ءلا يزال سوق الخاسكية الواقع خلف دار محمد نصيف بمنطقة البلد القريبة من كورنيش جدة علامة بارزة وشاهدا على عراقة التراث الجداوي القديم الذي امتزج بالحديث، ويضم أشهر تجار العطور والمواد التجميلية واللوازم المنزلية متميزا بجنباته وشوارعه الضيقة الذي تجعل الأثرياء يهجرونه في رمضان من شدة الزحام. كثيرون يعملون في سوق الخاسكية التقتهم "الوطن"، وأكدوا أن ملاك السوق القدامى وأثرياءه يهجرونه في رمضان، حتى إنهم لا يأتون ولو للنزهة فيه، بسبب الزحام الكثيف الذي يشهده السوق طيلة ليالي شهر رمضان. المؤرخ مؤلف كتاب "محبوبتي جدة" وليد شلبي أكد ل"الوطن" أنه يشاع بأن سبب تسمية الخاسكية بهذا الاسم يعود إلى أن السوق في الأساس كان حارة ومنطقة خاصة لكبار وأثرياء جدة قديما، وحرف هذا الاسم "خاصة" إلى "خاصكية" من الأتراك، ودرج اسم الخاسكية على ألسنة الناس، وبقي إلى يومنا هذا، مشيرا إلى أن كلمة الخاصكية تعني حرس الباشا من الذين يقيمون بتلك المنطقة القريبة من البحر في منتصف القرن التاسع عشر الهجري. وأوضح أن السوق يقع جنوب شارع قابل، ويضم دكاكين باعة الأقمشة وبمرحلة لاحقة تطور ليصبح محال لبيع السبح والعطور المستوردة والفاخرة، ويلاحظ أن من يذهب إلى السوق يجد أنه عبارة عن بيوت قديمة تضم المئات من محال أدوات التجميل وغيرها من البضائع المستوردة. ويرى شلبي أن أسواق جدة القديمة وتحديدا الواقعة ما بين شارع قابل والخاسكية ترفض التحديث، ولم تغر التجار رغم ما يشهده من حركة ونشاط تجاري، حيث يتجاوز زبائنه خلال العام الواحد 5 ملايين زائر، وتنشط فيه الحركة الشرائية في المواسم والأعياد وبقدوم المعتمرين وحجاج بيت الله الحرام. ويضيف وليد شلبي أن الصفقات التجارية التي تجرى في منطقة السوق وبشارع قابل على يد التجار المعروفة أسماؤهم قد تتجاوز سنويا عشرة ملايين ريال حسب ما يصرح به المتعاملون في البيع والشراء بهذا السواق. ويقول إن موقع السوق الحيوي بات محط أنظار الزوار من جميع بلاد العالم وعلى الرغم من قدم مبانيه وضعف القيمة المستأجرة للمحلات الواقعة به سيظل متمسكا بحيويته ونشاطه، وذلك لقربة من ميناء جدة الإسلامي وعدد من المباني التجارية التي تعقد فيها صفقات العطور والإكسسورات وأدوات الزينة النسائية. وقد اتخذ بعض التجار من أبناء القدماء لهم مكاتب بالأبراج الحديثة التي بنيت في وقت سابق كعمارة الملكة وبقشان، وبها يتم استيراد أنواع ثمينة من العود والعطور والإكسسوارات، وتلقى رواجا كبيرا وقت موسم العمرة والحج، حيث يحرص كل زائر على شراء المنتجات التي تحمل ماركات عالمية من موقع واحد وبثمن مقبول.