الاتفاق يواصل تحضيراته وديمبيلي يقترب من العودة    قدم الدانة تعزز صفوفها بتعاقدات جديدة وسط دعم السفارة السعودية    أمير جازان يُقلّد مدير مكافحة المخدرات بالمنطقة رتبته الجديدة    85 مليار ريال أرباح ⁧‫أرامكو‬⁩ خلال الربع الثاني    إنفاذ يشرف على 77 مزادا لبيع 667 أصلا    مستشفى د. سليمان فقيه بجدة يحصد اعتماد 14 مركز تميّز طبي من SRC    دورة "مهارات العمل التطوعي" تُثري الحضور في مركز التنمية الاجتماعية بحائل    ارتفاع مؤشرات الأسواق الآسيوية بعد ارتفاع "وول ستريت"    تقنيات الذكاء الاصطناعي ترصد الزلازل بالمملكة    هجوم أوكراني بطائرات مسيرة يشعل حرائق في روستوف    أغسطس.. شهر المناعة العالمي لحماية الأجيال    ريم الجوفي تقدم ورشة التمييز بين المعلومة والمعرفة في عالم رقمي    أمير القصيم يزور محافظة المذنب ويؤكد تطورها التنموي وتنوع الفرص الاستثمارية    الشؤون الإسلامية تواصل تنفيذ برنامجها التدريبي المتخصص لمنسوبي المساجد والمراقبين في جازان    إطلاق نظام الملف الطبي الإلكتروني الموحد "أركس إير"    إيران تحذر من عواقب تفعيل آلية الزناد    3 سيناريوهات إسرائيلية أخطرها الاجتياح الشامل لقطاع غزة    الدعم السريع منح مخيم لاجئين إلى مرتزقة    يقام في سبتمبر المقبل.. النصر والأهلي يواجهان القادسية والعلا في كأس السوبر للسيدات    أصدقاء البيئة تستثمر طاقات الطلاب بمبادرة بيئية لحماية غابات المانغروف    مكالمات الاحتيال المستمرة    خلافات تعرقل جلسة برلمان ليبيا في بنغازي    رحب بالجهود الأمريكية للتسوية في أوكرانيا.. الكرملين يحذر من التصعيد النووي    أم تخفي طفلتها بحقيبة سفر تحت حافلة    تغيير التخصص الجامعي وآثاره السلبية والإيجابية    حفلات زفاف بفرنسا تستقبل الضيوف بمقابل    بعد تصاعد التوترات بين قسد وقوات حكومية.. واشنطن تدعو للحوار في منبج والسويداء    بعد الانكسار    خطوة يومية!    «إثراء» يختتم البرنامج الصيفي ب 5 أفلام قصيرة    المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025 ينطلق غدًا في الرياض    البريد يصدر طابعًا تذكاريًا لأمير مكة تقديرًا لإسهاماته في تعزيز التنمية الثقافية والاجتماعية    الدقيسي    مشيداً بخطط الاستثمار والنهج الاستباقي.. صندوق النقد يؤكد قوة السعودية في مواجهة التحديات الاقتصادية    ضمن كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. Team Falcons يمنح السعودية أول ألقابها    ابن نافل أتعب من بعده.. وإساءات نجيب    تنفيذ مبادرة "غرس الشتلات" في منتزه قرضة بفيفا    "سلمان للإغاثة" يختتم المشروع الطبي التطوعي للجراحة العامة في محافظة عدن    الدرعية تحتفي ب"ترحال".. قصة وطن تُروى على المسرح    الحراثة التقليدية    إصدار معماري يوثق تطور المسجد النبوي عبر العصور    السعودية تحقق أول ألقابها في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    كلنا مع الأخضر    سفير سريلانكا: المملكة تؤدي دورًا عظيمًا في تعزيز قيم التسامح وخدمة الإسلام عالميًا    ولي العهد ورئيس الوزراء الكويتي يستعرضان العلاقات التاريخية وأوجه التعاون    السعودية تتصدر أسواق الخليج في استقطاب الاستثمار الأجنبي    51.9 مليار ريال زيادة سنوية بإيرادات قطاع التشييد والعقارات    روائح غريبة تنذر بورم دماغي    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي أحد المسارحة    أمير الشرقية: تسخير التقنية وتجويد الخدمات يعكسان توجه الدولة لرفع كفاءة العمل الحكومي    أمير تبوك يبارك حصول مجمع مباسم الطبي على شهادة "سباهي"    911 يستقبل 93 ألف مكالمة في يوم واحد    وكيل إمارة جازان يرأس اجتماع الاستعدادات للاحتفال باليوم الوطني ال 95    ندوة تاريخية تكشف أسرار تحصينات المدينة المنورة    لا تدع أخلاق الناس السيئة تفسد أخلاقك    جبال المدينة.. أسرار الأرض    «هلال مكة» يفعل مسارات الجلطات القلبية والسكتات الدماغية    من حدود الحزم.. أمير جازان يجسد التلاحم بالإنجاز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم ترصد اعترافات درويش حول منجزه الشعر
على هامش مهرجان الشعر بالرباط
نشر في اليوم يوم 23 - 06 - 2003

على هامش مهرجان الشعر العربي بالرباط والذي شارك فيه مجموعة من الشعراء منهم الشاعر الفلسطيني الشهير محمود درويش وفي احدى الجلسات رصدت اليوم بعض أفكار واعترافات محمود درويش حول منجزه الشعري وحول النقد العربي وبعض القضايا الشعرية يقول درويش:
انا من الشعراء الذين لا يحتاجون الى نقاد لكي يدمروهم، انا كفيل بتدمير نفسي والتمرد عليها، فالرغبة في عدم التكرار والتجدد والانقلاب على الذات هي أحد معالم النشاط الشعري لدرويش الذي يقول عن نفسه انا شديد السأم لما أنتجه.. وعندما اقرأ جديدا كتبته وارى أنه يشبهني كثيرا اشعر بانه لا يصلح للنشر.. يجب ان اشعر ان من كتبه هو شخص آخر وليس نسخة عما كتبت. وهذه الرغبة الذاتية بعدم الرضا عن الذات وعن المنجز هي التي تعطي لدرويش (الحافز المستمر لكي اجدد اشكالي التعبيرية وايقاعي الشعري وحتى الموضوعات الشعرية نفسها).. لا سيما وان (ما تفاجئنا به الحياة هو ما يشكل المفاجأة الفعلية فالمشاعر تكون له احيانا خطة لكن الحياة تصنع المفاجأة لانها اخصب واغنى من النص.. فهي مصدر النص وأم النص).
ويقول درويش انه يصغي للحياة ويصغي للزمن ويترك نفسه لان تعرف نفسها وتعرف مخارجها.. (احيانا أستفيد من هذه التجربة واحيانا لا استفيد لكني احاول لانني غير راض).. وعلى الرغم من زعم بعض النقاد بان لدرويش مشروعا شعريا محدد المعالم فهو يرى ان في داخل كل شاعر بذور مشروع ما. ولكن هذا المشروع ليس مشروعا بالمعنى الهندسي وليس خطة عمل بعيدة المدى او قصيرة المدى يخضع الانسان نفسه لتنفيذها فقد يكون عندي مشروع ولكن تفاجئني احيانا احوال وتحولات تغير هذا التوجه وتشكل انقلابا ما على المشروع نفسه، ولم يخف درويش ميله الى اعتبار ان التخلي عن الغنائية بمعنى الايقاع الموسيقي للقصيدة وليس بمعنى النظرة الى الوجود يفقد القصيدة العربية كثيرا من عناصر علاقتها بالقارئ مضيفا: قد تكون غنائيتي ملحمية وقد لا تكون.. لكي لا اعتبر نفسي شاعرا غنائيا بالمطلق..
ومن هذا المنطلق أب شاعر الثورة الفلسطينية بالمناسبة الا ان يدعو النقد العربي الى وضع تحديد دقيق لمصطلح الغنائية باعتباره من اكثر المصطلحات غموضا في الشعر وفي النقد العربيين اذ ان الغنائية ليست غنائية واحدة بل هناك غنائيات.. غنائية فردية واخرى ملحمية وهناك غنائية بالمعنى التقليدي التي تعني حسب التعريف اليوناني القديم ما ليس ملحميا وليس دراميا. وبروح مرحة هادئة يسجل محمود درويش انه من المفارقات اللطيفة ان طلبة الجامعات على امتداد البلاد العربية وخارجها انجزوا مئات الابحاث حول شعره مفسرا الامر بكون الاجتهاد عند الشباب يبدو اكثر من الاجتهاد عند النقاد لان الشباب لم يكونوا حتى الان منظورهم النقدي الكامل او نظريتهم النقدية الكاملة التي يخضعون لها النصوص وليس بالعكس ولذلك هم اكثر جرأة في طرح اسئلة جديدة، وهو يرى انه من الذين يعتقدون ان المفاجأة الشعرية دائما تسبق النقد.. فالنقاد يقفون حائرين امام شعر يتطور وقد يحتاجون الى ان يتشكل بشكل نهائي.. طبعا ليس هناك شكل نهائي الا في تحديد بداية ونهاية السيرة الشعرية.. ربما ينتظرونني حتى اتوقف عن الكتابة نهائيا.. ولكن هناك بعض المقالات النقدية التي تتعامل مع النص وتحاول ان تراه ولكن انا اسبق منهم الى التجدد.. وهذه ليست ميزة تخص الشعر العربي، يقول درويش الذي يعتبر ان الانجازالشعري هو الذي يؤسس دائما للنظرية وليست النظرية هي التي تؤسس للشعر.. فالشعر اسبق دائما وسريع التطور اكثر من النقد الذي يحتاج الى نظريات والى استفادة من علوم انسانية اخرى لكي يطور ادواته بينما الشعر يقفز فوق كل هذه النظريات ولا يستسلم لضوابط وحدود النظرية النقدية.. واعتبارا لكون التجربة الشعرية تنبني لدى درويش على ما لا يقاس من المعاناة فهو يفسر معالجته لموقف الموت في مطولته الجدارية بكونه خلاصة تأثر عميق بتجربة شخصية تتمثل في الصراع مع الموت اثناء اجرائه عملية جراحية خطيرة على القلب سنة 1998 وفي أعقاب هذه العملية.
هذه التجربة من اغنى تجاربي الوجودية حيث يقف الانسان امام مصيره وامام شريط حياته بكامله اثناء الاقتراب من الموت وبالتالي كان لابد من تسجيل ما يشبه السيرة الذاتية كخلفية لموضوع الموت. واضاف ان هذه السيرة الذاتية لا تشمل فقط تاريخ الفرد بل تشمل الى حد ما تاريخ المكان والعلاقة بالمكان وتاريخ سؤال الموت كما ورد في اقدم النصوص الانسانية عند جلجامش وفي سفر الجامعة لسليمان وفي التوراة، ومحمود درويش لا يتناول هنا فقط الموت الفيزيقي بقدر ما يتناول موت بعض الافكار وبعض المراحل التاريخية وبعض الصيغ الكتابية اي بمعنى الموت بمفهوم اشمل وهو يرى ان الجدارية تبقى مع ذلك قصيدة تمجيد ومديح للحياة. ويصف درويش مجموعته الشعرية لماذا تركت الحصان وحيدا بانها عبارة عما يشبه سيرة ذاتية احتفى فيها بجماليات اللغة العربية وبجماليات المكان واستفاد فيها من كل اشكال الكتابة الشعرية سواء كانت بالتفعيلة او بالشعر العمودي حتى.. معبرا من خلال الشكل الشعري عن تطور التجربة الشعرية نفسها. لذا فهي ليست سيرة لشخص ما فقط بل سيرة لاساليبي الشعرية.
اما ديوانه سرير الغريبة فهو في منظور درويش ليس كتاب حب بالمعنى التقليدي للكلمة.. بقدر ما هو سؤال صعب الى حد ما ووجودي حول غربة الحب او حول الحب بين غريبين ففي هذا الغموض الضروري يجب الا ينكشف الواحدة منا انكشافا كاملا امام آخره الانثوي او الذكوري.. واضاف في رأيي يجب ان تبقى منطقة ما سرية.. سريتها تعبر عن استقلالية الفرد.. انكشاف كل التفاصيل داخل الانثى بالنسبة للرجل او بالعكس يجرد الحب من منطقة رئيسية هي الفضول والتجدد والرغبة في مزيد من المعرفة.. المعرفة الكاملة قد تقتل الانجذاب وتؤثر على جاذبية العلاقة فبقاء بعض الظلال وبعض الاسرار يعطي الحب النشاط والاقبال واللقاء والمزيد من الفضول الجمالي الضروري.. ويفسر درويش دلالات ثنائية الانا والاخر في شعره بالقول ان في كل شخص يوجد شخص اخر وتلجأ النفس لحماية نفسها للخروج من الانا الى الاخر وفي العودة ايضا من الاخر الى الانا.. هي اذا جدلية خروج ودخول.. لكي نتعرف على انفسنا بشكل افضل علينا ان نتعرف على الاخر.. ولكي نتعرف على الاخر يجب ان نتعرف على انفسنا.
هي اذا عملية ذهاب واياب بين الداخل والخارج وبين الانا والاخر، وهي حسب درويش عملية تعرف على مركبات الذات الخاصة التي لا تعرف هويتها بذاتها وانما تعرف بقدر ما فيها من ذات اخرى ف الواحد فينا ليس واحدا.. هو اكثر من واحد.. وفي الجماعة ايضا الجماعة ليست كتلة واحدة وانما فيها مجموعة من الافراد ومن الذوات.. هي عميلة محاولة للتعرف على الطريق.. وردا على سؤال (هل غادر محمود درويش من متردم) لا يتردد الشاعر الفلسطيني في الاعتراف بانه لا يعرف.. فهذا سؤال دائم.. سؤال نقدي حيوي.. يتساءل الشعر دائما عما ينبغي له ان يكتشفه من جديد.. اذا كان هذا السؤال مطروحا منذ الجاهلية كان بالاحرى ان يطرح الان يطرح الشاعر دائما على نفسه السؤال هل انا اكرر ما قيل قبلي ام اجدد.. اعتقد انني بكل تواضع اولا تواضع احاول ان اجدد.. احيانا انجح واحيانا لا انجح ولكني موجود في حالة ورشة من الحيرة والقلق الدائمين ولا استقر على حال.. ولا اريد ان استقر على حال..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.