تجددت التوترات الرقمية بين واشنطنوبكين بعد اتهام الصين وكالة الأمن القومي الأمريكية بشنّ هجوم إلكتروني على مركزها الوطني للتوقيت، وهو مؤسسة حيوية تتحكم في أنظمة الاتصالات والطاقة والمالية في البلاد. والاتهامات، التي أعلنتها وزارة أمن الدولة الصينية عبر منصة WeChat، جاءت بعد تحقيق داخلي، قالت خلاله إن الوكالة الأمريكية استغلت ثغرات في خدمات مراسلة تابعة لعلامة تجارية أجنبية للهواتف المحمولة عام 2022 لاختراق أجهزة موظفين وسرقة بيانات حساسة. أداة هجومية أشارت الوزارة إلى أن الولاياتالمتحدة استخدمت أكثر من 42 أداة هجومية متطورة لاختراق الأنظمة الداخلية للمركز، ومحاولة التسلل إلى نظام التوقيت الرئيسي بين عامي 2023 و2024. وعلى الرغم من إعلان الصين امتلاكها أدلة على هذه الهجمات، فإنها لم تكشف عنها بعد، مكتفية بالتحذير من أن أي ضرر كان يمكن أن يعطل شبكات الاتصالات وإمدادات الطاقة في البلاد. وحمّلت بكينواشنطن مسؤولية ما وصفته ب«الازدواجية الرقمية»، قائلة إن الولاياتالمتحدة تتهم الآخرين بما تمارسه هي نفسها من أنشطة تجسس إلكتروني. يأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه الحرب السيبرانية بين القوتين العظميين، وسط اتهامات غربية متكررة للصين بدعم مجموعات قرصنة استهدفت مسؤولين وصحفيين وشركات في الغرب. ساحة جديدة لم تصدر الولاياتالمتحدة تعليقًا رسميًا حتى الآن، بينما رأى محللون أن الاتهامات الصينية تأتي في ظل تصاعد التوتر بين الجانبين بملفات التجارة والتكنولوجيا وتايوان، ما يجعل الفضاء الإلكتروني ساحة جديدة لتبادل النفوذ والمعلومات الحساسة. الهجمات السيبرانية في سياق متصل، أظهرت دراسة حديثة لشركة «مايكروسوفت» أن الصين وروسيا وإيرانوكوريا الشمالية زادت من استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لخداع المستخدمين، وشن هجمات إلكترونية ضد الولاياتالمتحدة. وكشفت الشركة عن أكثر من 200 حالة استُخدم فيها الذكاء الاصطناعي لتوليد محتوى مزيف عبر الإنترنت خلال عام 2025، وهو رقم يفوق بعشرة أضعاف ما سُجل عام 2023. والتقرير السنوي ل«مايكروسوفت» أوضح أن خصوم الولاياتالمتحدة باتوا يوظفون الذكاء الاصطناعي لأتمتة الهجمات، وتحسين دقتها، ونشر معلومات مضللة أو محتوى مُحرّض، فضلًا عن اختراق الأنظمة الحساسة. وتمكّن هذه الأدوات القراصنة من ترجمة رسائل التصيد الاحتيالي، وصياغتها بشكل احترافي، أو إنشاء نسخ رقمية واقعية من شخصيات حكومية بارزة لخداع المستخدمين. سباق الابتكار الأمني قالت نائبة رئيس «مايكروسوفت» لأمن العملاء والثقة، أيمي هوجان-بورني: «هذا العام يمثل لحظة محورية في سباق الابتكار الأمني، وعلى الشركات والحكومات الاستثمار الجاد في حماية بياناتها». وأشارت إلى أن الهجمات الإلكترونية باتت أكثر استهدافًا للمنشآت الحيوية، مثل المستشفيات وشبكات النقل والبنى التحتية للطاقة. هدف الهجمات تُعد الولاياتالمتحدة أكثر الدول تعرضًا للهجمات السيبرانية عالميًا، متقدمة على أوكرانيا، بحسب التقرير نفسه. وتتنوع الجهات المهاجمة بين حكومات وجماعات إجرامية تسعى إلى الربح أو النفوذ. وفي المقابل، تنفي الصين وروسيا وإيران أي تورط في عمليات تجسس أو تخريب رقمي، معتبرة الاتهامات الأمريكية محاولة لتشويه سمعتها. وأكدت بعثة إيران لدى الأممالمتحدة في بيان أنها «لا تبادر بأي عمليات سيبرانية هجومية»، لكنها «تحتفظ بحق الرد على أي تهديد». أما كوريا الشمالية فاتهمتها واشنطن بإطلاق برامج تُوظف الذكاء الاصطناعي لإنشاء هويات رقمية مزيفة لأشخاص يتقدمون لوظائف تقنية عن بُعد في شركات أمريكية، بهدف سرقة البيانات وزرع برامج خبيثة. ويرى خبراء أمنيون أن تصاعد هذا النوع من العمليات يرمز إلى مرحلة جديدة في الحروب غير التقليدية، حيث بات الذكاء الاصطناعي سلاحًا ذا حدين: أداة للهجوم والدفاع في الوقت نفسه. تبادل الاتهامات بين الصينوالولاياتالمتحدة الصين تتهم وكالة الأمن القومي الأمريكية باختراق مركز التوقيت الوطني وسرقة بيانات حساسة. واشنطن ترد باتهام بكين باستخدام الذكاء الاصطناعي في التجسس والهجمات الرقمية. «مايكروسوفت» ترصد تصاعدًا في استخدام الخصوم الأجانب الذكاء الاصطناعي لأغراض هجومية. الصينوإيران وروسيا تنفي تورطها في أي عمليات تخريب أو تجسس رقمي. تصاعد الحرب الإلكترونية يعكس امتداد التنافس الأمريكي-الصيني إلى المجال الرقمي والذكاء الاصطناعي.