فيما وصلت نسبة الممرضات السعوديات إلى نحو 44% من إجمالي الكوادر التمريضية في السعودية، والبالغ عددها 213.110 كوادر في عام 2023 وفقًا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء. شدد مراقبون على أن السنوات الأخيرة شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد السعوديات العاملات في مهنة التمريض، وذلك في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها المملكة، والدعم الكبير الذي توليه الحكومة لتمكين المرأة في مختلف المجالات، خصوصًا القطاع الصحي الذي يعد من أهم ركائز «رؤية السعودية 2030». تحديات مشتركة بدورها، أكدت الممرضة خيرية البقمي أنه على الرغم من الفروق، تواجه الطالبات في كلا النظامين تحديات مشتركة، أبرزها ضغط المواد العلمية والعملية، وساعات التدريب الطويلة، والتوازن بين الدراسة والحياة الشخصية. إلا أن الدعم المتزايد من وزارة التعليم ووزارة الصحة أسهم في تحسين تجربة الطالبات في الجانبين. وأضافت «في نهاية المطاف، تبقى كفاءة الطالبة واجتهادها العامل الأهم في التميز، سواء درست التمريض في جامعة حكومية أو كلية خاصة. فالميدان الصحي لا يعتمد على الجهة التعليمية بقدر ما يعتمد على المهارة، الالتزام، والقدرة على العطاء الإنساني». فرص واستقرار توضح الممرضة سعاد الأحمدي أن الاستقرار الوظيفي والمالي يعد أحد أبرز أسباب إقبال السعوديات على التمريض، إذ توفر وزارة الصحة والمؤسسات الطبية الخاصة فرص عمل واسعة ومزايا مجزية، إلى جانب بيئة عمل الآمنة والمتطورة. وأشارت إلى أن زيادة عدد المستشفيات والمراكز الصحية أسهمت في رفع الحاجة إلى الكوادر الوطنية المؤهلة، مما فتح الباب أمام السعوديات لدخول هذا المجال بقوة. تمكين وتدريب أكدت طالبة في كلية البترجي - قسم التمريض - أن تنامي الاهتمام بتمكين المرأة السعودية كان له أثر مباشر في ارتفاع أعداد الممرضات، حيث أتاحت الجامعات والكليات الصحية تخصصات جديدة في التمريض، ودعمتها ببرامج تدريبية متقدمة بالتعاون مع قطاعات صحية عالمية. كما أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية برامج تحفيزية لتشجيع الفتيات على الالتحاق بالتخصصات الطبية والمساعدة الصحية. مبررات الزيادة يفسر استشاري القلب، الدكتور طارق عبدالمجيد الإقبال المتزايد على مهنة التمريض من السعوديات بقوله «يشهد تخصص التمريض في المملكة إقبالًا متزايدًا من الطالبات السعوديات، مدفوعًا بحاجة القطاع الصحي المتنامية، وفرص العمل الواسعة التي يوفرها هذا المجال. ومع توسع الخيارات التعليمية، باتت الطالبات أمام مفاضلة واضحة بين دراسة التمريض في الجامعات الحكومية والكليات الخاصة، حيث تختلف التجارب من حيث الجودة، البيئة التعليمية، والتكاليف». وأضاف، «تعد الجامعات الحكومية الخيار الأول للراغبات في دراسة التمريض، نظرًا لما تتميز به من رسوم مجانية أو منخفضة جدًا، إضافة إلى اعتماد برامجها أكاديميًا من وزارة التعليم والهيئة السعودية للتخصصات الصحية». وتابع «تتمتع الطالبات في الجامعات الحكومية بفرص التدريب العملي في مستشفيات تابعة لوزارة الصحة، أو في المدن الطبية الجامعية، مما يمنحهن خبرة واقعية عالية. كما توفر هذه الجامعات بيئة تعليمية منضبطة وأساليب تدريس معتمدة على البحث العلمي والتطبيق العملي». مرونة وتنوع في المقابل، ترى رئيسة الممرضات فاطمة أحمد أن «الكليات الخاصة أصبحت خيارًا جذابًا للطالبات اللاتي لم يحصلن على مقاعد في الجامعات الحكومية، إذ تتميز بمرونة شروط القبول، وتوفر بيئة تعليمية حديثة، مع تجهيزات متطورة، ومناهج عالمية». وتضيف «غير أن الكلفة المالية تشكل التحدي الأكبر، إذ تصل الرسوم الدراسية السنوية إلى 60 ألف ريال في الترم الواحد، وهو ما يجعل الالتحاق بها مقتصرًا على من يملكن القدرة المادية، أو ممن يستفدن من برامج الدعم والمنح». الاعتراف والفرص تشير فاطمة أحمد إلى أنه «من ناحية فرص العمل، لا يختلف الاعتراف المهني كثيرًا بين خريجات الجامعات الحكومية والكليات الخاصة، طالما أن البرنامج معتمد من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية. ومع ذلك، لا يزال خريجو الجامعات الحكومية يحظون بأولوية في التوظيف الحكومي بفضل السمعة الأكاديمية الطويلة لتلك الجامعات». نظرة إيجابية أوضح أكاديميون أن تغير النظرة الاجتماعية تجاه مهنة التمريض أسهم أيضًا في ازدياد أعداد السعوديات في هذا القطاع. فبعد أن كان ينظر إلى المهنة سابقًا على أنها «مرهقة وغير مناسبة للنساء»، أصبحت اليوم رمزًا للعطاء والإنسانية، خصوصًا بعد الدور البطولي الذي أدته الكوادر التمريضية خلال جائحة كورونا، مما عزز مكانة الممرضة السعودية واحترام المجتمع لها. وتعمل الجهات الصحية على إحلال الكوادر الوطنية محل الأجنبية تدريجيًا، ضمن خطط «سعودة الوظائف الصحية»، وهو ما رفع عدد السعوديات المستحقات والملتحقات بمهنة التمريض، لسد العجز في بعض التخصصات الدقيقة وتحقيق الاكتفاء الذاتي بالكوادر الوطنية المؤهلة. ويمثل ارتفاع أعداد السعوديات في مهنة التمريض تحولًا نوعيًا في مسار العمل النسائي في المملكة، يعكس وعيًا مجتمعيًا متزايدًا بأهمية المهنة، واستثمارًا في طاقات المرأة السعودية لخدمة وطنها في أحد أهم القطاعات الحيوية. لماذا ارتفعت أعداد الممرضات السعوديات؟ التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تشهدها المملكة الدعم الكبير الذي توليه الحكومة لتمكين المرأة البرامج التحفيزية لتشجيع الفتيات على الالتحاق بالتخصصات الطبية والمساعدة الصحية الاستقرار الوظيفي والمالي الذي توفره هذه المهنة فرص العمل الواسعة والمزايا المجزية بيئة العمل الآمنة والمتطورة زيادة عدد المستشفيات والمراكز الصحية إتاحة الجامعات والكليات الصحية تخصصات جديدة في التمريض دعم تخصصات التمريض ببرامج تدريبية متقدمة انتشار الجامعات الحكومية والخاصة تغير النظرة الاجتماعية للمهنة وزيادة احترامها سعودة الوظائف الصحية