في هذا اليوم الوطني المجيد، 23 سبتمبر من كل عام، لا نحتفي بذكرى التأسيس فحسب، بل نستحضر قصة وطنٍ وُلد من رحم الصحراء ليصبح قوةً مؤثرة في مسار التاريخ الإنساني. يومٌ من أيام الوحدة التي صنعها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيّب الله ثراه، حين غرس شجرة الاتحاد فصارت ظلًا وارفًا للعزة والأمن، وقاعدةً راسخة لبناء دولةٍ باتت اليوم قلبًا نابضًا للعروبة وعنوانًا للاستقرار الإقليمي والدولي. المملكة العربية السعودية لم تكن يومًا مجرد كيان جغرافي، بل مشروع تاريخي متجدد؛ فمنذ لحظة التأسيس وحتى عهدنا الحاضر، تظل الدولة السعودية ركيزة أساسية في معادلات الأمن العربي وميزانًا دقيقًا في توازنات المنطقة. ومن الرياض، مركز القرار العربي والإسلامي، تنبثق رسائل الحكمة والاعتدال، وتُدار الملفات المعقدة، بدءًا من استقرار أسواق الطاقة العالمية، ومرورًا بأمن الممرات البحرية، وصولًا إلى مبادرات السلام والتنمية في الشرق الأوسط والعالم. وفي ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله، تخطو المملكة خطوات واثقة في مشروع تحول إستراتيجي شامل، تُرسم ملامحه في رؤية 2030. رؤية لا تهدف فقط إلى تنويع الاقتصاد، بل لإعادة صياغة موقع المملكة على الخريطة الدولية؛ قوةً استثمارية رائدة، ومركزًا عالميًا للطاقة والتقنية، وبيئةً جاذبة للمستقبل. إنها رحلة من الدولة الريعية إلى الدولة المحورية الفاعلة في الاقتصاد العالمي. أما على الصعيد السياسي، فقد أثبتت المملكة أن دبلوماسيتها ليست مجرد رد فعل على الأزمات، بل صناعة استباقية للتوازنات. دبلوماسية جمعت بين الحزم في الدفاع عن السيادة والانفتاح على الشراكات الدولية، فأصبحت السعودية لاعبًا لا يمكن تجاوزه في الملفات الإقليمية الساخنة؛ من اليمن إلى أمن الخليج، ومن الاستقرار الإقليمي إلى الحوار الدولي. إنها سياسة تحافظ على الثوابت وتُحسن قراءة المتغيرات، لتضع المملكة في موقع القيادة لا التبعية. وفي عالم يضطرب بالتحولات الجيوسياسية، حيث تتغير موازين القوى وتتسارع التكتلات الاقتصادية، تبقى السعودية الصوت الأكثر اتزانًا في سوق الطاقة، والركيزة الأهم في أمن الإمدادات العالمية. فهي لا تدير ملف النفط كسلعة اقتصادية فحسب، بل كأداة توازن إستراتيجي تحمي استقرار العالم بأسره. واليوم، شعبًا وقيادة، نقف في اليوم الوطني 23 سبتمبر لا لنحتفي بالماضي وحده، بل لنجدّد العهد على حماية الحاضر وصناعة المستقبل. نعلن الولاء لقيادة حكيمة، ونرفع الراية الخضراء رمزًا للسيادة والكرامة، مؤكدين أن هذا الوطن سيبقى - بعون الله - صخرةً صلبة أمام العواصف، وحصنًا منيعًا في وجه التحديات، ورسالةً خالدةً للعالم: أن المملكة العربية السعودية وُجدت لتبقى، شامخةً بدينها، راسخةً بثوابتها، فاعلةً في مستقبل أممها. فيا وطن العز، لك المجد في ماضيك، والسؤدد في حاضرك، والمستقبل كله لك... ما دامت السماء تعانق رايتك.