فيما تجمع الكثير من السيدات العاملات سواء في التعليم أو في الصحة أو في القطاعات الأخرى على أهمية وجود الحضانات، ويستعرضن الحلول التي تتيحها للكثير من المشكلات، لاسيما المتعلقة ب"العاملة المنزلية"، إضافة إلى ما توفره من فرص وظيفية، إلا أن هذه الفكرة ما زالت بانتظار التطبيق، من قبل كل تلك الجهات الرسمية على اختلافها. الحاجة تولد الفكرة بدأت المطالبة بوجود الحضانات في المدارس والأحياء، مع زيادة إقبال النساء على العمل، حيث أصبح ذلك مطلبا أساسيا لديهن، كجزء من حق السيدة العاملة في أي قطاع أو جهة عمل حكومية أو خاصة، بعيدا عن دورها التربوي والتعليمي على الطفل، نظرا لما توفره من بديل أفضل للعاملات، وما تتضمنه من تعامل آمن وصحي مع الأطفال، يساهم في الاستقرار النفسي للأمهات، أثناء ساعات العمل التي يقضينها بعيدا عن أطفالهن. وتتوسع المطالبة بالحاضنات سواء في المدارس، أو في الأحياء، للقيام بالدور الخاص برعاية الطفل، والتقليل من الاعتماد على العاملة المنزلية، وبالتالي التقليل من المشاكل التي يسفر عنها وجودهن، وكذلك لدورها الفعال في تقليل العبء على عاتق الأمهات وخصوصا الموظفات، حيث يحظى الأطفال برعاية طاقم متخصص من المواطنات المؤهلات، موفرا لهن بذلك فرص عمل جديدة. وفي هذا الصدد، تقول منال الغامدي "معلمة" إن فكرة وجود الحضانة في كل حي وبإشراف سيدات سعوديات خريجات لرياض الأطفال، أمر أصبح حتميا ومهما، وينعكس على أداء السيدة في عملها، حيث تبدع أكثر، لكونها مطمئنة على أطفالها فترة غيابها في العمل، لأن مشاكل استقدام العاملة المنزلية أرق كثيرا من الأمهات، مؤكدة أن خوف العاملة على أطفالها أثناء فترة العمل أهم أسباب الإخفاق وعدم الإتقان في العمل. فيما تقول "أم عبدالعزيز": لم أجد حضانة قريبة من منزلي ومناسبة لأطفالي، ولا أريد استقدام عاملة منزلية خوفا من الوقوع في مشاكل معها يكون ضحيتها أبنائي، وقمت بالبحث عن حاضنة سعودية تكون على قدر من المسؤولية، تعمل بالساعات أثناء عملي فقط، ولم أجد" لافتة إلى أهمية وجود حضانات داخل الأحياء لهذا الغرض، تكون مهيأة على حسب مراحل العمر، وتوفر الملاعب والتسلية ووسائل الراحة والتعليم المناسب للأطفال. فرص وظيفية وترى الطالبة نهى الغدير "طالبة متخصصة في رياض الأطفال" أن وجود الحضانات يساهم في خلق فرص وظيفية لخريجات رياض الأطفال، حيث من الملاحظ، وفي ظل وجود أعداد كبيرة من خريجات رياض الأطفال، عجز القطاعان الحكومي والخاص عن توفير فرص عمل تناسب هذا التخصص، لافتة إلى أن تصنيف الحضانات كمشاريع تجارية بحتة غير مجد، وتقول "عرقلة البلدية لتراخيص الحضانات وبعض الاشتراطات الأخرى يجعلان الخريجة تبتعد عن مزاولة هذا العمل". وأشارت إلى أن المعاملات الروتينية والاشتراطات المعقدة، صرفت أعين الراغبين بالعمل والاستثمار في هذا المجال، وبالتالي تسببت في توقف مجال مهم لخلق الفرص الوظيفية للمتخصصات في رياض الأطفال. مبادرات فردية أمام هذه الحاجة التي لم تحظ باهتمام معظم القطاعات الحكومية، اضطرت بعض السيدات إلى المبادرة الفردية لإقامة حضانات خاصة كحل موقت، حيث قامت مديرة الثانوية ال26 بتبوك حصة الخريصي بإنشاء وفتح حضانة لمعلماتها تحقيقا لرغبتهن، وبجهود شخصية، وقالت الخريصي، في تصريح سابق ل"الوطن": بعض المعلمات لا يمتلكن عاملة منزلية، وليس لديهن أقارب بالمنطقة، وكلما كانت المعلمة مرتاحة نفسيا، زاد عطاؤها وإنتاجها، وهذا ما لحظته على المعلمات الأمهات". ونصحت الخريصي مديرات المدارس بالمبادرة بفتح حضانات، حتى وإن كانت شخصية، مراعية كون المعلمة أما، وبالتالي تستطيع المعلمة العطاء بأريحية دون الخوف على أبنائها. كما اضطر أحد المجمعات التعليمية في إحدى القرى النائية بتبوك، وبمبادرة فردية من مديرة المجمع، إلى تلبية مطالب المعلمات وافتتاح حضانة، وذلك في قرية شواق بتبوك، للمساهمة في مساعدة الأمهات المعلمات وشعورهن بالارتياح، مما انعكس على إنتاجيتهن في العمل. مسؤولات يدعمن ووجدت مطالبات النساء العاملات بوجود حضانات في مقار عملهن، أو في الأحياء، دعم ومساندة الكثير من المسؤولات، حيث تشير عميدة كلية التقنية بتبوك هيفاء الصقر إلى أن أهم سبل رعاية أي قطاع لموظفاته هو توفير حضانة في القطاع أو جهة العمل، مما يسهل على الموظفة الاطمئنان على طفلها خلال ساعات الدوام، وتقول "برأيي سيكون ذلك أفضل من توفير حضانات في الأحياء، وفي حال تأهيل خريجات تخصص رياض الأطفال اعتقد أنهن يؤدين الغرض". وترى منسقة العلاقات العامة بإدارة التربية والتعليم بتبوك تمام الشعلان أن فكرة إنشاء حضانات داخل المدارس فكرة رائعة، وتحتاج إلى دعم من قبل إدارات التربية والتعليم بالمناطق، مرجعة ذلك إلى ما تتركه من أثر إيجابي في نفوس المعلمات بعد أن أصبحن لا يثقن بترك أبنائهن لدى العاملة المنزلية. انعكاس نفسي وأرجع الأخصائي النفسي محمود بو صالح كفاءة المرأة العاملة وزيادة إنتاجيتها بالعمل إلى الراحة والاطمئنان النفسي التي تشعر به حيال ذلك، وقال "لن يكون ذلك إن لم توفر لهن الدولة سبل الراحة، والتي من أهمها في نظر العاملات الأمهات هو وجود حضانة داخل مقر عملهن، فحين يعاني الطفل من أي أعراض سواء كانت مرضية أو نفسية في فترة الحضانة والتي تقدر بالسن ما قبل الدراسة فستكون الأم في صراع داخلي من حيث ترك طفلها في أيدي عاملة منزلية غير مؤهلات أو حضانات لا تثق بها". وأضاف بو صالح "حتى وإن توفرت حضانات داخل الأحياء فالأم الموظفة ستظل في قلق ما لم يكن طفلها أمام أعينها خصوصا عندما يكون في فترة الرضاعة والتي يحق لها أن تمنح ساعة من عملها لذلك، وهذا ما يحتم وجود حضانات داخل مقار العمل مما يرفع من مستوى وعطاء الموظفة، ويبعث في نفسها الراحة، ويعكس على سلوكها العاطفي، وبالتالي يحد من غيابها". وأضاف "وجود حضانات نموذجية داخل الأحياء والمدروسة بطرق علمية بعيدة عن التجارة سيؤدي الغرض المأمول شريطة قيامها بدور تدريبي وتعليمي وترفيهي وتأهيلي، وتكون مجهزة بالكامل بكوادر متدربة ومؤهلة وعلى قدر عال من الأمانة والثقة".