أثار اعتقال صدام حسين ردود فعل شديدة التباين في الأوساط الغربية والعربية على السواء، كما أطلق العنان لنظريات المؤامرة.. وقد تراوحت ردود فعل متلقي نبأ الاعتقال بين مكذب اعتبر الأمر خدعة، الى متشكك بتاريخ الاعتقال ومبرر لحالة الاستسلام التي ظهر فيها الرئيس السابق وهو في الأسر، وصولا الى ناسج لقصص حول تخديره وقيام عدوه اللدود ارييل شارون بزيارته في سجنه. وربما يكون هذا التباين مبررا في ظل حقيقة أن الرجل الذي خاض حربين ضد الولاياتالمتحدة وحلفائها، كان قد ترسخ في الأذهان في شكل اقرب الى الأسطورة. وكان أنصار صدام الذي اعتقل السبت الماضي في حفرة بمنطقة الدور في تكريت، أول من رفض تصديق انه لم يبد مقاومة لدى اعتقاله، بل كان متعاونا ، و طلب التفاوض مع الجنود الذين ردوا عليه بسخرية قائلين إن بوش يرسل إليك بتحياته ، كما أكد المسؤولون الأمريكيون. وهؤلاء، الذين يعلمون بان رئيسهم السابق كان يحتمي بالعديد من أشباهه، راحوا يؤكدون ان المحتجز لدى الأمريكيين ليس صدام وإنما أحد أشباهه. ووجدت الصحافة العربية في هذا الأمل اليائس عناوين راحت تنشرها بالخط العريض، وتداعب من خلالها أحلام أوساط عربية واسعة لاتزال تؤيد صدام. ولم يقف الأمر عند العرب وحدهم، بل ان سياسيين غربيين من أمثال الزعيم السابق لليمين النمساوي المتطرف يورغ هايدر، رفضوا تصديق رواية اعتقال صدام واعتبروها خدعة أمريكية و مهزلة إعلامية، وان الجيش الأمريكي قد يكون اعتقل شبيها له. نظرية المؤامرة اما على صعيد من استسلموا لحقيقة أن الرجل اعتقل، فقد راح بعضهم، ومن بينهم محللون سياسيون، في تعاطي نظريات تؤكد أن صدام اعتقل قبل وقت طويل من التاريخ الذي أعلن عنه، وانه لم يكن ليعتقل لولا أن هناك مؤامرة ما حيكت للإيقاع به. ولعل أبرز ما لفت انتباه أنصار هذه النظريات، تلك الصور التي بثت للموقع الذي تم اعتقال صدام فيه، والتي نشرتها الصحف العربية والدولية. واستشهد بعض أنصار نظرية المؤامرة من مؤسسة ديبكا فايل الإسرائيلية بملاحظات أخرى دعما لموقفهم ومن ذلك: طول وحالة شعر صدام الأمر الذي يوحي بأنه لم يحلقه لثلاثة أسابيع على الأقل ونفس الشيء بالنسبة للحيته. كما يلفتون الى أن الحفرة التي وجد فيها صدام كانت لها فتحة واحدة ولم تغط بالتراب وتموه فحسب بل كانت مغلقة بحيث ما كان ليستطيع أن يتسلق منها بدون أن يزيل شخص في الخارج ما كان فوقها. وحسب محللي المؤسسة فان صدام اعتقل بعد آخر رسالة صوتية بثت له في 16 من نوفمبر الماضي بمناسبة رمضان.. ويقول هؤلاء ان صدام اختطف بمساعدة من المقربين منه وأودع حفرة العنكبوت التي وجد فيها في تلك المزرعة بالدور جنوب تكريت لثلاثة أسابيع أو اكثر وهذا ما يفسر سوء هيئته وشكله وحالة الاستسلام التي كان فيها. نظريات اخرى والى جانب نظرية أن مقربين من صدام كانوا هم من أسلمه للأمريكيين، فان نظريات أخرى عديدة تم تداولها حول الطريقة التي وصل بها الأمريكيون إليه. فمن قائل ان من ارشد اليه كان رجلا معتقلا لدى الأمريكيين، الى مؤكد انه شخص غير عربي..لكن ابرز ما تم تداوله، كان متعلقا بشخص مجهول أطلق عليه لقب البدين . وكان كل ما أفصحت عنه قيادة القوات الأمريكية في العراق، من معلومات حول هذا البدين تفيد بانه صاحب كرش كبير وفي متوسط العمر وان اسرته لها صلة وثيقة بصدام حسين. غاز مخدر وقد الهب شريط الفيديو الذي بثته القوات الأمريكية واظهر صدام مستكينا بعد اعتقاله، خيالات واستنتاجات راحت تدور في مجملها في فلك نظرية تؤكد ان الرئيس العراقي السابق الذي اشتهر بصلابته وقوة شكيمته، لم يكن في حالة طبيعية، وتعرض للتخدير بغاز او بمادة ما!. ويتغذى أصحاب هذه النظرية على تقارير صحفية عديدة قالت ان صدام لف نفسه بحزام ناسف وانه يفضل الموت على الوقوع بيد الأمريكيين. وبالتالي، فانهم لم يجدوا سوى تفسير واحد لعدم مقاومة صدام لمعتقليه، وهو التفسير الذي رجحته حتى ابنته رغد التي تعيش في عمان حيث لجأت مع اختها رنا وابنائهما في أغسطس الماضي. وقد اكدت رغد انها على قناعة بان والدها كان مخدرا عند اعتقاله، واضافت: ان كل من يعرف صدام حسين او عرفه من خلال تاريخه يعرف قوته وصلابته والذي كان على شاشة التلفاز وعرض هو صدام حسين المخدر . وتشبث العديد من المحللين بهذه العبارات وراحوا ينشرون وقائع علمية تتعلق بتراكيب وأنواع من الغازات التي يمكن أن تكون استخدمت لشل حركة صدام ومنعه من مقاومة الاعتقال. زيارة شارون وبعد أن استهلكت التقارير التي أغرقت في سرد وتعزيز نظريات المؤامرة السابقة، راحت تقارير أخرى تسرد تفاصيل عن ظروف ومكان اعتقال صدام وما يفعله وهو في الأسر.. وشاركت وسائل الإعلام الأمريكية نظيراتها العربية في بث تقارير تشير تارة الى ان صدام تم نقله الى قاعدة العديد في قطر، وتارة أخرى ترجح ترحيله الى الولاياتالمتحدة. ولا تزال النظريات والتحليلات والتقارير تتواصل حول قصة اعتقال صدام حسين، وربما أنها لن تهدا قبل ردح طويل من الزمن. لكننا نشير الى احدث هذه التقارير والذي ذهب الى حد التأكيد على أن إسرائيل ساهمت في اعتقال صدام، وان رئيس وزرائها ارييل شارون احتفى بهذا التعاون المثمر على طريقته الخاصة، حيث زار العراق والتقى مع صدام حسين في سجنه. وقال التقرير: ان طائرة شارون هبطت في مطار بغداد في حوالي الساعة الثامنة مساءً يرافقه ضباط من أجهزة الاستخبارات .. وبموجب التقرير، فقد كان في استقبال شارون الحاكم المدني في العراق، بول بريمر، الذي رافقه أثناء لقائه بصدام حسين.