كشفت نتائج دراسة بحثية حديثة، بعنوان "تقييم دور الأجهزة الرقابية في رفع مستوى النزاهة والشفافية في الأجهزة الحكومية في المملكة"، قدمها عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة العامة الباحث الدكتور أحمد التراس، عن وجود انخفاض ملحوظ في مستويات النزاهة والشفافية بالأجهزة الحكومية في المملكة، لأسباب عدة من أهمها عدم وضوح سياسات الاختيار والتعيين والترقية، وعدم الالتزام بتقديم إقرارات الذمة المالية للعاملين بالأجهزة الحكومية بشكل كامل حتى الآن. تقادم الأنظمة جمع الباحث في دراسته التطبيقية -التي حصلت عليها "الوطن"- على هامش مؤتمر التنمية الإدارية في ظل التحديات الاقتصادية، والذي اختتم أعماله أمس في الرياض، آراء 296 من العاملين في ديوان المراقبة العامة، وهيئة الرقابة والتحقيق، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ليخرج في دراسته إلى أن السبب الرئيسي في زيادة مستويات الفساد في المملكة يرجع إلى تقادم الأنظمة واللوائح المنظمة للعمل الحكومي، وعدم فاعلية الآليات المحددة لتنفيذها على أرض الواقع، وانخفاض فاعلية نظم تعويض المتضررين من حالات الفساد المالي والإداري، والتركيز فقط على معاقبة المتسببين في مثل هذه الحالات، ووجود بعض القيود على الإعلام والمواطنين والعاملين فيما يتعلق بمتابعة نتائج أداء الجهات الحكومية، والاطلاع على التقارير الرقابية، وعلى تفاصيل قضايا الفساد المالي والإداري، ونتائج التحقيق فيها، إضافة إلى عدم حرص الأجهزة الحكومية على توعية المواطنين والعاملين والإعلام بنتائج أدائها، ومتغيرات العمل بها بشكل منتظم من خلال كتيبات أو نشرات ووسائل إعلامية. مواطن القصور كشفت الدراسة عن وجود بعض مواطن القصور في أداء الأجهزة الرقابية بالمملكة، من أهمها غياب التنسيق بين الأجهزة الرقابية في المملكة، وعدم وجود نظم فعالة لتدوير المراقبين بين الأجهزة الحكومية الخاضعة للرقابة بشكل دوري منتظم، وعدم التركيز على تطوير العمل الرقابي من خلال التقنيات التكنولوجية الحديثة، وعدم تفعيل نظم لتبادل البيانات والمعلومات مع الأجهزة الحكومية الخاضعة للرقابة إلكترونيا بشكل كامل حتى الآن، فضلا عن ضعف الالتزام بتحديث وتطوير قواعد بيانات الأجهزة الرقابية، وتدريب العاملين على كيفية استخدامها وتحديثها باستمرار. أداء الرقابة أظهرت النتائج المستخرجة من نموذج تحليل الانحدار، وجود علاقة ارتباط إيجابية بين أداء الأجهزة الرقابية وبين مستويات النزاهة والشفافية في الأجهزة الحكومية بالمملكة، كما أظهرت نتائج الدراسة وجود تأثير كبير لأداء الأجهزة الرقابية على مستويات النزاهة والشفافية بالمملكة. وتوصلت إلى أن تحسين أداء الأجهزة الرقابية ينعكس إيجابا على مستويات النزاهة والشفافية بالأجهزة الحكومية والعكس صحيح. مكافحة الفساد لفت الباحث في دراسته إلى أنه على الرغم من تعدد الأجهزة الرقابية في المملكة، إلا أن مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية في عام 2015 يوضح أن المملكة تحتل المرتبة الرابعة عربيا، والثامنة والأربعين عالميا في مكافحة الفساد، كما أنها حصلت على تقييم قدره 52% فقط في مجال النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، وهو ما يشير إلى احتمال وجود قصور في أداء الأجهزة الرقابية في المملكة، وعدم قدرتها على توفير متطلبات النزاهة والشفافية كمحاور أساسية تقوم عليها خطط وإستراتيجيات مكافحة الفساد. لا رقابة داخلية بالمالية ومن ضمن المؤشرات التي استخدمها الباحث لتقييم مدى التزام الأجهزة الرقابية بمعايير العمل الميداني (المؤشر الخاص بمدى التزام الأجهزة الرقابية بتقييم نظم الرقابة الداخلية وتقديم تقارير دورية عنها، والمؤشر الخاص بمدى جودة تقييم المخاطر الرقابية والمخاطر المرتبطة بمهام المراجعة)، مؤكدا أن كل هذه المؤشرات لا يمكن استخدامها أو تطبيقها على الأجهزة التنفيذية التي تقوم بأداء مهام رقابية مثل وزارة المالية كونها غير منوط بها تقديم تقارير دورية، تتضمن تقييما لنظم الرقابة الداخلية أو ملاحظات عن أوجه القصور في الأداء التشغيلي للجهة محل المراجعة.