التخفي خلف الواقع والتهرب من الاعتراف بوجود المشكلات والأخطاء هما أساس المشكلة والخطأ نفسه، سواء أكانا صادرين من فرد أو جماعة أو أي جهة كانت؛ فالمشكلة ستبقى مشكلة ما لم ينظر إليها بجدية والسبيل لحلها وكذلك هي التصرفات أو القرارات غير الصائبة، وأولى خطوات الحل هي الاعتراف بوجودها وحدوثها وعدم المكابرة أو التغاضي عنها، ولو غضضنا الطرف عنها وتمادينا في ذلك لأدى إلى وجود فرد فمجتمع فأُمة لا تعي أو تميز بين ما هو صائب وما هو خاطئ. تعد (ثقافة الاعتراف بالخطأ) شبه معدومة في مجتمعنا العربي بشكل خاص، فنادراً ما تجد شخصاً يتحمل مسؤولية أقواله وأفعاله وتبعاتها، لأنه يعتقد أنه باعترافه بأغلاطه سيضع نفسه بمكانة سيئة وهو أمر مغاير للواقع تماماً. فالاعتراف بوجود الزلل وما أشكل يعد تصرفاً يجعل من صاحبه شخصاً أكثر شفافية وموضع للتقدير، فلولا ذلك لما تقدمنا قيد أنملة بالرقي بمجتمعاتنا وبتنا خلف سلبياتنا وتعايشنا معها ورضينا بها وعارضنا كل الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة التي تدفعنا نحو العودة والرجوع عن تصرفاتنا وأعمالنا السيئة. وكل ذلك راجع إلى عدم وجود تربية منذ الصغر على هذه الثقافة، فما أن يخطئ الطفل الصغير أو يصدر عملاً غير محبوب نشهر في وجهه أنواع الزجر والتهديد والوعيد، معتقدين بذلك أننا نجعل من تصرفاته المستقبلية قليلة الأخطاء، وهذا بعكس الحقيقة، فبهذا السلوك سننشئ جيلاً لا يثق بتصرفاته، ولا يستطيع التعامل مع عثراته التي يقابلها في حياته، بل وما يفاقم الأمر بشكل أكبر عندما توجد بيئة مدرسية لا تكون عوناً على غرس هذه الثقافة وتشريبها للنشء وفق ما يحضنا عليه ديننا الحنيف، فيمر الوقت المناسب لذلك بدون وضع المبادئ اللازمة للتعامل مع هذه الثقافة. وأخيراً، ينبغي القول إنه لا ولم ولن تجد شخصتً أو مجتمعاً ملائكياً خالياً من الأخطاء، فالجميع معرض له إلا ما عصمه ربي. وهذا لا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي في مواجهة الأخطاء الحتمية الحدوث، شئنا أم أبينا، بل يجب علينا السعي لترويض أنفسنا على ذلك وتعويد أبنائنا عليها وعلى التعامل معها بالطريقة المثلى.