من أبرز أسباب تفشي الفساد الإداري والمحسوبيات في بعض المؤسسات أن تتركز مواقع القيادة في يد أشخاص ينتمون إلى مكان واحد أو دائرة اجتماعية ضيقة. فحينها يسهل توظيف العلاقات الشخصية في اتخاذ القرارات، على حساب الكفاءة والعدالة. أما حين تُبنى القيادات على أساس التنوع الجغرافي والمهني، بحيث لا تقتصر على فئة واحدة، فإن ذلك يخلق بيئة أكثر نزاهة وشفافية. فالقائد القادم من خارج محيطه الاجتماعي المعتاد يكون أقل عرضة للتأثر بالعلاقات الشخصية أو الضغوط المحلية، وأكثر التزامًا بالمعايير المهنية الموضوعية. اعتماد هذا النهج في المؤسسات يشكل وسيلة فعالة لمكافحة الفساد، وكسر دوائر الواسطة، وتفكيك شبكات المصالح الضيقة. كما أنه يعزز الثقة في عدالة القرارات، ويفتح المجال أمام الكفاءات لتتقدم بجدارة، بعيدًا عن الاعتبارات الشخصية أو الاجتماعية. وتشير التجارب الدولية إلى أن " التنوع في القيادات لا يثري العمل المؤسسي فحسب، بل يحصّنه من الانحرافات الإدارية" . وفي السياق المحلي، يتسق هذا التوجه تمامًا مع مبادئ رؤية 2030 التي تؤكد على النزاهة، تكافؤ الفرص، وترسيخ العدالة المؤسسية. وفي النهاية، يمكن القول إن التنوع في القيادات ليس مجرد خيار تنظيمي، بل أداة إستراتيجية لكبح الفساد والمحسوبية، وضمان أن تظل الكفاءة والنزاهة المعيارين الحاكمين في مسيرة أي مؤسسة. فنحن جميعًا أبناء وطن واحد، والقيادة فيه حق للكفاءة حيثما وُجدت، لا لاعتبارات المكان أو القرابة، وبذلك تتحقق العدالة المؤسسية التي تحمي الوطن وتخدم تنميته المستدامة. *أستاذ المحاسبة المساعد بجامعة جازان