مَنْ يعرف المصور فهد شديِّد عن قرب، لا يمكن له أن يتخيل ذلك الرجل البسيط - في تواضعه والكبير في طموحه - أنه كان بائع خضار وفواكه ذات يوم في الرياض، بعيدا عن أجواء العدسات و"الزومات"، ولكن سرعان ما تكتشف أنه اختار هذه المهنة ليغور بعمق في أحاسيس الناس ونفسياتهم وأذواقهم، ومع تعدد ما يبيعه، تتعدد الأشخاص التي تشتري من فهد، فلكل شخص ذوق وطعم ولون، تماما كما فهم هو من تنوع ما أنبتته الأرض، ولعل ألوان الفواكه والخضروات ساعدته كثيرا في فهم الكثير من الجوانب الحياتية بأشكالها المختلفة في ذائقتها وطعمها، حتى كَبُرت مخيلته الفنية، وأخذ يترجم ملامح ما تعلمه في العدسة والضوء الساحر، لتحتل صوره في "رويترز" مكانا يصعب التربع فيه. ابن شديد قال ل"الوطن"، إنه من خلال مخالطته للناس البسطاء استطاع أن يصل إلى مبتغاه، فهؤلاء بوجوههم البريئة ينقلون إحساس المصور إلى أبعد ما يكون من الجماليات، بل حتى التجاعيد التي يحملونها لها مدلولات فنية، كما فعلت العدسة مع الرطب ويد الفلاح في بريدة، وفرق كبير بينها وبين أن يستعيد فهد قواه ليصور استعراضا عسكريا قويا شديدا لتدريب قوات الطوارئ، أو في كلية الملك فهد الأمنية، فهنا عنفوان القوة للدفاع عن الوطن بالتضحية الشرسة، وهناك ليونة الرطب وإشباع الجوع. وأشار فهد أن بعض الصور السياسية التي تنشر في صحفنا المحلية لا تمثل احترافية بمعناها الحقيقي للرجل السياسي، بل هي أشبه بصور تذكارية جامدة، وأرجع ذلك لعدة أسباب ومنها: الصحيفة التي لا تهتم كثيرا بالصورة، وكذلك المصور نفسه الذي يتطلب عليه قراءة المشهد أولا وما سيدور من أحداث في ذلك اللقاء أو المؤتمر. وبين ابن شديد، أنه التقط صورا سياسية كثيرة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والأمير الراحل سلطان بن عبدالعزيز، والأمير سعود الفيصل، ولكنه أكد أن العدسة تحب مثل هذه الشخصيات البارزة، فهم وحدهم يهدون المصور لقطات عفوية رائعة دون تكلف، وتتعب العدسة وهي تلاحق تلك اللحظات التي تجذبها ك"المغناطيس"، ويبقى دور حس المصور هنا، فكلما كان حاضرا بكل أحاسيسه خرج بصور في غاية الروعة. والجميع يتذكر فهد شديد في أكثر من مناسبة، ولكن الصورة التي فاز بها عالميا ونشرتها "رويترز" وهي لضابط من قوى الأمن الخاصة، يلتهم أفعى في مناورة أشبه بمعركة حقيقية، ظلت ملاصقة للأذهان ومرتبطة بذاكرة الجميع وعدسة ابن شديد.