القيادة تهنئ الحاكم العام لبيليز بذكرى استقلال بلادها    اختتام الدراسات الأولية للشارة الخشبية لقائدات وحدات فتيات الكشافة    فلكية جدة: بداية فصل الخريف غدا    آي سي يو    رسالة المسجد في توطيد اللحمة الوطنية    الأمن العام: ضوابط مشددة لصون مكانة العلم السعودي    النصر يسحق الرياض بخماسية.. الاتحاد يتجاوز النجمة.. تعادل الحزم والفتح    أخضر البادل يختتم الخليجية ب(برونزيتين)    الذهب يحقق مكاسبه الأسبوعية الخامسة عقب أول خفض لسعر الفائدة    ماكرون: نعمل معاً من أجل تحقيق السلام.. ولي العهد والرئيس الفرنسي يناقشان نتائج «حل الدولتين»    مئات الضحايا والنزوح يتواصل.. قصف إسرائيلي غير مسبوق على غزة    بتوجيه من الملك وبناء على ما رفعه ولي العهد.. 1.3 مليار ريال دعماً لليمن    إسدال الستار على «الفضاء مداك»    علاقات خارجية متوازنة    ولي العهد.. نجم السعد    حائل: وكيل وزارة البلديات يطلع على «إتمام»    "الهيئة الملكية للرياض" تعالج الازدحام المروري    جيسوس يساند لاعبه وسط الانتقادات    تعادل الحزم والفتح سلبياً    ابن زيدان يفاجئ والده ويحمي عرين الجزائر    في دور ال 32 من كأس حادم الحرمين الشريفين.. الاتفاق والتعاون في ضيافة الباطن والفيصلي    أخضر الناشئين يكسب البحرين برباعية في كأس الخليج    انتخاب المملكة لعضوية مجلس محافظي «الطاقة الذرية»    15 مليار ريال سوق الأمن السيبراني    بحضور أمراء ورجال أعمال .. بن داوود والعبدلي يحتفلان بعقد قران عبدالعزيز    16 مليون شخص يتابعون « الشمس المكسوفة»    آل العطار يزفون أحمد ويوسف    تداول يواصل هبوطه الأسبوعي    مبادرة كنوز السعودية بوزارة الإعلام تطلق المسلسل الكرتوني "الرهيبين"    إعلان الفائزين بجوائز«صناعة الأفلام»    مي كساب:«اللعبة 5» موسم مختلف    40 فعالية في احتفالات اليوم الوطني بمركز«إثراء»    خدمة رقمية لإيصال المياه للمشاريع    395 مليون ريال لتنفيذ مشروعات تطويرية لمساجد المدينة المنورة    فعاليات في جامعة الملك خالد عن سلامة المرضى    استخدام تقنية دقيقة ومتقدمة تسهم بإنقاذ مريض مصاب في حادث سير    اليمامة الصحفية تنظم فعالية التطعيم ضد الأنفلونزا الموسمية    الصحة: 96% من مرضى العناية لم يتلقوا «اللقاح»    قلة النوم ترفع الضغط وتزيد مخاطر السكتات    اليوم الوطني المجيد والمرونة التي تحفظ الوطن وتعزز أمنه    مصر: القوات المنتشرة في سيناء تستهدف تأمين الحدود ضد المخاطر    خطيب المسجد الحرام: استحضروا عظمة الله وقدرته في كل الأحوال    إمام المسجد النبوي: من أراد الهداية فعليه بالقرآن    69% تراجع بقضايا المزادات العقارية    نائب أمير منطقة القصيم يستقبل محافظ الأسياح وفريق أبا الورود التطوعي    المملكة تُخفّف معاناة المحتاجين    نائب أمير الشرقية يرأس اجتماع مجلس هيئة تطوير الأحساء    نائب أمير تبوك يكرّم الفائزين بجائزة صيتة    كسوف جزئي نادر غير مرئي عربيا    1.380 ميار ريال دعم سعودي جديد لليمن    ولي العهد والرئيس الفرنسي يناقشان نتائج مؤتمر حل الدولتين وتفعيل الجهود الدولية    الجدية في طلب العلم النهوض وميزان الحضارة    «الداخلية»: العلم السعودي .. مجدٌ متين .. وعهدٌ أمين    جائزة اليونسكو الفوزان الدولية تعلن عن أسماء الفائزين في النسخة الثانية    الرويلي يشهد حفل تخريج دورة التأهيل العسكري للأطباء الجامعيين ال 12 من طلبة كلية الأمير سلطان العسكرية للعلوم الصحية بالظهران    نائب أمير تبوك يكرم تجمع تبوك الصحي لحصوله على جائزة أداء الصحة في نسختها السابعة    أمير جازان يرأس اجتماع اللجنة الإشرافية العليا للاحتفاء باليوم الوطني ال95 بالمنطقة    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم ترصد اعترافات درويش حول منجزه الشعر
على هامش مهرجان الشعر بالرباط
نشر في اليوم يوم 23 - 06 - 2003

على هامش مهرجان الشعر العربي بالرباط والذي شارك فيه مجموعة من الشعراء منهم الشاعر الفلسطيني الشهير محمود درويش وفي احدى الجلسات رصدت اليوم بعض أفكار واعترافات محمود درويش حول منجزه الشعري وحول النقد العربي وبعض القضايا الشعرية يقول درويش:
انا من الشعراء الذين لا يحتاجون الى نقاد لكي يدمروهم، انا كفيل بتدمير نفسي والتمرد عليها، فالرغبة في عدم التكرار والتجدد والانقلاب على الذات هي أحد معالم النشاط الشعري لدرويش الذي يقول عن نفسه انا شديد السأم لما أنتجه.. وعندما اقرأ جديدا كتبته وارى أنه يشبهني كثيرا اشعر بانه لا يصلح للنشر.. يجب ان اشعر ان من كتبه هو شخص آخر وليس نسخة عما كتبت. وهذه الرغبة الذاتية بعدم الرضا عن الذات وعن المنجز هي التي تعطي لدرويش (الحافز المستمر لكي اجدد اشكالي التعبيرية وايقاعي الشعري وحتى الموضوعات الشعرية نفسها).. لا سيما وان (ما تفاجئنا به الحياة هو ما يشكل المفاجأة الفعلية فالمشاعر تكون له احيانا خطة لكن الحياة تصنع المفاجأة لانها اخصب واغنى من النص.. فهي مصدر النص وأم النص).
ويقول درويش انه يصغي للحياة ويصغي للزمن ويترك نفسه لان تعرف نفسها وتعرف مخارجها.. (احيانا أستفيد من هذه التجربة واحيانا لا استفيد لكني احاول لانني غير راض).. وعلى الرغم من زعم بعض النقاد بان لدرويش مشروعا شعريا محدد المعالم فهو يرى ان في داخل كل شاعر بذور مشروع ما. ولكن هذا المشروع ليس مشروعا بالمعنى الهندسي وليس خطة عمل بعيدة المدى او قصيرة المدى يخضع الانسان نفسه لتنفيذها فقد يكون عندي مشروع ولكن تفاجئني احيانا احوال وتحولات تغير هذا التوجه وتشكل انقلابا ما على المشروع نفسه، ولم يخف درويش ميله الى اعتبار ان التخلي عن الغنائية بمعنى الايقاع الموسيقي للقصيدة وليس بمعنى النظرة الى الوجود يفقد القصيدة العربية كثيرا من عناصر علاقتها بالقارئ مضيفا: قد تكون غنائيتي ملحمية وقد لا تكون.. لكي لا اعتبر نفسي شاعرا غنائيا بالمطلق..
ومن هذا المنطلق أب شاعر الثورة الفلسطينية بالمناسبة الا ان يدعو النقد العربي الى وضع تحديد دقيق لمصطلح الغنائية باعتباره من اكثر المصطلحات غموضا في الشعر وفي النقد العربيين اذ ان الغنائية ليست غنائية واحدة بل هناك غنائيات.. غنائية فردية واخرى ملحمية وهناك غنائية بالمعنى التقليدي التي تعني حسب التعريف اليوناني القديم ما ليس ملحميا وليس دراميا. وبروح مرحة هادئة يسجل محمود درويش انه من المفارقات اللطيفة ان طلبة الجامعات على امتداد البلاد العربية وخارجها انجزوا مئات الابحاث حول شعره مفسرا الامر بكون الاجتهاد عند الشباب يبدو اكثر من الاجتهاد عند النقاد لان الشباب لم يكونوا حتى الان منظورهم النقدي الكامل او نظريتهم النقدية الكاملة التي يخضعون لها النصوص وليس بالعكس ولذلك هم اكثر جرأة في طرح اسئلة جديدة، وهو يرى انه من الذين يعتقدون ان المفاجأة الشعرية دائما تسبق النقد.. فالنقاد يقفون حائرين امام شعر يتطور وقد يحتاجون الى ان يتشكل بشكل نهائي.. طبعا ليس هناك شكل نهائي الا في تحديد بداية ونهاية السيرة الشعرية.. ربما ينتظرونني حتى اتوقف عن الكتابة نهائيا.. ولكن هناك بعض المقالات النقدية التي تتعامل مع النص وتحاول ان تراه ولكن انا اسبق منهم الى التجدد.. وهذه ليست ميزة تخص الشعر العربي، يقول درويش الذي يعتبر ان الانجازالشعري هو الذي يؤسس دائما للنظرية وليست النظرية هي التي تؤسس للشعر.. فالشعر اسبق دائما وسريع التطور اكثر من النقد الذي يحتاج الى نظريات والى استفادة من علوم انسانية اخرى لكي يطور ادواته بينما الشعر يقفز فوق كل هذه النظريات ولا يستسلم لضوابط وحدود النظرية النقدية.. واعتبارا لكون التجربة الشعرية تنبني لدى درويش على ما لا يقاس من المعاناة فهو يفسر معالجته لموقف الموت في مطولته الجدارية بكونه خلاصة تأثر عميق بتجربة شخصية تتمثل في الصراع مع الموت اثناء اجرائه عملية جراحية خطيرة على القلب سنة 1998 وفي أعقاب هذه العملية.
هذه التجربة من اغنى تجاربي الوجودية حيث يقف الانسان امام مصيره وامام شريط حياته بكامله اثناء الاقتراب من الموت وبالتالي كان لابد من تسجيل ما يشبه السيرة الذاتية كخلفية لموضوع الموت. واضاف ان هذه السيرة الذاتية لا تشمل فقط تاريخ الفرد بل تشمل الى حد ما تاريخ المكان والعلاقة بالمكان وتاريخ سؤال الموت كما ورد في اقدم النصوص الانسانية عند جلجامش وفي سفر الجامعة لسليمان وفي التوراة، ومحمود درويش لا يتناول هنا فقط الموت الفيزيقي بقدر ما يتناول موت بعض الافكار وبعض المراحل التاريخية وبعض الصيغ الكتابية اي بمعنى الموت بمفهوم اشمل وهو يرى ان الجدارية تبقى مع ذلك قصيدة تمجيد ومديح للحياة. ويصف درويش مجموعته الشعرية لماذا تركت الحصان وحيدا بانها عبارة عما يشبه سيرة ذاتية احتفى فيها بجماليات اللغة العربية وبجماليات المكان واستفاد فيها من كل اشكال الكتابة الشعرية سواء كانت بالتفعيلة او بالشعر العمودي حتى.. معبرا من خلال الشكل الشعري عن تطور التجربة الشعرية نفسها. لذا فهي ليست سيرة لشخص ما فقط بل سيرة لاساليبي الشعرية.
اما ديوانه سرير الغريبة فهو في منظور درويش ليس كتاب حب بالمعنى التقليدي للكلمة.. بقدر ما هو سؤال صعب الى حد ما ووجودي حول غربة الحب او حول الحب بين غريبين ففي هذا الغموض الضروري يجب الا ينكشف الواحدة منا انكشافا كاملا امام آخره الانثوي او الذكوري.. واضاف في رأيي يجب ان تبقى منطقة ما سرية.. سريتها تعبر عن استقلالية الفرد.. انكشاف كل التفاصيل داخل الانثى بالنسبة للرجل او بالعكس يجرد الحب من منطقة رئيسية هي الفضول والتجدد والرغبة في مزيد من المعرفة.. المعرفة الكاملة قد تقتل الانجذاب وتؤثر على جاذبية العلاقة فبقاء بعض الظلال وبعض الاسرار يعطي الحب النشاط والاقبال واللقاء والمزيد من الفضول الجمالي الضروري.. ويفسر درويش دلالات ثنائية الانا والاخر في شعره بالقول ان في كل شخص يوجد شخص اخر وتلجأ النفس لحماية نفسها للخروج من الانا الى الاخر وفي العودة ايضا من الاخر الى الانا.. هي اذا جدلية خروج ودخول.. لكي نتعرف على انفسنا بشكل افضل علينا ان نتعرف على الاخر.. ولكي نتعرف على الاخر يجب ان نتعرف على انفسنا.
هي اذا عملية ذهاب واياب بين الداخل والخارج وبين الانا والاخر، وهي حسب درويش عملية تعرف على مركبات الذات الخاصة التي لا تعرف هويتها بذاتها وانما تعرف بقدر ما فيها من ذات اخرى ف الواحد فينا ليس واحدا.. هو اكثر من واحد.. وفي الجماعة ايضا الجماعة ليست كتلة واحدة وانما فيها مجموعة من الافراد ومن الذوات.. هي عميلة محاولة للتعرف على الطريق.. وردا على سؤال (هل غادر محمود درويش من متردم) لا يتردد الشاعر الفلسطيني في الاعتراف بانه لا يعرف.. فهذا سؤال دائم.. سؤال نقدي حيوي.. يتساءل الشعر دائما عما ينبغي له ان يكتشفه من جديد.. اذا كان هذا السؤال مطروحا منذ الجاهلية كان بالاحرى ان يطرح الان يطرح الشاعر دائما على نفسه السؤال هل انا اكرر ما قيل قبلي ام اجدد.. اعتقد انني بكل تواضع اولا تواضع احاول ان اجدد.. احيانا انجح واحيانا لا انجح ولكني موجود في حالة ورشة من الحيرة والقلق الدائمين ولا استقر على حال.. ولا اريد ان استقر على حال..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.