تبدي البنوك والمؤسسات المالية الخليجية العديد من التحفظات على تحرير الخدمات المالية في دولها، وكوننا نورد هذه التحفظات لا يعني بالضرورة أننا متفقون معها بالكامل، الا انها جديرة بالمناقشة على أي حال. وأول هذه التحفظات هي ان المؤسسات المالية الاجنبية تتمتع بقدر اكبر من الكفاءة مما سيجعلها تهيمن على قطاع العمل المصرفي بدول مجلس التعاون الخليجي. على كل حال ان مقولة ان البنوك الاجنبية اكثر كفاءة من البنوك المحلية ليست صحيحة دائما. في حين ان تواجد المؤسسات المالية الاجنبية في مجال العمليات المصرفية الخاصة وبعض المنتجات الاستثمارية قد يدفع القطاعات المالية المحلية لتحقيق قدر اكبر من الكفاءة. وبالنظر لما تتمتع به بنوك دول مجلس التعاون الخليجي من المام بالاسواق المحلية وروابط وثيقة بالمنشآت التجارية والصناعية المحلية، فقد لا تشكل المؤسسات المالية الاجنبية تهديدا لها في قطاع الاعمال المصرفية للافراد وللشركات. واذا كانت البنوك المحلية تحتاج الى المزيد من الوقت لتتكيف مع التنافس المستجد، فيمكن ان يمرحل التحرير المالي على مدى زمني اطول. ويعد مدى استعداد الحكومات لتأمين الدعم للمؤسسات المالية الوطنية عاملا هاما في مدى تحقيق اهداف تعزيز الكفاءة بواسطة الموارد المالية اكثر منه بواسطة فرض القيود على عملية التحرير المالي. ويتعلق التحفظ الثاني باحتمال ان يقتصر نشاط البنوك الاجنبية على خدمة الشرائح المربحة من الاسواق المحلية. فعلى سبيل المثال، ان عدم توفير الخدمات المصرفية للافراد في المناطق الريفية يمكن ان يكون له مردوده السيء على الاقتصاد. بيد انه ينبغي التمييز بين ما اذا كان عدم توفر الخدمات لهذه الشرائح بسبب ترتيبات حكومية ام بسبب عدم توفر البنية الاساسية والظروف الملائمة لتقديم الخدمة. واذا كانت هناك اسباب اخرى وراء الحاجة لتعزيز توفر الخدمات المالية في بعض الاسواق مثل تكلفة تقديم الخدمة في بعض المناطق الجغرافية، فقد يكون من الانسب استخدام الحوافز المالية عوضا عن الابقاء على السوق منغلقة. ويمكن ايضا للحكومة ان تلجأ الى التزامات خدمية موحدة تنطبق على المؤسسات المالية المحلية والاجنبية على حد سواء لتحقيق الابعاد الاجتماعية دون التضحية بمزايا الكفاءة التي يوفرها التنافس المفتوح. ويرتبط التحفظ الثالث بالتخوف من ان يؤدي تواجد عدد كبير من البنوك الاجنبية الى تفاقم مشكلة تضخم القطاع المصرفي بما يزيد على الحاجة الفعلية من حيث عدد البنوك، بيد ان هذه المشكلة يمكن معالجتها بوضع الاجراءات والترتيبات التي تعجل بخروج البنوك الفائضة عن الحاجة من السوق، وحتى لا تترك سوق النشاط المصرفي تعج بالبنوك، قد يكون العلاج الامثل هو السماح بعمليات الدمج المنظمة جيدا وليس توفير الحماية للبنوك المحلية. ويشير التحفظ الاخير الى ان التحرير المالي يزيد من سوء وضع ميزان المدفوعات . وحقيقة الامر انه في بادئ الامر تنساب رؤوس الاموال الى داخل البلد المعني مع قيام المؤسسات الاجنبية بانشاء وترسيخ وجودها، ويرجح ان يكون لذلك تأثيره الايجابي على النمو محققا المزيد من الدخل الذي يمكن ان يعوض، بل يزيد على الارباح التي تحولها البنوك الاجنبية الى الخارج. وفي حين ان المكاسب العائدة من عملية التحرير المالي تستلزم ان يتم ترسيخها بالنظم الاشرافية والتشريعية الملائمة، يبقى عدم استقرار التوجهات الاقتصادية الكلية وعدم كفاية البنية التشريعية والافتقار الى الاشراف الملائم من العوامل التي قد تؤدي الى تقويض ما يحققه التحرير المالي من منافع.