العلاقة التي تربط الانسان بالوطن والوطن بالانسان علاقة جدلية تتطلب من كل طرف من اطراف المعادلة شروطا ومزايا لضمان العلاقة ونموها وتراثها، لاكما يظن انها علاقة حدية فيها يطلب الوطن من الانسان كل شيء وليس عليه شيء او بأخذ الانسان من الوطن شيئا ولا يفرد له شيء. ديناميكية العلاقة الجدلية بين الانسان والوطن رهينة الطموح والتطلعات التي يحملها الانسان والتي تبلورت في وجدانه عند اعتراكه صناعه المستقبل وما ترسب فيه من تراث الوطن وقيمه وتاريخه المجيد. والانسان الذي له كالمملكة وطن والمملكة التي لها كالسعودي مواطنا علاقة فيها الحركة الديناميكية على اوجها وفي ذروتها من التفاعل والتناشط. انسان هذه الارض الحبيبة المقدسة وارض هذا الانسان الابي الطموح والعالي الهمة في تسابق مع الزمن لبناء مستقبل فيه رسم على صفحاته التفوق والتقدم والسبق والعزم والازدهار. هذا الطموح المتعالي يفرض على الجيل الحاضر مسؤوليات وفروض اهمها وحجرالزاوية فيها سلامة توريث هذا التطلع وهذا الحلم للاجيال القادمة حتى تستمر القافلة ويؤمن على المسيرة الحركة المستقبلية لبناء الوطن المتفوق تشترط فيما تشترط الادارك الواعي في وجدان الانسان المواطن لقيم التفوق وخصائصه ومتطلباته. واهم قيمة وخصيصه ومتطلب في تشييد الانسان المتفوق هو ان لايحد في نفسه خصاصة في ان ينظر لهذا الوطن من باب عقله العلم المثمر اليانع والحكمة البليغة ومن سويداء قلبه الحب الخالص المفحم المتفاني ومن جنبات نفسه الاخلاص والعطاء. والوطن الذي يحظى بالمواطن المتفوق يجب ان تجود جوانبه ليشيع على انسانه الهوية التي تعزه من الاقتراب والكنف الذي يحرك فيه الابداع والتاريخ الذي يمده السير والحركة. بعد ان اتضحت سمات العلاقة وجدليتها بين الانسان والوطن، يصبح من الضروري الحديث عن الاعدادات الاولية التي تساهم في بناء القاعدة التحتية لهذه العلاقة المباركة. ان توفر الدراية والاحاطة بتفاصيل العلاقة بين الانسان والوطن والوطن والانسان ضروري وحيوي في بناء هذه اللحمة المقدسة. ان توفر الامكانات المادية والبشرية والقدرات التقنية يكون فاعلا ومؤثرا في بناء مسيرة التقدم والتفوق اذا ارتسم في اعماق الانسان المواطن القدرة والعزيمة والاصرار على التفوق. ولعل اهم مؤسسة تضطلع بهذه المهمة الحيوية والمصيرية في تشكيل هذه الصورة في الانسان الحاضر والاجيال القادمة هي مؤسساتنا التعليمية بقطاعاتها العام، والعالي والتقني والفني والمهني والصحي. ان تحصين الانسان المواطن وعلاجه من جرثومة الانا وحب الذات والاستئثار بالنفس على الوطن وغلبة القيم النفعية في احتلاب الوطن بالمآرب الشخصية والطموحات الآنية، اهم ما يجب ان تحققه العملية التعليمية. ان الاحتفاء بالتفوق والمتفوقين الذي يدعى اليه في نهاية كل عام دراسي يمكن ان يؤدي الى تركيز حب الذات وغلبة الانا الا اذا اطر بأطار الانسان المتفوق للوطن المتفوق. إن مسيرة بناء الوطن المتفوق لا تحتمل اطروحة التفوق لنيل الشهادة الراقية والوظيفة المترفة فحسب. وقد يتخذ بناء كل من الانسان المتفوق والوطن المتفوق مسارا مفصلا عن الاخر ولكن المستقبل كفيل بان يفضح حقيقة هذا التفوق الصوري الهش. ان سفينة المملكة تمخر عباب بحر لجي متلاطم لا يكتب لها النجاة الا بملاحين، متمرسين، متفوقين، متحابين، متعاونين، ولاقيمة لهذا الا في مركب قوي البنيان تتكسر على دفته الامواج العالية وتقاوم اشرعته الرياح العاتية. وهكذا تنجح المسيرة وتتحقق الرؤى في بناء الانسان المتفوق في الوطن المتفوق. @@ د. احمد محمد اللويمي جامعة الملك سعود