ولأن بلقرن في قلب محمد بن سلمان، فلا عجبَ ولا استغراب أن يتفقد أحوالها ويسأل عن أخبارها (إنسانا ومكانا)، وذلك عبر (اتصال هاتفي) وهو في القاهرة (قلب) مصر...! هذا علم أكيد وخبر يقين، نبأنا به أخوه وأحد مساعديه الأوفياء الأمير تركي بن طلال، وهو مجتمع بمسؤولي (محافظة بلقرن) في زيارة عمل للمحافظة، وذلك في الصباح الباكر من يوم الثلاثاء الموافق 19/ 3/ 1440. لن أتحدث هنا عن تلكم الزيارة المثمرة والمميزة، فليست مستغربة، فهي جولة عملية بامتياز ضمن جولات الأمير تركي بن طلال، التي لا تهدأ أبدا ، على محافظات ومراكز منطقة عسير من الحد الجنوبي الشامخ إلى العمق التهامي الوادع، فالأطراف الصحراوية الوارفة، مقتفيا في هذا السبيل نهج أميرنا المخضرم فيصل بن خالد، وفقهم الله جميعا وسددهم. ولكن: سأتحدث هنا عن (دلالات) ذلكم الاتصال بين الأميرين الكريمين.. وأرجو أن أوفق في إيصال ما جال في خاطري وسرى على بالي، إلى مستوى فهم القارئ الحصيف والمتأمل العميق. مصافحا في ذلك (ثلاثة أوجه). الوجه الأول: دل دلالة قطعية على أن (المملكة العربية السعودية) في (قلب ابنها البار) الأمير محمد بن سلمان، ابن الملك المعظم وحفيد الإمام المؤسس.. في حله وترحاله، لم تشغله عنها المهام الجسام التي تنوء بحملها الجبال الرواسي وتضيق من هولها الوساع الخوالي، فاتسع صدره للوطن، وانبرى له عزمه، وانجلى له فكره. فأضحى شغله للوطن وفكره فيه وعمله لأجله. ولم تبعده منا المسافات الشاسعة، أو تأخذه الوجوه الغريبة، أو تبهره الأشكال المتلونة، ولم يحفل بالأعداء وهو مستعد لمكرهم، أو يأبه بالأوغاد وهو متيقظ لغدرهم. ومن كانت علاقته بوطنه كهذه العلاقة وهو ضارب فجاج الأرض، فيا ليت شعري يا ابن سلمان (هل أخذت الوطن في قلبك معك، أم أن الوطن استبقى قلبك معه). الوجه الثاني: دل بما لا شك فيه أن بلقرن ليست بدعا من أو عن كل شبر من أرض الوطن العزيز، وأن أهلها ليسوا أقرب ولا أبعد من جميع أهالي المناطق الأخرى، فهم بمنزلة واحدة من قلب الأمير وفي اهتمامه بهم وحبه لهم، وأجزم أن ذات الاتصال هو على الدوام مع كل المسؤولين وفي مختلف المناطق لتفقد أحوال المواطن والسؤال عن حاله، لاستمرار أمنه وتوفير خدمته والرقي بمستوى معيشته، وتطوره في شتى المجالات، كما هو النهج لدى ولاة الأمر، كل في موقعه ومن خلال مسؤولياته (إرثا لديهم أبا عن جد) أعزهم الله وأمدهم بعونه وتوفيقه. الوجه الثالث: دل وبكل وضوح على مدى ترابط حكام (المملكة العربية السعودية) مع شعبهم، ترابطا ليس كمثله آخر، وحق لهذا التلاحم والتعاضد أن يكون (متفردا) ومميزا بين كل بلدان الأرض، كيف لا وهي بلاد الحرمين الشريفين، مهبط الوحي ومنبع الرسالة، وإشعاع الهدى وميادين البطولات ومنازل الكرم ودور المكرمات، ولو لم يكن لنا من التفرد والميزة إلا رفات الجسد الشريف والروح الزكية يرقد بين ظهرانينا، لحق لنا أن نبز العالم أجمع ونعلو على البشرية جمعا، نسأل الله أن يوفقنا للسير على نهجه واقتفاء أثره (بأبي وأمي هو، صلى الله عليه وسلم). حقيقة: عندما تذكر أو تتكلم عن (أعلام الرجال) فإن الاكتفاء بالاسم المجرد يغني عن الصفات والألقاب، فكيف بالله إذا كان من نحن بصددهم هنا ليسوا أعلاما فحسب، بل كل منهم (علم في رأسه نار....).