين والمعلمات، والطلاب والطالبات، وهذا أمر لا غضاضة فيه، ولا يستحق التخويف والتراجع إذا كنا نملك قيادات كالأستاذ حمد العمران ورجالات إداراته الذين فوّضهم تفويضات كبيرة ليكونوا كمدير التعليم في صنع القرار واتخاذ الأمر الحاسم لصالح المعلمين والمواطنين المراجعين الذين قلما يشتكون من هرمية وبيروقراطية الإدارات الأخرى، والتي تتعطل فيها بعضٌ من المصالح لحين عودة مدير التعليم من انتدابه خارج المنطقة! [email protected]