سعدت، أثناء وجودي في مدينة أبها، بتوقيع شراكة بين جمعية الإعلام السياحي وغرفة أبها، والمشاركة مع نخبة من الزملاء المتحدثين في ندوة «الإعلام السياحي.. صناعة الجذب والتأثير»، التي نظمتها الجمعية بالتعاون مع الغرفة، مساء أمس. ما شدّني خلال هذه الزيارة هو الأجواء الشتوية الساحرة التي تعيشها أبها هذه الأيام، والتي رغم برودتها المعتدلة مقارنةً بدول كثيرة في العالم تمر بصقيع شديد، إلا أنها ما زالت غير مستغلة بالشكل الأمثل سياحيًا، ففي دول مثل سويسرا والنمسا وكندا، يتحوّل الشتاء إلى موسم ذهبي يعج بالفعاليات والتجارب التي تستهوي السياح من كل مكان. تمتلك منطقة عسير عناصر جذب طبيعية استثنائية في الشتاء، من الضباب والمطر والأجواء الباردة في المرتفعات الجبلية، إلى اعتدال المناخ والدفء في السواحل التهامية، ما يتيح فرصًا هائلة لتقديم تجارب شتوية متنوعة ومتكاملة في منطقة واحدة، لكن ما زالت هذه الفرص بحاجة إلى تفعيل حقيقي، إذ يواجه تطوير السياحة الشتوية تحديات عدة، مثل ضعف التهيئة والترويج، وغياب المحتوى المخصص لهذا الموسم، بالإضافة إلى نقص الفعاليات المصممة خصيصًا لفصل الشتاء. وأطرح سؤالا للتحدي: من التجمّد إلى الجذب.. كيف نبدأ؟، لتحويل الشتاء إلى موسم جذب حيوي في عسير يجب أن نبدأ من: 1. تصميم برامج وتجارب شتوية جاذبة - مخيمات جبلية. - دروب هايكينغ مع مرشدين محليين. - مهرجانات الشتاء والقهوة والمطر. - تجارب المأكولات الشعبية الشتوية. - رحلات المغامرة والاستكشاف في تهامة والسهول. 2. بناء محتوى إعلامي وتسويقي مؤثر لابد من إنشاء حملات رقمية إبداعية، ومقاطع وثائقية، وتجارب مرئية على وسائل التواصل تُبرز دفء القلوب وسط برد الطبيعة، وتعكس التنوّع المناخي والجغرافي لعسير. 3. ربط الجبال بالبحر تقديم منتج سياحي متكامل، يبدأ من قمم السودة الباردة، وصولاً إلى سواحل الحريضة الدافئة في تجربة سياحية لا تُنسى، يمكن تسويقها محليًا وخليجيًا وعربيًا. 4. إشراك المجتمع المحلي والشباب في صناعة المحتوى، وفي تقديم التجارب، ما يُعزز الانتماء ويولّد فرصًا اقتصادية مستدامة، ويخلق قصصًا أصيلة عن المكان والناس. وفي الختام: السياحة الشتوية فرصة غير مستثمرة، والشتاء في عسير ليس مجرد طقس.. بل فرصة اقتصادية وسياحية وثقافية، إذا أُحسن استثمارها. نحن بحاجة إلى بناء هوية شتوية لعسير، تعتمد على التجارب الأصيلة، والمحتوى الاحترافي، وتحفيز القطاعين العام والخاص، ليصبح الشتاء موسمًا ثريًا لا يقل أهمية عن الصيف. إن تعزيز ثقافة السياحة الشتوية يعني أن نُعيد تعريف علاقة الزائر بالمكان، ونصنع من عسير وجهة فريدة.. من الجبال إلى البحر.. بتجارب لا تُنسى. شكرًا غرفة أبها، شكرًا الزملاء المتحدثين، «أ.عبدالله مطاعن، أ. محمد العمري، أ. محمد آل دوسري، أ. تغريد العلكمي».. شكر خاص للأستاذ سعد المالكي، مدير التواصل المؤسسي بغرفة أبها، على الجهد البارز في إنجاح العمل بروح الفريق الجماعي. * خالد آل دغيم رئيس جمعية الإعلام السياحي