مواقف السيارات داخل الأحياء.. المشكلة والحلول    الاستثمار في عروس البحر بين تجار جدة ووزير التجارة    قطبا القصيم والشرقية وجهاً لوجه.. والشباب يصطدم بأبها    نضج الأيام.. نضارة خِلْقَة.. طهارة مُهْجَة    الإنسان المسؤول    بالتعاون مع بنك التصدير و«كفالة».. «السعودي الأول» يدعم صادرات «الصغيرة والمتوسطة»    رئيس الشورى بحث تعزيز العلاقات.. تقدير أردني للمواقف السعودية الداعمة    "أيقونة" الإنسانية    10 آلاف امرأة ضحية قصف الاحتلال لغزة    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    أكدوا أهمية منع تفاقم الأوضاع.. ولي العهد يبحث مع رئيس الإمارات وأمير قطر تداعيات التصعيد في المنطقة    أسرة الهجري تحتفل بعقد قران مبارك    أسرتا الطويل والجربوع تتلقيان التعازي في وفاة والدتهما    هطول أمطار في 8 مناطق.. والشرقية تسجّل أعلى كمية    بحث التعاون مع الشركات الإسبانية..الحقيل: نهضة عقارية وسكنية غير مسبوقة في المملكة    خادم الحرمين يرعى مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم    نجوم "شباب البومب" يحتفلون بتصدر شباك التذاكر في السينما السعودية    فنّ العمارة القديمة في الباحة .. شاهد على التطور    برامج ثقافية وترفيهية    محافظ جدة يطلع على خطط "الثقافة والفنون"    مسابقة ل «ملكة جمال الذكاء الاصطناعي» قريباً    السديس يكرم مدير عام "الإخبارية"    التسجيل في «X» بمقابل مالي للجدد !    حكم قضائي يلزم يوفنتوس بدفع 10 ملايين يورو لرونالدو    ريال مدريد يقصي مانشستر سيتي ويتأهل لنصف نهائي أبطال أوروبا    مدرب النصر "كاسترو" يتعرّض لوعكة صحية تغيّبه عن الإشراف على الفريق    ماكرون: على الاتحاد الأوروبي توسيع العقوبات على إيران    امرأة تصطحب جثة على كرسي متحرك إلى بنك بالبرازيل    تراثنا.. مرآة حضارتنا    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    تعزيز العلاقات الثنائية وتعزيز فرص التعاون بين المملكة وأرمينيا    أمير منطقة الرياض يرعى الحفل الختامي لمبادرة "أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة"    الخليج يتوّج بلقب كأس اتحاد الطائرة    أمريكا أكثر حيرة من ذي قبل !    ما ذنب الأهلي يا هلاليون؟    الهلال يخسر من العين برباعية في ذهاب نصف نهائي أبطال آسيا    بدء تطبيق تخفيض سداد غرامات المخالفات المرورية المتراكمة بنسبة 50%.. اليوم    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    شقة الزوجية !    العلاقات السعودية - الأردنية.. مستويات عالية من التنسيق في شتى المجالات    أمير القصيم ينوّه باهتمام القيادة بالمساجد    منصة تراضي تنهي 7700 قضية تجارية صلحاً    «المظالم» يوقع مذكرة لاستيفاء الحقوق الصادرة عن محكمة التنفيذ الإدارية    عاصفة مطرية أغرقت مطار دبي ومسؤول ينفي الاستمطار    جائزتان في الأولمبياد الأوروبي    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس جامعة حفر الباطن    مأزق نتنياهو .. ضرب إيران أم اجتياح رفح ؟    الشولي : اكثر من مليون ونصف اجراء تجميلي خلال شهر رمضان بالعاصمة الرياض    سمو أمير منطقة الباحة يلتقى المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    جهود القيادة سهّلت للمعتمرين أداء مناسكهم    5 علامات تخبر أن الكبد لديه مشكلة    نظرية جديدة عن مشاعر السعادة بالأغاني الحزينة    حل أرض مستشفى الحوية بين «الأمانة» و«عقارات الدولة»    كفاءة وجاهزية    .. و يستقبل العلماء والمشايخ    أمير الجوف يؤكد على تعزيز دور المجتمع في مسيرة التنمية    «طب العيون» بمجمع الدكتور سليمان الحبيب بالعليا يحصل على شهادة SRC الأمريكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



300 ميليشيا مسلحة تخنق ليبيا.. وتقلق محيطها
خبراء استراتيجيون يتهمون المجتمع الدولي بالتقاعس * تنسيق "مصري - جزائري" لمواجهة المعضلة الأمنية
نشر في الوطن يوم 07 - 09 - 2014

أصبحت المخاوف من "صوملة ليبيا" واقعا تعانيه البلاد نتيجة الفوضى الأمنية العارمة، لتناحر الميليشيات المسلحة لدرجة اعتراف الحكومة الليبية الموقتة في بيان صحفي أخير، بأن الوزارات ومؤسسات الدولة بالعاصمة طرابلس، باتت خارج سيطرتها بعدما اقتحمتها الميليشيات المسلحة ومنعت موظفيها من دخولها، وأضافت الحكومة أنها ستعمل من أي مدينة ليبية، لتسيير الأعمال حتى تكليف حكومة جديدة، علما بأن رئيس الحكومة عبدالله الثني، أعلن 25 أغسطس الماضي أن الميليشيات نهبت وأحرقت منزله بطرابلس.
صراع الميليشيات
تقدر الميليشيات المسلحة بنحو 300 ميليشيا. تعتنق بعضها الفكر التكفيري تتصارع للسيطرة على العاصمة ومطارها، فتحولت البلاد للفوضى العارمة والاقتتال الأهلي وربما يصل الأمر لتقسيمها، فالدولة الهشة عاجزة عن الحفاظ على فرض الأمن والنظام وحماية حدودها، وازداد المشهد قتامة بإعلان ميليشيات متطرفة السيطرة على مطار طرابلس، مما يؤكد أن الصراع بين الميليشيات المتناحرة سيطول، الأمر الذي يثير قلق دول الجوار خاصة مصر والجزائر.
وبعد ثلاثة أعوام من سقوط النظام السابق، أصبحت ليبيا "جمهورية الميليشيات" بامتياز، وباتت تقاتل بعضها البعض، وشكلت تحالفات يدعى أحدها: "فجر ليبيا" ويضم عناصر تكفيرية وإخوانية، أما الآخر فيخضع لقيادة "ميليشيات الزنتان" الذي يضم عناصر الجيش القديم والقوى القبلية، بالإضافة لما يسمى "الجيش الوطني الليبي" بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يقاتل ميليشيات متطرفة.
وبقراءة لخريطة الميليشيات المعقدة بليبيا سنكتشف تمركزا للجهاديين بمنطقتي زليتن وطرابلس، بينما تهيمن "كتيبة راف الله السحاتي" على درنة وبنغازي، وهناك أيضا ميليشيات تتبع "أنصار الشريعة" في بنغازي ودرنة وإجدابيا، وتسيطر "ميليشيات 17 فبراير" على المدن الشرقية، كما تسيطر "قوات درع ليبيا" على مصراتة.
وبرؤية مناطقية تتركز ميليشيات بالمدن "غير القبلية" بهدف تكوين حركات انفصالية، تمهيدا لتقسيم ليبيا لعدة دويلات، وتشتبك مع نظيرتها لفرض نفوذ قبلي على المناطق التي تضم آبار نفط، وهناك ميليشيات تكفيرية تنفذ عمليات إرهابية وتقاتل قوات الجيش والشرطة، وأخيرا عصابات التهريب التي تسعى للسيطرة على دروب الصحراء لعمليات تهريب الأسلحة والمخدرات.
تصاعد المواجهات
تصاعدت المواجهات مؤخرا بين تلك الميليشيات لتصل لدرجة القصف بالطائرات الحربية بين قوات حفتر، وتنظيمات متطرفة، ويتساءل كثيرون عما إذا كانت مصر تلعب "دورا ما" بهذه المواجهات، خاصة بعدما تمكنت الميليشيات من هزيمة قوات حفتر في بنغازي، وما أعقب ذلك من قصف جوي استهدف مواقع عسكرية بطرابلس، واتهمت به مصر والإمارات لكنهما نفتا ضلوعهما بتلك العمليات، ونفى سامح شكري وزير الخارجية المصري احتمال تدخل الجيش المصري في ليبيا، مؤكدا أنه "معني فقط بتأمين حدود البلاد"، لكنه استدرك موضحا أن هناك تعاونا بين دول جوار ليبيا، وأن مصر تدعم الحل السياسي.
ويحظى اللواء حفتر الذي يقود حملة عسكرية أطلق عليها اسم "عملية الكرامة" بدعم القبائل، والمجتمع المدني، إضافة لوحدات منشقة من الجيش الرسمي، وميليشيات أخرى غرب ليبيا ممن سئموا الاغتيالات اليومية التي تشهدها بنغازي والمدن الشرقية.
ودفع الصراع ليبيا لحالة استقطاب حادة، فهناك من يعتبر حفتر الرجل القادر على فرض الأمن وتخليص البلاد من الاضطرابات والفوضى التي تعيشها، فيما يخشى آخرون من أن يكون إعادة إنتاج القذافي وامتدادا لعهده، أما حفتر فيؤكد قناعته بالتفويض الشعبي الذي يتمتع به، ولهذا يتحدث بثقة قائلا إن ليبيا ستكون مقبرة للإرهابيين، ويؤكد أيضاً إحباطه تجاه أميركا التي لم تمده بالسلاح لمواجهة الميليشيات المتطرفة.
تعويض الخسارة
أسفرت انتخابات البرلمان التي أجريت يونيو الماضي عن خسارة قوى الإسلام السياسي من الإخوان والجهاديين، لهذا يعولون على حسم المعارك على الأرض بمواجهة من يسمونهم "القوى الانقلابية العسكرية"، في إشارة لقوات حفتر.
ويعتبر البرلمان الليبي الميليشيات الإخوانية والجهاديين الذين يعترضون على شرعيته "إرهابيين"، مؤكداً عزمه محاربتهم، كما أفادت وكالة الأنباء الفرنسية، فقد عين البرلمان رئيس أركان جديد للجيش هو اللواء عبدالرزاق الناظوري الذي أعلن الحرب على الإرهاب في بلاده، وأكد البرلمان "دعم الجيش ليواصل حربه ضد الميليشيات مثل فجر ليبيا ومجموعة أنصار الشريعة لإرغامهم على وقف القتل وتسليم أسلحتهم".
الدور المصري
ويؤرق الوضع الأمني والسياسي المأزوم في ليبيا دول الجوار التي تخشى انتقال الفوضى والعنف لحدودها، لهذا عقدت سلسلة اجتماعات لبحث إمكانية مساعدة ليبيا للخروج من أزمتها، كان آخرها في يوليو الماضي بتونس، حيث دعت لوقف القتال وإطلاق حوار وطني ليبي، وتجدر الإشارة إلى أن اهتمام مصر بالأزمة الليبية لا ينبع من رغبتها في نشر الاستقرار هناك، ومنع وصول العنف لحدودها فحسب، بل تعمل وفقاً لرؤيتها الخاصة، فالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يتبع نهجاً واضحاً بالتصدي لجماعة الإخوان، سواء بمصر أو أي مكان يرتبط بأمنها القومي، كقطاع غزة وليبيا.
واحتضنت القاهرة 25 أغسطس 2014 الاجتماع الوزاري الرابع لدول جوار ليبيا، حيث شارك وزراء خارجية ليبيا والجزائر وتونس والسودان وتشاد ومصر في هذا الاجتماع، إضافة لمسؤول من النيجر والأمين العام للجامعة العربية ومبعوث الاتحاد الأفريقي لليبيا ومبعوث الجامعة العربية، وطالبوا ب"الوقف الفوري للعمليات المسلحة لدعم العملية السياسية، وتعزيز الحوار مع الأطراف السياسية التي تنبذ العنف وصولاً لتحقيق الوفاق الوطني والمصالحة ووضع دستور جديد للبلاد".
وبينما يطالب خبراء أمنيون مصريون بالتدخل عسكريا بليبيا لحفظ الأمن القومي ودعم اللواء حفتر، فقد نفت القاهرة قيام طائرات مصرية بقصف مواقع تسيطر عليها ميليشيات الإخوان والجهاديين بطرابلس، التي اتهمت مصر والإمارات بقصف مواقع تسيطر عليها الميليشيات الأصولية، وتبنى حفتر مسؤوليتها، لكن خبراء عسكريين تحدثت معهم "الوطن" شككوا بقدرته على هجمات من هذا النوع، مؤكدين أن الطائرات التي تملكها قواته ببنغازي على بعد ألف كلم شرق طرابلس لا تستطيع الوصول للعاصمة، وأنها غير مجهزة بالمعدات اللازمة لتتمكن من شن غارات ليلية.
آخر العلاج.. "الكي"
بينما أكد رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح عيسى أن المجلس لم يطلب أي تدخل خارجي لتوجيه ضربات عسكرية وتوقع عدم الوصول لهذه المرحلة، لكنه استدرك قائلاً "إن الكي آخر العلاج"، فإنه لاعتبارات شتى يصعب أن تحسم مصر والجزائر اتخاذ قرار بالقيام بعمل عسكري مشترك بليبيا للإطاحة بالميليشيات المسلحة لضغوط دولية تمارس عليهما، وتتواتر تقارير إعلامية عن وجود تنسيق استخباراتي بين الجزائر ومصر للتدخل في ليبيا لمواجهة الميليشيات المسلحة وإعادة الاستقرار الأمني والسياسي.
لكن تصريحات عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية الأسبق، أثارت جدلا بقوله في وقت سابق إن اضطرابات ليبيا تشكل تهديدا للأمن القومي المصري، والوضع هناك يُشكل قلقا خطيرا، خاصة وأن التنظيمات الإرهابية تجد مناخا مواتيا بالجغرافيا الليبية الممتدة، وطالب بمناقشة الوضع هناك لزيادة وعي الرأي العام الدولي والإقليمي بالمخاطر المُحدقة، وللحصول على دعم دولي لتمارس مصر حقها بالدفاع عن النفس.
وتحدثت "الوطن" مع وجهاء قبائل محافظة مطروح الحدودية مع ليبيا، خاصة أن معظم المناطق الحدودية المصرية الليبية تسيطر عليها قوات حفتر، موضحين أن الجماعات المتطرفة تسيطر على ليبيا، وترتبط بالتنظيم الدولي للإخوان وتنظيمات إرهابية أخرى ويسعون لإحداث القلاقل بمصر، ولو أحكموا السيطرة على ليبيا سيشكلون تهديدا خطيرا لمصر، نظرا لسيطرتهم على المنافذ البرية، مدججين بأسلحة ثقيلة، وتشاركهم عناصر من دول عربية وإسلامية، ورغم تباين توجهات تلك التنظيمات واختلافها لدرجة اقتتالها، لكنها تتفق بشأن استهداف أمن مصر.
واستضافت القاهرة مؤخرا اجتماعا للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي وخلال مؤتمر صحفي مشترك قال السيسي: لدينا حدود ممتدة مع ليبيا تقوم مصر بمفردها بتأمينها، وإن الميليشيات المتطرفة ترتكب أعمالاً إرهابية داخل مصر، ودعا المجتمع الدولي عموما، والأوروبي خاصة، لتحمل التزاماته الأخلاقية والإنسانية والأمنية تجاه الموقف بليبيا، وأنه جرى التوافق مع المسؤول الإيطالي بشأنها، الأمر الذي فتح الباب للقراءات المتباينة لطبيعة الإجراءات التي يُمكن أن تتخذها مصر بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، ودول الجوار الليبي وبمقدمتها الجزائر لمواجهة توغل التنظيمات الإرهابية، خاصة عقب تواتر معلومات عن تشكل خلايا لتنظيم "داعش" هناك.
خريطة الميليشيات
وميدانيا أكدت مصادر أجهزة أمنية مصرية أن التنظيمات الإرهابية تتسلل عبر الحدود المصرية الليبية لتنفذ عمليات إرهابية كانت أخطرها في 19 يوليو الماضي، ولقي فيها 21 جنديا مصريا مصرعهم بمحافظة الوادي الجديد الحدودية، وكشف مصدر عسكري مصري عن أن الجناة الذين لقوا مصرعهم في الحادث كانوا ملتحين ذوي ملامح أجنبية وشعر طويل، وأن أحد الجناة كان يضع خنجرا معقوفا في وسطه، وهو الذي بدأ مهاجمة الكمين، وفجّر نفسه بحزام ناسف.
تنوع المشارب
ولعله من الضروري رسم ملامح خريطة الميليشيات الليبية على تنوع مشاربها، ووفقا لذات المصادر فإن هناك ما يربو على 300 ميليشيا مسلحة تعتنق الفكر التكفيري، فضلا عن الخلايا الجهادية منها: كتيبة 17 فبراير، وسرايا راف الله السحاتي، ودرع ليبيا، وأنصار الشريعة، وثوار ليبيا، وثوار طرابلس وغيرها، وسعت تلك الميليشيات لتأسيس ما يسمى "الجيش المصري الحر"، حيث رصدت الأجهزة الأمنية المصرية 6 معسكرات لهذا الكيان بليبيا، منها 3 معسكرات بالقرب من الحدود، أكبرها معسكرات بمصراتة ودرنة ووادي الشواعر، وهو أخطرهم لوجوده على مسافة 60 كلم من الحدود مع مصر، وتسيطر عليهما كتيبة "راف الله السحاتي" بقيادة إسماعيل الصلابي، وغرفة ثوار ليبيا بقيادة شعبان هدية المكني بلقب أبوعبيدة الليبي الموالي لتنظيم القاعدة، وسبق لأجهزة الأمن المصرية القبض عليه في يناير 2014 بالقرب من مطروح، وأطلقته مقابل الإفراج عن الدبلوماسيين المصريين، كما تربطهم علاقات قوية بالتنظيم الدولي للإخوان.
تحالفات مسلحة
وفي دراسة لتقييم الموقف يقول الخبير الاستراتيجي اللواء حسام سويلم، إن هذه الكيانات تحولت لميليشيات جهادية وقبلية يمكن تقسيمها لأربعة تحالفات رئيسية: الأول: ويضم مسلحين لنحو 20 ميليشيا بجنسيات ليبية وعربية وتقودها شخصيات من "القاعدة" وأخرى تنتمي للإخوان بمدينة مصراتة، وتخوض مواجهات مع قوات حفتر، وتدير معاركها بطرابلس بما يسمى "ميليشيات الدروع" داخل بنغازي ودرنة بتنظيم "أنصار الشريعة" الذي صنفته واشنطن تنظيما إرهابيا. الثاني: وهو "الجيش الوطني" الذي يقوده حفتر، ويتمركز شرق بنغازي، ويشن غارات بالطائرات والصواريخ والهجمات البرية على مواقع الميليشيات الإخوانية والتكفيرية، وتشكلت مطلع هذا العام بعدما جمع حفتر آلاف الجنود التابعين للجيش الليبي السابق، وانضم له آلاف المتطوعين الشباب لتشكيل جيش نظامي للدولة ضمن ما أسماه "عملية الكرامة". أما التحالف الثالث: ويتألف من أنصار الدولة المدنية وتقوده "كتيبة القعقاع" وبعض الميليشيات الصغيرة القادمة من الزنتان، ومنها "كتيبة النصر" التي كان يقودها جمعة أحسن، الذي لعب دورا حاسما خلال قتال قوات القذافي. والتحالف الرابع: ويتسم بالقبلية يشمل قبائل كبرى منها "ورقة والمقارحة" وغيرها، والتي تعرضت للتهميش والإقصاء وناصبتهم الميليشيات الإسلامية العداء، ورغم وجود تنسيق بين هذه القبائل، فإنها لم تدخل المعركة لجانب "مجموعة الزنتان" ولا "مجموعة حفتر" لكنها تعادي "مليشيات مصراتة" لكونها الأكثر تشددا ضد القبائل المتهمة بموالاة القذافي.
ومع تصاعد الانفلات الأمني وتعمق الخلافات فقد دعت جماعة "أنصار الشريعة" الموالية لتنظيم القاعدة قوات "فجر ليبيا"، والتي تضم مليشيات مصراتة وحلفاءها غرب ليبيا للانضمام إليها، وقالت في بيان: "أعلنوا أن قتالكم من أجل الشريعة الإسلامية لا من أجل الشرعية الديموقراطية حتى يجتمع الجميع تحت راية واحدة وتزداد قوة أهل الحق وتضعف قوة أهل الباطل".
الموقف الدولي
وبينما يرى خبراء استراتيجيون أن التدخل العسكري الخارجي هو السبيل الوحيد لإخراج ليبيا من دوامة العنف والفوضى، يؤكد آخرون أن ذلك لن يتحقق إلا بحلول سياسية تكون ثمرة مفاوضات للفرقاء الليبيين، ووسع مجلس الأمن 27 أغسطس الماضي نظام العقوبات الدولية التي تستهدف ليبيا لتشمل كافة الميليشيات المتقاتلة والعقوبات التي كانت تشمل سابقا أنصار نظام القذافي تتمثل بحظر السلاح وتجميد أموال ومنع من السفر، وسيتم تحديد الأفراد أو الميليشيات المعنية بواسطة لجنة تتبع مجلس الأمن، وبموجب القرار الذي تبناه بالإجماع أعضاء مجلس الأمن ال15، فإن العقوبات ستستهدف أيضا الأشخاص والكيانات التي ترتكب أو تساعد بتهديد السلم والاستقرار والأمن بليبيا والتي تعرقل الانتقال السياسي السلمي.
ويوضح القرار الدولي أن الأمر يعني خاصة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان وتدمير البنية التحتية كالمطارات والموانئ البحرية والمقار الدبلوماسية الأجنبية في ليبيا، كما يشمل القرار الأفراد أو الجهات التي تدعم الميليشيات المسلحة أو الجريمة المنظمة من خلال الاستغلال غير المشروع للموارد النفطية للبلاد.
وفي دراسة أعدها "مركز ويلسون للبحوث" بواشنطن انتقد روبن رايت الموقف الغربي قائلاً إن "الحكومة المركزية بليبيا ضعفت لدرجة لا تمكنها من الحفاظ على مؤسسات الدولة، فكيف حال أراضي ليبيا الشاسعة"، وأضاف: إن الغرب أخطأ كثيرا، ولم تُطبق القرارات التي أريد بها إعادة بناء ليبيا، فالفرص الحقيقية لبناء دولة ديموقراطية بليبيا ربما تكون ضاعت، ولعل نتائج الانتخابات الأخيرة أظهرت تغييرا بموازين القوى السياسية لصالح المدنيين أشعلت القتال الراهن. وكان يُفترض أن تُلقي الميليشيات التي ساهمت بإسقاط القذافي سلاحها بعد قتله لكنها احتفظت به ،فحمل السلاح أصبح الضمان للاحتفاظ بالقوة والسلطة في ليبيا، لهذا يرى الخبير الاستراتيجي اللواء حازم البنا، أن الحل الوحيد المتاح حاليا لإنقاذ الموقف بليبيا يتمثل بنزع سلاح الميليشيات المتقاتلة باستخدام القوة، لأنها لن تسلمه طواعية، لهذا فإن طلب الحكومة الليبية بتدخل قوات القبعات الزرق التابعة للأمم المتحدة مبرر، لكن احتمال تدخل قوى حفظ السلام في ليبيا غير وارد حاليا، إذ لا توجد دولة مستعدة لنشر قوات حفظ سلام هناك، كما أن الصراع بين روسيا والغرب بأوكرانيا لن يدفع بموسكو لمنح الضوء الأخضر بمجلس الأمن للتدخل الدولي هناك. ويبقى السؤال عما إذا كانت تكفي البيانات الإقليمية والدولية لمواجهة الوضع المأزوم، بعدما أدركت واشنطن والاتحاد الأوروبي أن ليبيا خرجت عن السيطرة، وباتت تحت رحمة الميليشيات، ومعها مصالح الغرب الذي لا يبدو أنه يمتلك استراتجية واضحة للتعامل مع المعضلة الليبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.