قبل مدة تسلم أحد الزملاء في هذه الجريدة مظروفا أرسله بالبريد شخص معروف بمكانته العلمية والمهنية.. وكان المظروف يتضمن إجابات عن أسئلة أرسلها الزميل اليه. ليس في الموضوع ما يلفت النظر لولا تلك الأوراق التي كتب عليها اجاباته فقد كانت جميعها مستعملة من أحد وجهيها ..وجاء هو فاستعمل الوجه الآخر. هذا الشخص الجدير بالاحترام لموقعه العلمي لم يجد غضاضة في الكتابة على ورق مستعمل فذلك من وجهة نظره ونظر العقلاء أيضا تصرف واقعي لاستغلال خامة لم تزل قابلة للاستخدام. ولأن هذا الموضوع يفتح الباب للحديث عن موضوع أوسع هو عادة التبذير التي تجذرت فينا فانني سأؤكد على موضوع الورق فقط .. هذه التلال التي تتبعثر بسوء الاستعمال في كل مكان. كم من الأوراق تستعملها المؤسسات في موضوعات عابرة ثم ترمى وكان بالإمكان استخدامها كمسودات مثلا لمواضيع أخرى. المثال الذي بدأت به الحديث هو عن أستاذ جامعي استعمل أوراقا تعود لنصوص علمية وشروح من داخل الجامعة يبدو أنها مكررة أو لم يعد يستفيد منها .. ولابد ان اطنانا مثلا ترمى كل عام على مستوى الجامعات والمؤسسات مع قابليتها لاستخدامات غير رسمية وفي حالات عدة. احيانا يكون التفريط في الورق لمجرد فعل عبثي .. إذا تطوى الورقة ويلقى بها في سلة المهملات بعد اول سطر لم يعجب كاتبه.. أو خطأ املائي يوجب تغيير الكلمة .. واحيانا تصبح مهمة الأوراق تسلية صاحب الطاولة فقط .. فهو يسرح ويمرح بالشخبطة عليها اثناء حديثه بالهاتف. ألا يستحق الورق مع هذا التبذير حملة ترشيد كأي خامة نستعملها في حياتنا اليومية؟ طبعا لا نعني هنا الجانب الرسمي الحكومي .. لكن مثل هذه الحملة ممكنة عن طريق المؤسسات نفسها كتوجيهات داخلية .. وهذا ليس كثيرا أو غير مستحق بالنظر الى قيمة الموضوع ان حماة البيئة أكثر المتحدثين عن مساوئ التفريط في استخدام الورق وهم بالطبع لايعنون قيمته المالية بل الاضرار التي يجلبها هذا الاستنزاف لمصادر الطبيعة فهناك غابات يفترض أن يستمر دورها في التوازن البيئي ساهم الورق في استئصالها وحرمان الأرض من هذه الرئة التي تتنفس الأوكسجين منها .. حيث تعتمد صناعة الورق على الأخشاب .. ثم ان الأوراق التي ترمى في حاويات القمامة تصبح عبئا اضافيا على البيئة وعلى البرنامج المتبع في كل دولة للتخلص من النفايات كالحرق مثلا