قال المحلل السياسي إيجور موراديان إن تمدد إيران في الفراغ الاستراتيجي لمعظم المنطقة، ليس المقصود به الدول العربية السنية فقط، وإنما المواجهة الشاملة مع الغرب بشكل عام. ورأى موراديان في تقريره الأخير حول سياسة إيران الجديدة، أن طهران بعد الاتفاق النووي لن تتوقف عن تبديل تحالفاتها من روسيا إلى الصين، وصولا إلى هدفها الأساس وطموحاتها، إذ تتظاهر بالحرص على وجود علاقات وثيقة مع روسيا، وبتوازن العلاقة مع الولاياتالمتحدة والغرب بما يخدم مصالحها، لافتا إلى أن القضايا الجيوسياسية "المسكوت عنها" تعد من أخطر ما في العلاقات الإيرانية الروسية. ويشير موراديان إلى أن إيران نجحت في العقود السابقة في عدم التورط بشكل مباشر في الحروب ضد جيرانها، واكتفت بالمشاركة بالأدوات و"عبر وكلاء"، في زعزعة استقرار بعض البلدان، حيث دعمت الأكراد ضد تركيا والحركات الشيعية في العالم العربي، وكانت تهدف من ذلك إلى احتواء جيرانها بإثارة القلاقل داخلها وعلى حدودها. في تقريره الأخير حول سياسة إيران الجديدة، يؤكد المحلل السياسي إيجور موراديان، أنه إذا كان الغزو الأميركي للعراق قد تسبب في معظم كوارث المنطقة لاحقا، فإن الانسحاب الأميركي المتعجل من العراق لا يقل خطورة، موضحا أن تمدد إيران في الفراغ الاستراتيجي لمعظم المنطقة، ليس المقصود به الدول العربية السنية فقط، وإنما المواجهة الشاملة مع الغرب يشكل عام، وأن طهران بعد الاتفاق النووي لن تتوقف عن تبديل تحالفاتها من روسيا إلى الصين، وصولا إلى هدفها الأساسي.ويقول موراديان إن إيران تتظاهر بالحرص على وجود علاقات وثيقة مع روسيا، توازن العلاقة مع الولاياتالمتحدة والغرب، لأن هذا أمر قد يخدم مصالحها، من الناحية الرسمية. علاقات تكتيكية إلا أن روسياوإيران تعلمان يقينا أن هذه العلاقات "تكتيكية"، وقتية وليست "استراتيجية" دائمة على المدى الطويل، فالتمنيات السياسية تختلف عن الحقائق الجيوسياسية، لذا فإن إيران لا تتعجل في بناء العلاقات مع روسيا، ولا تطمح في أن تصبح شريكا استراتيجيا لها. ولا تشك لحظة في أن العلاقات مع الولاياتالمتحدة والغرب هي الأبقى، فضلا عن مزاياها الكبيرة، وكون الروس يقصفون تنظيم داعش الآن فإن هذا يعني أن لاعبا جديدا قد ظهر في المنطقة، في مواجهة نفوذ أميركا ولو شكليا، لكنه في الواقع يمنح طهران بعض المكاسب دون أن تخسر شيئا. تدرك إيران كذلك، أن روسيا هي "لاعب مؤقت" أو احتياطي وليس أساسيا في الشرق الأوسط، وسوف يتجه قريبا إلى الشرق الأدنى في المدى المتوسط، فضلا عن أن إيران لا تحتاج روسيا كشريك، لأن ظهورها العسكري لن يغير من سياستها الخارجية مع جيرانها التقليديين، المملكة العربية السعودية، وتركيا، وكذلك روسيا. زعزعة الاستقرار في العقود السابقة نجحت إيران في عدم التورط بشكل مباشر في الحروب ضد جيرانها، ولكنها شاركت بالأدوات و"عبر وكلاء"، في زعزعة استقرار بعض البلدان، فدعمت الأكراد ضد تركيا والحركات الشيعية في العالم العربي، وكانت تهدف من ذلك إلى احتواء جيرانها بإثارة القلاقل داخلها وعلى حدودها.في المقابل، استخدمت إيران سياسة مختلفة وآليات جديدة مع روسيا، حيث استغلت ما كانت تسعى إليه موسكو في أعقاب نهاية الحرب الباردة من بناء موقف مستقل، في مواجهة الولاياتالمتحدة التي هي على علاقة وثيقة بأعداء إيران، ومن ثم كانت تلعب على هذا الوتر، وطرحت إيران على روسيا التصدي لحركات التمرد الإسلامية التي كانت وما زالت تقلقها، فضلا عن قضايا جنوب القوقاز وآسيا الوسطى، في مقابل الإمدادات الروسية بالسلاح والعتاد. ونتيجة لذلك أصبحت إيران تعتمد على روسيا في الحصول علي الأسلحة المتنوعة، وهو ما وثق العلاقات الاقتصادية والسياسية بينهما. ويختم موراديان تقريره بالقول: إن أخطر ما في العلاقات الإيرانية الروسية هو القضايا الجيوسياسية العالقة بينهما، "المسكوت عنها" حتى الآن. ويقول إن طهران تحاول استعادة الفرص الضائعة في آسيا الوسطى، وهو ما يعني طرد روسيا من طاجيكستان، وإضعاف تأثيرها على البلدان الأخرى في المنطقة. وأضاف أن إيران ترى الصين أكثر أهمية استراتيجية في المستقبل من روسياوتركيا. إنهاء العلاقات مع موسكو معضلة طهران يؤكد التقرير أن إيران تواجه حاليا معضلة سياسية كبيرة في إنهاء العلاقات مع روسيا، نتيجة لطموحاتها الكبيرة في المناطق المجاورة والمشتركة بينهما، والأهم من ذلك رغبة إيران في تعزيز قدراتها واقتصادها في المستقبل المنظور، وذلك بتحويل مركز الثقل التجاري من روسيا إلى الدول الغربية. وتسعى إيران إلى لعب دور جديد في العالم، خاصة بعد الاتفاق النووي مع الغرب، الذي منحها وضعا جديدا، وهي تستشعر أن الوقت قد حان لتتوسع في اتجاهات مختلفة، لا أن تظل أسيرة روسيا، كما كان الحال في السابق. إيران أعلنت أنها يمكن أن تتعاون مع أذريبجان، وهي تسعى في الوقت نفسه إلى استخدام البنية التحتية لأرمينيا وجورجيا، وأيضا منطقة البحر الأسود لنقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا، وهو ما ينتظره الأوروبيون بفارغ الصبر، وهذا التوجه الجديد يصطدم بتركياوروسيا، وقد يتسبب مشروع الطاقة الإيراني ونقلها إلى أوروبا في انسحاب أرمينيا من الاعتماد على روسيا.