ماذا لو أصبت بكسور في الظهر 3 مرات، وتعرضت لإصابات بالغة في الساق والركبة والمعصم، وفقدت واحدا من أصابعك، وواجهت الموت لعشرين عاما من غريم واحد؟.. هل ستعفو عنه؟، أم ستفعل ما في وسعك للقضاء عليه؟. وإذا كان ذلك الغريم هو الأشد فتكا في العالم، ومع ذلك تسعى للحفاظ عليه من أي سوء، فأنت بالتأكيد تتحدث عن خبير الزواحف العالمي الدكتور برادي بار، الذي يجوب البلدان لاكتشاف العوالم الخطيرة لغريمه "التمساح"، والذي تنطبق عليه مقولة عالم الأحياء الشهير إي.أو. ويلسون ذات مرة "نحن كبشر نعشق وحوشنا". الدكتور بار قام بزيارة تثقيفية إلى دبي مؤخرا؛ ليعرض فيها خلاصة تجاربه ومغامراته في عالم الزواحف، وبخاصة التماسيح، وكذلك المخاطر التي تعرض لها أثناء إعداد البرامج الوثائقية لقنوات "ناشونال جيوجرافيك" العالمية، التي يعمل بها منذ أكثر من 17 عاما. ويصف الدكتور بار ل"الوطن" ولعه بعالم التماسيح منذ نعومة أظفاره، قائلا: "كنت ذلك الطفل المجنون بعالم الديناصورات، ومع تقدمي في العمر أصبحت أكثر اهتماما بالتماسيح، فهي تذهلني بحجمها الكبير ونجاحها في الحياة". ولكن الدكتور بار لديه هاجس من انقراض التماسيح، مستعرضا أبرز التهديدات التي تواجه استمرارية حياتها، منها فقدان الموطن الطبيعي، والتلوث، والقتل خشية الخوف أو الجهل بها، إلى جانب تجارة لحوم وجلود التماسيح. وعن حجم تواجد التماسيح في العالم، قال: "إنها موجودة في مصر والسودان، ولكن لا توجد أنواع أو فصائل عربية منها، ويوجد في إيران نوع فريد جدا منها يدعى "قاطع الطريق" (The Mugger)، وهو ينتقل أثناء موسم هجرته الطويلة عبر الصحاري من واحة مائية إلى أخرى. إنه حقا مذهل، وأنوي إعداد دراسة عنه، كما تتواجد التماسيح في المناطق الواقعة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا". وأضاف أن "مجمل الأنواع التي تم إحصاؤها، يبلغ 23 نوعا في كافة أنحاء العالم، وهي تتواجد عالميا في 91 دولة حول العالم، وتوجد 6 أنواع مشهورة في أميركا الجنوبية". ويرى الدكتور بار أن التماسيح أحد أشد الضواري المتفرسة فتكا بفرائسها، يقول: "تعد التماسيح من أكبر الحيوانات المفترسة على سطح الأرض، إذ يبلغ طول بعض الأنواع أكثر من 7 أمتار، ويزن أكثر من طن، وهي من الحيوانات المفترسة عالية المستوى مثل النمور والدببة، وفي العديد من الحالات آكلة للبشر". وعن المخاطر التي يواجهها أثناء تعامله مع التماسيح، قال: "أواجه مخاطر بشكل يومي، فإذا أرتكبت خطأ ما عندما أكون على تماس معها، تكون مصدر تهديد للحياة، وإذا تشتت انتباهك ستموت حتما، وقد كنت عدة مرات على شفير الموت، ففي العشرين عاما الماضية كسر ظهري 3 مرات ، كما كسرت ساقي اليسرى مرة، ومعصمي الأيمن وذراعي مرة أخرى، كما فقدت في إحدى المرات إصبعي، وتلقيت يوما عضة أليمة في ساقي اليسرى وأخرى في كاحلي الأيمن"، مشيرا إلى أنه محظوظ بنجاته؛ لأن هذه الحيوانات لا تسامح أبدا. وعن مسيرته العلمية والعملية لتنفيذ برامج وثائقية عن التماسيح لقنوات "ناشونال جيوجرافيك" ، يقول الدكتور بار: "كنت موظفا لمدة 17 عاما في قنوات "ناشونال جيوجرافيك" كمختص زواحف مقيم، وكان الجميع مصدر دعم كبير، وتمكنت بسبب ذلك من إنجاز الكثير، فأنا الوحيد في العالم الذي استطاع أن يصطاد 23 نوعا من التماسيح". وحول معدل الوقت المستغرق لتصوير فيلم وثائقي عن التماسيح، قال: "يختلف ذلك من فيلم لآخر، فأحيانا نقضي يوما واحدا لتصوير فيلم، بينما توجد أفلام استغرق تصويرها 4-5 أسابيع، فهناك أنواع هي الأندر والأكثر تعرضا للتهديدات على كوكب الأرض، ويصعب العثور عليها، فيما توجد أنواع أخرى شائعة يسهل العثور عليها". ويفك الدكتور بار حيرة التساؤل عما إذا كانت التماسيح هدفا "غذائيا" لحيوانات أخرى، فيما هي مشهورة بالافتراس، بقوله: "عندما تولد التماسيح، فإنها تكون صغيرة الحجم، ولذلك تكون مصدرا للغذاء لعدد لامحدود من الحيوانات، التي تتغذى على صغار التماسيح مثل الأفاعي، والطيور والأسماك، والثدييات، والسحالي". وحول اقتراح إقامة مركز لأبحاث الزواحف، في المنطقة العربية التي تزخر بها، قال: "إنها فكرة رائعة، وأحب أن أفعل ذلك، وأحتاج للبدء في التفكير بذلك".