تستهدف ثقافة الانتخاب تنمية الوعي الانتخابي لدى الجماهير.. الوعي بدور المواطن ومسئوليته عن قراره الانتخابي.. والوعي بأهمية مشاركته في العملية الانتخابية.. والوعي بأهمية اختيار الأفضل.. وليس الأقرب.. وأنها مسئولية وطنية وأخلاقية.. وأنها تقيس مدى اهتمامه بمصالح البلاد ومصالح المواطنين.. لأن العملية الانتخابية هي الطريق نحو انتخاب الشخص المؤهل والكفء لممارسة دوره في خدمة الوطن. ويترتب على عزوف الواعين والمثقفين عن المشاركة في العملية الانتخابية.. ترك المجال لمن لا يهمه صالح الوطن والمواطن.. لينتخب الأشخاص من غير ذوي العلم والخبرة والجدارة.. وينتج عن ذلك وصول المرشح غير المؤهل للمشاركة في صنع القرار.. بينما أن مشاركة أصحاب الخبرة والكفاءة والعلم في العملية الانتخابية حري بها أن تؤدي إلى انتخاب أفضل المرشحين للإسهام الفاعل في صنع القرار السديد. وعلى درب الإصلاح والتطوير ومن أجل إفساح المجال لمشاركة المواطنين في صنع القرار تبنت حكومة المملكة العربية السعودية وفقها الله قرار إجراء الانتخابات للمجالس البلدية.. كخطوة أولى ستتلوها خطوات أوسع.. ويستهدف هذا القرار البدء الفعلي في العملية الانتخابية.. ونشر ثقافة الانتخاب بين المواطنين.. وهو مجس عملي لمستوى الإقبال على المشاركة فيها. وقامت وزارة الشئون البلدية والقروية المعنية بتنفيذ القرار.. بتهيئة الرأي العام في البلاد منذ أسابيع.. وتنفيذ برامج تثقيفية.. وافتتاح مراكز في جميع المناطق والمحافظات.. للقيام بتسجيل الناخبين من سن الخامسة والعشرين وما فوق. غير أنه من الملاحظ ضعف إقبال الناس على التسجيل في هذه المراكز.. فهل سبب ذلك تدني ثقافة الانتخاب لديهم؟.. أم لعدم معرفتهم بأسماء المرشحين ومؤهلاتهم؟.. أم بسبب بعد هذه المراكز؟.. أم لأنهم يرون أن انتخاب أعضاء المجالس البلدية عملية ليست ذات قيمة اجتماعية واقتصادية؟.. فإذا وقع هذا التساؤل.. فإنهم على خطأ كبير.. ذلك لأن المجالس البلدية إذا كان أعضاؤها مخلصين ومؤهلين للإسهام في صنع القرار التنموي عمرانياً وخدمياً.. فإن ذلك من شأنه إفادة كل مواطن ومقيم في هذا المجتمع. والجميع يدرك أهمية الخدمات العمرانية والاجتماعية التي تقدمها الأمانات والبلديات لجميع المواطنين والمقيمين .. والعناية بالبيئة وبالصحة العامة من حيث رقابة الأسواق والمطاعم وجهود النظافة والصيانة للشوارع وغيرها وتنفيذ مشاريع عمرانية ذات صلة بمصالح المواطنين وليست هذه الأمور وغيرها من الخدمات قليلة الشأن وإنما هي ذات أهمية بالغة لكل شخص على أرض الوطن وإذا كان أعضاء المجلس البلدي يمثلون كافة أنحاء البلاد وهم على درجة كافية من الوعي بما يحتاجه المواطن فإنهم سيسهمون في صنع القرار السديد الذي يحقق تطلعات المواطن ويلبي احتياجاته من الخدمات البلدية العديدة التي تستهدف الصالح العام. ان الجودة النوعية للخدمات البلدية لا تتحقق إلا من خلال قرار يتميز بجودته النوعية ويستجيب لمتطلبات الحاضر والمستقبل .. ولا يتأتى هذا القرار إذا لم يكن أعضاء المجلس على مستوى متميز من العلم والوعي والحكمة والنزاهة. وطالما أن الانتخابات البلدية أصبحت واقعا ملموسا فإن كل مواطن مخلص لبلاده ينبغي ألا يتردد في ممارسة حقه بالمشاركة في العملية الانتخابية واستيعاب ثقافة الانتخاب مسئولية وممارسة وهدفا هذه الثقافة التي تدل على رقي المجتمع الإنساني وتأتي ممارسة الانتخاب دليلا عمليا على الالتزام بهذه الثقافة الراقية. وإذا أريد لعملية الانتخاب أن تحقق أهدافها .. فلابد من نشر الثقافة الانتخابية إعلاميا عبر وسائل الإعلام وتعليميا عن طريق الندوات والإذاعة المدرسية في المدارس الثانوية .. وفي محاضرات وندوات الجامعات وفي جميع المنتديات الفكرية والثقافية والاجتماعية وقيام خطباء المساجد بدعوة الناس للمشاركة فيها لاختيار الأفضل وتداول الحديث عنها بين أفراد الأسرة... حتى يستوعبها أفراد المجتمع.. ان المشاركة فيها تعني انتماء وطنيا وإحساسا بالمسئولية.