لم أكن اتمنى او اتصور انني سأتحدث يوما ما عن مثل هذا الموضوع في بلد السلم والسلام والأمن والأمان, اليس هذا البلد الذي يردد أهله في مطلع كل هلال دعوة حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم (اللهم هله علينا بالأمن والايمان والسلامة والاسلام). ان ما وقع بالرياض وما وقع قبله هو عمل ليس له اصل ولا جذور في وطن مثل المملكة العربية السعودية التي قامت ومازالت على مبادئ الاسلام العظيمة التي تقوم على العدل والحب والرحمة, انظر معي الى هاتين الصورتين الجميلتين في تراثنا الاسلامي العريق. امرأة تدخل النار في هرة حبستها وزانية تدخل الجنة في كلب سقته الماء بعد ان كاد يهلك, ان شرعا تمتد رحمته الى عالم الحيوان يملك رصيدا عظيما في ضمان الحياة الآمنة المطمئنة لرعاية حقوق الانسان والحفاظ على دمائه في هذا التشريع تجد تلك الآية العظيمة التي تشدد في الوعيد على من يقتل نفسا محرمة بغير حق وتتوالى الآيات الكريمات التي تربط ما بين التوحيد وحفظ حياة البشر, وفيه كذلك ان زوال السماوات والأرض اهون على الله من اراقة دم امرئ مسلم واحد. ولا تستغرب حينما ترى تلك اللمسة التاريخية الجميلة حينما يمتلك محمد صلى الله عليه وسلم وهو في اقسى ايام حياته ذلك القرار الرهيب الذي يطبق على اعدائه من الكفار الاخشبين, انها مقتلة عظيمة وهلاك ودمار يعرض عنه لينظر الى ما هو ابعد من ذلك الى عالم الحب بعيدا عن الاحقاد ليقول (لا لعل الله ان يخرج من اصلابهم من يعبده). انني وانا اسرد مثل هذه الصور المضنية لأشعر بالآسى ان يكون هناك من يعيش على ثرى هذا البلد الطاهر ممن يستحل الدماء التي حرمها الله اين هو تسأل فيه الموؤدة (بأي ذنب قتلت) يوم يأتي هولاء القتلى يتخضبون في دمائهم يسألونهم امام الله جل وعلا, اين هم من الارامل والايتام وهم يكابدون الثكل واليتم يدعون على قاتل ابيهم في كل دمعة وحركة وسكنة, اين هم واول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة هو الدماء. ان المحلل السياسي يحكم على الحادث من خلال معرفة المستفيد, وحينما نبحث عن المستفيد لا نجد الا اعداء الاسلام الذين يخططون ليل نهار للنيل من المملكة العربية السعودية حقدا وحسدا, لذا فان المجرم قد جعل نفسه اداة بيد اعداء الله سواء علم ام لم يعلم. اننا اليوم اذ نصاب بهذا المصاب الجلل والخطب الفادح فإننا مطلوب منا ان نلتف حول ولاة الأمر لأن قضية الأمن هي قضية استراتيجية لا يجب التساهل فيها ابدا. وقد ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكثير من المكتسبات التي يمكن ان تحصل اثناء غزوة الحديبية مقابل الحصول على اجواء آمنة والتي تبث صحة نظرته حيث انتشر الاسلام وامتد امتدادا افقيا بعد حصول الأمن, كما ان الله قد ذكر في معرض امتنانه على قريش (الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف). ان مجتمعنا المسلم يرفض هذه الجريمة ويلتف حول قيادته معلنا اننا جميعنا رجال أمن وان الوطن مسؤولية الجميع ونرفض المساومة على ثوابته وأولياتة وندعو الله للجميع بالهداية والتوفيق لما يحبه الله ويرضاه. * امام وخطيب جامع الاسكان بالدمام