مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (10843.20) نقطة    عملية نادرة في مستشفى الملك سلمان تعيد النور لمريضة تجاوزت 111 عامًا    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة العيدابي ويطّلعان على مشروعاتها التنموية    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل رئيس ووكلاء جامعة جازان    أمير القصيم يدشّن مشاريع بلدية بمحافظة البكيرية ب 140 مليون ريالا    جامعة الأمير محمد بن فهد تُنجز المرحلة الأولى من مشروع الطاقة الشمسية    مختصون يقدمون استشارات قانونية وسلوكية وأسرية مجانية ... الأربعاء    فيصل بن مشعل يرعى توقيع اتفاقية دعم "أهالي البكيرية الوقفية" لبرنامج المدينة الصحية    أمير حائل يستقبل استشاري تبرع بجزء من كبده لطفلة مريضة    الخارجية الفلسطينية تُطالب المجتمع الدولي بإجراءات فورية لوقف حرب الإبادة في غزة    "الصحة العالمية" تُدين الهجمات الإسرائيلية على مقارها وموظفيها في دير البلح بقطاع غزة    محامٍ يدعو لتصنيف الذكاء الاصطناعي كممارس صحي غير بشري لتفادي التبعات القانونية    مطار أبها يعتمد إجراءات جديدة لشحن السمن والعسل    السفارة السعودية في سوريا تتيح تراخيص السفر لرجال الأعمال السعوديين والسوريين    البيئة تعلن تمديد مهلة الحصول على رخص استخدام مياه الآبار لمدة عام    السعودية ترحب بمطالبة دولية لإنهاء حرب غزة    تقارير.. الأهلي يرفض التواجد في السوبر    أكثر من 7 آلاف طفلٍ استفادوا من مركز ضيافة الأطفال في المسجد النبوي    'الحياة الفطرية' توضح حقيقة ظهور قرود البابون في الرياض    الشؤون الإسلامية في جازان تشارك في اليوم العالمي للعلاقات العامة 2025 م    تدمير 77 مركز قيادة للطائرات المسيرة الأوكرانية    جامعة جازان تُطلق برامج جامعية قصيرة ضمن مبادرات برنامج تنمية القدرات البشرية        المسرح ورهانات المستقبل".. أمسية ثقافية بجمعية الثقافة والفنون بجدة    حرارة مرتفعة في الرياض والشرقية و رياح على معظم المناطق    أمير نجران يثمّن جهود الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    الجمعية للثقافة والفنون بالشمالية تنظم مسرحية 'الراعي' بعرعر يوم الأربعاء    المنتخبات السعودية الجامعية تواصل مشاركتها في الألعاب العالمية بألمانيا    أمير القصيم يدشن مشروعين خيريين في البكيرية بتكلفة 10.5 ملايين ريال    أمير القصيم يزور مقصورة السويلم التراثية في البكيرية    لا علاقة بين يوم الميلاد وشخصية الإنسان    تقنية تحسن عمى الألوان    الوحدة ليست وباء بل تجربة إنسانية    حذر من مفترق طرق خطير.. المبعوث الأمريكي ينتقد تدخل إسرائيل في سوريا    انطلاق موسم صيد الروبيان بالشرقية ب710 تصاريح    رئيس باكستان يمنح رئيس أركان القوات البحرية وسام "نيشان الامتياز" العسكري    أكدت أن أمانات المناطق ترصد المخالفات.. "البلديات والإسكان": 200 ألف ريال غرامة تقسيم الوحدات السكنية ل»الاستثمار»    بدء التقديم على مقاعد دراسة التمريض في البحرين    الأمير عبدالعزيز بن سعود يلتقي وزير الدولة لشؤون الأمن بوزارة الداخلية البريطانية ويزور ثكنات ويلينجتون العسكرية    انطلاق منافسات بطولة العالم للبلياردو 2025 في جدة    الأخضر الأولمبي يفتتح مشواره في الدورة الدولية بمواجهة أوزبكستان    النصر يقلد الهلال    10 ملايين زائر للمواقع والفعاليات الثقافية في 2024    فيلم «الشاطر» يتجاوز ال 15 مليون جنيه خلال 4 أيام    المغنية الفرنسية Ghostly Kisses تشدو في موسم جدة    في كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. فريق Gen.G Esports الكوري يحصد بطولة League of Legends    أكاديمية الإعلام السعودية تقيم اللقاء الافتتاحي لمسار "قادة الإعلام"    المفتي يطلع على أعمال جمعية البر    "واتساب" يدخل الإعلانات لحسابات المستخدمين    تصعيد متبادل بين الطرفين.. غارات إسرائيلية تستهدف مواقع الحوثيين بالحديدة    محامية تعتدي على زملائها ب" الأسنان"    مليون ريال غرامات بحق 8 صيدليات مخالفة    أكد رفع التنفس الاصطناعي خلال 4 أيام.. الربيعة: استقرار حالة التوأم "يارا ولارا" بعد عملية الفصل    ناشئو أخضر اليد يبدأون معسكرهم في سلوفينيا استعداداً لمونديال مصر 2025    1.9 مليون مصلٍ في روضة المسجد النبوي    «تطوير المدينة» تُنفّذ 16 مبادرة لخدمة ضيوف الرحمن    "السينما.. فن المكان" شعار مؤتمر النقد السينمائي الثالث..    أمير جازان يستقبل مدير فرع إدارة المجاهدين بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شروحات ابن رشد كأداة للهيمنة
نشر في الوطن يوم 15 - 07 - 2025

أشرنا في المقالة السابقة لمشروع ابن رشد العلمي وعلاقته بالفلسفة والفلاسفة، وكيف أن حقيقة مشروعه تعكس عداءً مبطنا للفلسفة، عكس الصورة النمطية لابن رشد بوصفه محبا للفلسفة ومعجبا بأرسطو. ولأن ابن رشد شخصية سياسية فشروحاته وتعليقاته يجب أن ننظر لها من زاوية سياسية وتحت شعار «الغاية تبرر الوسيلة». عُين ابن رشد قاضيا في قرطبة ثم قاضيا في أشبيلية وغيرها من مدن الأندلس في زمن دولة الموحدين. كان منصب «القاضي» آنذاك يمثل سلطة مرموقة ذات طابع سياسي في الدولة، فالقاضي يشارك في تعيين وتزكية القضاة في مختلف الأقاليم، وينظر في القضايا ذات الأثر الكبير على الدولة، ويعد مرجعية شرعية للخليفة نفسه، ويقع على عاتق القاضي محاربة البدع والانحرافات العقدية.
وكما نعلم أن دولة الموحدين رفعت شعار «التوحيد» ومحاربة الانحرافات العقائدية، وكان للقاضي دور كبير في مراقبة الانحرافات العقائدية والتصدي لها قضائيا وعلميا، بالتالي يمكن النظر لمشروع ابن رشد بوصفه «قاض» على أنه شكل من أشكال الرقابة القضائية والعلمية على العقائد الدينية السائدة في مجتمعه، وكثير من شروحاته وتعليقاته للمنطق الأرسطي لا تخرج عن دائرة الرقابة العلمية على أساطير اليونان ومعتقداتهم الدينية التي كانت منتشرة نسبيا بين أقليات دينية دخلت المجتمع الإسلامي وهي تحمل ولاء وانتماء لثقافات وعقائد سابقة للإسلام.
ولأن ابن رشد يحظى بصلات مباشرة مع الخليفة فقد كان مسؤولا عن التأكد من التزام الناس بالعقيدة الرسمية لدولة الموحدين، وهي عقيدة التوحيد بما في ذلك من منع القول بالتجسيم أو التشبيه أو نفي الصفات أو تأويلها تأويلا يتعارض مع عقيدة السلف، والتحقيق مع من يتهمون بالزندقة، وضمن هذه المهام قدم ابن رشد شروحات وتعليقات وتلخيصات لكتب الفلاسفة، وهي مهام ذات طابع سياسي، فابن رشد لم يكن محبا للفلسفة ومعجبا برموزها بل يتعامل معها بحياد مطلق ورغبة في الفهم والتحليل لتسهيل عملية إدارة التنوع الثقافي ليسهم بذلك في تحقيق الوحدة السياسية والدينية وضمان التعايش السلمي بين الأقليات.
يتعامل ابن رشد مع الفلسفة والمنطق الأرسطي بمنطق السياسي الذي يسعى للتعرف على ثقافة الأقليات الدينية ومدى تعارضها مع ثقافة المجتمع السائدة، فابن رشد ليس مجرد موظف قضائي عادي بل شخصية علمية واجتماعية ذات ثقل يستمد قوته من رجالات الدولة وعلماء المدن، وبالتالي فهو مصدر مهم لفهم الرأي العام ورصد اتجاهات الناس الفكرية ومدى مقاومتها الدينية والمذهبية. وبناءً على هذا الأساس يمكن النظر لحقيقة مشروع ابن رشد بوصفه شخصية اعتبارية في دولة نشأت على أساس دعوي- عقائدي- إصلاحي، وابن رشد بشروحاته للمنطق الأرسطي يمارس وظيفة سياسية تسعى لرصد التحولات الفكرية والتطور في مجال العقائد، فالأساطير اليونانية ذات نفوذ ديني على مجموعة من الأقليات الدينية في الدولة الإسلامية.
ابن رشد وإن كان مشروعه ذا طابع سياسي فإنه يتعامل مع تراث الفلسفة اليونانية بعقلية علمية موضوعية غير تبشيرية ولا اتهامية ودون تشويهه أو محاكمته بشكل مباشر، فهو يتعامل مع الفلسفة كمادة محايدة للدراسة. كما كان المستشرقون يستخدمون تراث الشعوب الشرقية للتحكم بهم نفسيا واجتماعيا بشكل ناعم ومعرفة أشكال الولاء والانتماء وأساليب الإقناع، فالمعرفة شكل من أشكال ممارسة القوة والهيمنة، وعلى هذا الأساس يمكن معاملة شروحات ابن رشد للتراث اليوناني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.