تشهد الساحة الدبلوماسية الأوروبية والأطلسية هذا الأسبوع نشاطًا مكثفًا يرتبط بمحاولة واشنطن إعادة تشكيل مسار الحرب في أوكرانيا، عبر مبادرة سلام يجري دفعها في أكثر مراحل الصراع تعقيدًا منذ اندلاعه. وبينما يتوجه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يتحرك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في جولات أوروبية تهدف إلى تثبيت الدعم الغربي وتحصين الموقف التفاوضي لكييف. لقاء حساس ويصل المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف إلى موسكو، حاملاً نسخة أولية من مقترح سلام تسعى واشنطن إلى طرحه لإنهاء الحرب المستمرة منذ ما يقرب من أربع سنوات. ويمثل هذا اللقاء محطة مفصلية في الاتصالات التي تجريها إدارة ترمب منذ أشهر بهدف إعادة إحياء مسار تفاوضي جرى تعليقه مرارًا. وأكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف أن الاجتماع سيضم أيضًا جاريد كوشنر، صهر ترمب، في خطوة تُظهر رغبة البيت الأبيض في رفع مستوى التواصل المباشر مع القيادة الروسية. وبحسب بيسكوف، ستُجرى المحادثات في جلسة ضيقة، تضم ويتكوف وكوشنر والمترجم الأمريكي فقط، على أن تستمر «ما يلزم من الوقت». وتأتي هذه الزيارة بعد مسار تفاوضي متوازٍ قاده وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو مع ممثلين أوكرانيين، في إطار حشد دعم أطراف النزاع لخطة واشنطن. حشد الدعم وفي الوقت ذاته، يواصل زيلينسكي جولته الأوروبية، حيث توجه إلى أيرلندا لإجراء محادثات مع قيادات سياسية وبرلمانية في دبلن، في أول زيارة رسمية له للبلاد. ويهدف زيلينسكي إلى تثبيت الدعم الأوروبي في مرحلة يصفها مسؤولوه بأنها الأكثر حساسية منذ بدء الغزو الروسي. وأيرلندا، رغم حيادها العسكري وعدم عضويتها في حلف الناتو، قدمت دعمًا غير فتاك وأسهمت في استقبال أكثر من مئة ألف أوكراني منذ فبراير 2022. وتعمل كييف على تعزيز مشاركتها الأوروبية في أي عملية تفاوضية جارية أو محتملة. وثيقة نهائية وذكر زيلينسكي أن الوفد الأوكراني الذي عاد من جولة المفاوضات الأخيرة في فلوريدا أحرز تقدمًا، استنادًا إلى وثيقة مشتركة وُضعت أساسًا في الجولة السابقة بجنيف. وأكد أن الوثيقة «نهائية»، دون الكشف عن مضمونها أو الحدود التي قد تكون كييف مستعدة للنقاش بشأنها. ووصف ماركو روبيو اجتماعات فلوريدا بأنها مثمرة، لكنه حذر من أن «المزيد من العمل لا يزال مطلوبًا»، في ظل الهوة القائمة بين شروط موسكو ومطالب كييف. القلق الأوروبي وفي باريس، أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيلينسكي بأنه تحدث هاتفيًا مع ويتكوف، وأجرى أيضًا مشاورات مع قادة ثماني دول أوروبية ومسؤولي الاتحاد الأوروبي والأمين العام للناتو مارك روته. واعتبر ماكرون أن الأيام المقبلة ستكون «حاسمة» في النقاشات بين واشنطن وشركائها الأوروبيين. وتسعى العواصم الأوروبية إلى استعادة دور أوسع في عملية اتخاذ القرار، بعد شعورها بأنها همّشت خلال الأشهر الماضية في المفاوضات التي قادتها الولاياتالمتحدة. كما تواجه أوروبا تحديات تتعلق بتمويل الدعم العسكري والاقتصادي لأوكرانيا بعد هذا العام، في ظل ضغوط داخلية متصاعدة. حملات التضليل وحذر زيلينسكي من حملات تضليل روسية تستهدف التأثير في مسار المفاوضات. وقال إن الاستخبارات الأوكرانية ستوفر للشركاء الأوروبيين «ما لدينا من معلومات حول نوايا روسيا الحقيقية»، مشيرًا إلى أن موسكو تحاول، وفق تقييمات كييف، استغلال المسار الدبلوماسي لتخفيف العقوبات وعرقلة قرارات أوروبية حاسمة. عقبات تفاوضية ورغم الاجتماعات المتتالية، لا تزال قضايا محورية دون تسوية، وعلى رأسها مستقبل الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، والضمانات الأمنية المطلوبة لأوكرانيا، ومستقبل الحدود في شرق البلاد. ويرى مسؤولون أوروبيون أن «الطريق إلى السلام طويل»، وأن أي اتفاق سيحتاج إلى ترتيبات أمنية واقتصادية معقدة. تحديات متصاعدة ويواجه زيلينسكي ضغوطًا مضاعفة في واحدة من أكثر مراحل الحرب قتامة. فإلى جانب إدارة أزمة الفساد التي وصلت إلى مستويات عليا في حكومته، يسعى لتأمين التمويل الأساسي لاستمرار الدولة الأوكرانية والعمل على منع التقدم الروسي في جبهات دونيتسك وخاركيف. وفي هذا السياق، زعم الكرملين أن القوات الروسية سيطرت على مدينة بوكروفسك المحورية في دونيتسك. لكن زيلينسكي أكد في باريس أن المعارك مستمرة، فيما نفت هيئة الأركان الأوكرانية سيطرة موسكو، ووصفت الإعلان بأنه «خدعة دعائية»، وأعلنت أنها تجهز طرقًا لوجستية بديلة لدعم قواتها. • تعقيدات الخلاف على الأراضي بين روسياوأوكرانيا. • تراجع الدور الأوروبي ومحاولات استعادته. • تحديات التمويل والدعم العسكري لكييف. • حملات التضليل ومحاولات التأثير على مسار التفاوض.