ستكون انتخابات 2004 الرئاسية أكثر الانتخابات اهتماما بالسياسة الخارجية في الولاياتالمتحدة، على ما يبدو من ورقتين قدمهما ستانلي جرينبيرج، - باحث ومستشار سابق للرئيس كلينتون- وويليام كريستول، رئيس تحرير "ويكلي ستاندارد أمام معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى". وسيلعب الشرق الأوسط بالخصوص دورا رئيسيا في النقاش السياسي. ويقول جرينبيرج انه عندما دخل بيل كلينتون البيت الأبيض، منع خبراء سبر الآراء العاملين في فريقه من إجراء أي استقصاء حول السياسة الخارجية وكذلك من مقابلة مستشار الأمن القومي. ويفسر ذلك بأن الادارة لم تكن راغبة في أن يقال ان قراراتها الخاصة بالسياسة الخارجية تسببها حسابات سياسية داخلية. بيد أنه يعترف بأن السياسة الداخلية غالبا ما تتحكم بالشئون الخارجية. ويقارن الأمر مع إدارة بوش، فيرى أن استصدار القرار الخاص بالعراق في الكونجرس تزامن مع هبوط في درجة شعبية بوش في نتائج استفتاءات للآراء. وبالمثل، يضيف انه لا ينبغي أن يفاجأ أحد بأن إدارة بوش لم تقم بأي ضغط على حكومة أرييل شارون في الشهور الأخيرة، في إشارة من الباحث الى مدى حاجة المرشحين الى أصوات اليهود ودعمهم. ويرى جرينبيرج أن اتجاه الرأي العام الاميركي حاليا ينقسم الى 46 % متعاطفين مع الجمهوريين و46% الى جانب الديمقراطيين، وهذا ما يأخذه فريق بوش في الحساب، من حيث أن الحفاظ على السلطة يبقى الهم الأساسي لهذه الادارة، وهو ما يحدد جميع القرارات. ويلاحظ جرينبيرج أن 11 سبتمبر غير الكثير من المعطيات، حيث أن الاجراءات المتخذة لرد الفعل آنذاك زادت في شعبية الرئيس، ولم يعد من المهم كثيرا أن يقال عن ادارته انها "نيو- ريجانية" (أي تجديد لعهد ريجان)، وهو الأمر الذي كانوا يحاولون تجنبه قدر الامكان قبل العملية الارهابية. ومن الملاحظ هنا أن شعبية الرئيس ظلت مرتبطة في صعودها ونزولها بالقرارات التي يتخذها، مثل غزو أفغانستان، أو بالنجاحات التي يحققها، مثل أسر صدام حسين. ويلاحظ أيضا أن 11 سبتمبر لعب دورا هاما في إحياء بعض المفاهيم الرئيسية التي كان يتبناها رونالد ريجان، مثل: الاستثناء الأميركي، والالتزام بالحرية، والاستعداد لاستعمال القوة العسكرية دون كوابح. ويخلص الى أنه اذا كانت الحرب متجذرة في الحسابات السياسية (الداخلية) فقد كانت أيضا بمثابة إعلان للنيو-ريجانية. ويذهب ويليام كريستول تقريبا إلى نفس الاتجاه من حيث تأكيده على أن انتخابات 2004 ستكون الأوسع من حيث الرهانات المطروحة. وإذا أعيد انتخاب الرئيس بوش، فهو سيعتقد بلا شك أنه منح ولاية ثانية لتسيير دفة الأمور بدعم من أغلبية جمهورية واسعة في الكونغرس. وفي حالة هزيمته، فإنه سيكون باستطاعة الجمهوريين الحفاظ على أغلبيتهم في البرلمان ومجلس الشيوخ، في الوقت الذي سيتمكن فيه رئيس ديمقراطي من الحكم بنجاح لمدة تتراوح بين 6 شهور وعام، على أساس ما أحرزه على حساب بوش وبمساعدة جمهوريين معتدلين. والنتيجة أنه في الحالتين، ستتغير السياسة بشكل محسوس بقطع النظر عمن سينجح. ويقارن احتمال نجاح الجمهوريين بحالة انتصار جونسون في 1964 وريجان في 1980، حيث سيطروا أيضا على المجلسين اضافة الى البيت الأبيض. وقد كان لذلك تأثير كبير على الصعيدين الداخلي والخارجي. وتتمثل أهمية الانتخابات القادمة أيضا في انها ستكون الأولى منذ 11 سبتمبر، وهي ستظهر بالتالي ما إذا كان الأمريكيون راضين على الاجراءات التي اتخذها بوش أم لا، خاصة فيما يهم وجود حوالي 100 ألف من جنودهم في العراق. ويقول كريستول انه سيكون من المستحيل في الواقع تحليل التنافس الحالي دون الرجوع الى موضوع الحرب، وما يتبعها مما يحدد رؤية بوش للشرق الأوسط. @ واشنطن بوست